النجاح الذي حققه العالم بالتأثير على منابع تمويل «حزب الله» واعتراف أمينه العام بالصعوبات المالية التي صار يواجهها هذا الحزب وتؤثر على نشاطه سيرد عليه النظام الإيراني بنشر الفوضى في العديد من الدول التي يعتقد أنها اليد التي توجع الولايات المتحدة والدول الكبرى. هذا هو أسلوب هذا النظام وطريقته وواحد من أهم أسباب استمراره. والأكيد أن النظام الإيراني سيعمد إلى الاستفادة من النظام القطري والميليشيات التابعة لهما لتحقيق ذلك. هذا يعني أن العديد من الدول على موعد مع الفوضى ومحاولات زعزعة الاستقرار، لهذا فإن على الدول التي شاركت في عملية التأثير على منابع تمويل «حزب الله» أن تتشارك في حماية الدول المحتمل تعرضها لكيد النظامين الإيراني والقطري ومنع هذا النظام وميليشياته من تحقيق ما يسعون إليه.

واقعاً لن يعدم النظام الإيراني ومن معه طريقة لدعم «حزب الله» وتوصيل المال والسلاح له. هذه حقيقة ينبغي من الذين يسعون إلى إضعاف هذا الحزب أن يدركوها جيداً، وعليهم ألا يعتقدوا بأن ما تحقق يكفي لإنهاء وجوده. نعم هو تأثر دونما شك، وهو قابل للتأثر أكثر والدخول في حالة ارتباك، لكنه لم يضعف، ولن يضعف لو أن خطوات أخرى لم تلحق بالخطوة الأولى، فالنظام الإيراني ومن معه سيعمدون إلى الاستفادة من كل فرصة لتوصيل ما يريدون توصيله إلى ذلك الحزب.

تمكن النظام الإيراني من القرار العراقي يوفر له العديد من الفرص للاستمرار في تمويل «حزب الله» ولنشر الفوضى وزعزعة استقرار الدول التي يعتبرها الحلقة الأضعف، وتمكنه من القرار السوري يوفر له فرصاً أخرى لتحقيق ذلك، وتمكنه من القرار اللبناني ومعرفته بدقائق الأمور في هذا البلد يوفر له فرصاً أكبر، وليس بعيداً أن يزيد من تحركه في اليمن بغية توفير رسالة عملية مفادها بأنه ليس قادراً على القيام بعملية التمويل فقط وإنما فعل كل ما يريد فعله وخلط الأوراق.

ما قام به العالم لإضعاف «حزب الله» مهم جداً ومشكور لكنه لا يكفي، فالأهم هو إضعاف النظام الإيراني، والأهم أيضاً هو إضعاف علاقته بالنظام القطري الذي لن يتردد عن تمويل هذا الحزب وكل حزب يشعره بأن ينتقم لنفسه ويعينه على تحقيق مآربه. طالما بقي النظامان الإيراني والقطري على حالهما فإن الحديث عن انتهاء «حزب الله» يبقى في دائرة التمني، فهذا الحزب ابن النظام الإيراني وصار النظام القطري عمه، ولا يمكن للنظامين أن يتخليا عنه، فهو أداتهما وسلاحهما.

إشغال النظامين الإيراني والقطري بنفسيهما هو الطريق لإضعافهما ومنعهما من تمويل «حزب الله» وتمويل الإرهاب إجمالاً. دعم «مجاهدي خلق» و»المعارضة القطرية» يؤدي إلى إضعاف النظامين وإضعاف «حزب الله» في آن وإلى تراجع العمليات الإرهابية في كامل المنطقة. إضعاف النظامين الإيراني والقطري يؤدي بالضرورة إلى إضعاف «حزب الله» وكل الميليشيات التابعة لهما وإلى القضاء على الإرهاب، فهما رأس الإرهاب وعنوانه، بل الإرهاب كله.

منع وصول المال والسلاح إلى «حزب الله» أمر مهم وما تم حتى الآن في هذا السبيل جهد مقدر ومشكور لكنه لا يحقق الغاية المرجوة. إضعاف النظامين الإيراني والقطري يحقق الغاية ويخلص كل المنطقة من الإرهاب، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بإشغال هذين النظامين بنفسيهما وجعلهما يخصصان كل تومان وريال ليضمنا لنفسيهما عدم السقوط.

«حزب الله» يحصل على ما يريد من أموال وسلاح من النظام الإيراني وبمعونة النظام القطري، وكل الميليشيات التابعة لهذين النظامين تعمل على دعم هذا الحزب وجعله يستمر في نشاطه السالب وستعمل على إحداث الفوضى المراد إحداثها لكي يبقى.