القاهرة – عصام بدوي

سادت حالة من الذعر وجدل واسع النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وخاصة بين موظفي المؤسسات الحكومية وقطاع ‏الأعمال العام بعد صدور توجه حكومي بفصل من يثبت تعاطيه المخدرات من العاملين.‏

وقد بدأت أجهزة الدولة المصرية تحركات واسعة للكشف عن المتعاطين من خلال حملات لتحليل المخدرات، بدأت منذ أيام في ‏مؤسسات الدولة، وإخضاع موظفي الدولة لتلك التحليلات.‏



وجاء تدشين تلك الحملات بعد أيام من قيام مجلس الوزراء المصري بمناقشة تعديلات تشريعية لتشديد عقوبة التعاطي وتطبيقها على ‏جميع العاملين بالدولة.‏

وقالت مصادر لـ"الوطن"، إن "تلك التحركات وغيرها تمثل في مجملها خطة متكاملة لحصار متعاطي المخدرات وتنقية دواوين ‏الحكومة من هؤلاء الذين أصبح استمرارهم خطراً داهماً على أرواح المواطنين، خاصة بعد حادث قطار محطة مصر الذي راح ‏ضحيته أكثر من 20 قتيلاً على أقل تقدير وأكثر من 50 مصاباً في 28 فبراير الماضي، والذي أثبتت خلاله التحقيقات تعاطي ‏سائق القطار مادة مخدرة تدعي "استروكس".‏

الذعر والجدل الذي اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، جاء بسبب ما ينص عليه قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية، حيث يقر ‏القانون بإجراء تحليل المخدرات بشكل دوري ومفاجئ وعشوائي على موظفي الحكومة، وأن يكون مصير من يثبت ضده هذا الأمر ‏الفصل النهائي من الخدمة.‏

‏ وحول قوانين العمل ولوائحها والتي تتعلق بهذا الأمر، كشف محمد وهب الله، الأمين العام لاتحاد عمال مصر وعضو مجلس ‏النواب، لـ"الوطن"، إنه "وفقاً لقانون الخدمة المدنية وبالتحديد في المادة 69 يتحدث عن إنهاء خدمة العامل للظروف الصحية"، لافتاً إلى ‏أن "المادة 177 من لائحة القانون تتحدث عن فصل العامل إذا ثبت أنه مدمن".‏

وكشف وهب الله، أن "كافة قوانين العمل السابقة تتحدث عن التعاطي، ولكنها تقر بجزاءات أخف من الفصل"، لافتاً إلى أن "قانون العمل ‏الجديد أعطى الحق لصاحب العمل بإجراء الكشف الطبي الدوري أو المفاجئ للمتعاطين وله الحق في إنهاء خدمته".‏

‏ وأشار الأمين العام لاتحاد عمال مصر، إلى أن "قانون الخدمة المدنية يتعلق بحوالي 6 ملايين ونصف مليون عامل، وأن هذه ‏الإجراءات التي بدأت تتخذها الدولة والخاصة بحملات تحليل المخدرات للعاملين والفصل للحالات الإيجابية ستكون بمثابة ردع لكافة ‏العاملين، وتعمل على إعادة الانضباط داخل كافة مؤسسات الدولة"، قائلاً، "كل عامل هيخاف على نفسه من الفصل ومصير أسرته".‏

من جانبه، قال شعبان خليفة، رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، إن "إجراء تحاليل مفاجئة للعاملين في الجهاز الإداري للدولة ‏للكشف عن تعاطى العاملين بالجهاز الإداري بالدولة قد تكون نتائجها كارثية، لن تتوقف عند إنهاء خدمة الموظف، وإنما قد تمتد ‏لتتسبب في تدمير استقراره الأسري والاجتماعي في ظل وجود ما يقرب من 5.6 مليون موظف بالجهاز الإداري للحكومة".‏

من جهته، قال د. علي عبد الرؤوف الإدريسي الخبير الاقتصادي، إن "هذا الموظف يتصف بقلة الإنتاج نظراً لتأثره بالجرعة المخدرة"، ‏لافتاً إلى أن "قلة الإنتاج تؤثر سلباً علي الاقتصاد القومي".‏

واقترح الخبير الاقتصادي "تعميم هذه التحاليل، لتشمل طلاب الجامعات وألا تقتصر فقط على الموظفين"، معللاً ذلك بأن "الموظف ‏المتعاطي في الغالب يكون متعاطيا من فترة الشباب والمراهقة"، قائلًا، "يمكننا إطلاق مبادرة تحت مسمي "جامعات بلا مخدرات"".‏

وأيد رواد مواقع التواصل الاجتماعي خضوع الموظفين لتحليل الكشف عن المخدرات، لكنهم رفضوا فصل الموظف في حال ثبوت ‏تعاطيه قائلين، "موافقون على التحليل وفصل الموظف ولكن.. حرام نقطع عيشه من أول مرة".‏

وطالب رواد المواقع منح الموظف فرصة قبل الفصل وبعد علاجه إذا عاد للتعاطي مرة أخرى يتم فصله، بينما طالب البعض بتحمل ‏الدولة تكلفة علاج الموظف الذي يتبين تعاطيه للمخدرات، وذلك أسوة بحملة 100 مليون صحة التي تكشف عن الأمراض غير ‏السارية وتتكفل بعلاج المواطنين على نفقة الدولة.‏