ما أن توقفت سيارتي بالقرب من الإشارة الضوئية إلا وانتشر عدد من الشباب البحرينيين بين السيارات يبيعون بعض المنتجات البسيطة كعلب الماء وخبز الرقاق والكنار.

جلست أراقب هؤلاء الشباب الذين كانوا يطلبون الرزق بهمة وجد واجتهاد، فطلب الرزق ليس بعيب مهما صغر حجم العمل مادام كان هذا العمل حلالاً.

ولأن الزحمة في البحرين لا تطاق، جلست أراقب هؤلاء الشباب عن كثب، كان واحد منهم يجلس بالقرب من قناني الماء يدخن سيجارته ويحرس البضاعة، ويتصفح الإنترنت من هاتفه الذكي، أما الثلاثة الآخرون فكانوا يحاولون أن يقنعوا السائقين بالشراء منهم، بعضهم كان يشتري منهم بدافع الإحسان، باعتبار أن ما يقومون به هو نوع من التسول غير المباشر، والبعض الآخر كان يشتري منهم لرغبتهم في الحصول على السلعة.

ودار في بالي عدد من التساؤلات:

* هل ما يقوم به هؤلاء الشباب البحرينيون المجتهدون صح أم خطأ؟ نظامي أم غير نظامي؟ فالعمل حق وطلب الرزق الحلال والسعي أمر محمود؟

* هل يسد ما يقوم به هؤلاء الشباب العوز والحاجة؟ ويكفي للوفاء بمتطلبات الحياة الصعبة التي نعيشها؟

* ماذا لو دهست إحدى السيارات واحداً من هؤلاء الشباب؟

* ماذا لو تسمم أحد المواطنين أو المقيمين من بعض السلع التي يبيعها هؤلاء الشباب؟

والسؤال الأهم هو كيف نستطيع أن نساعد هؤلاء الشباب على القيام بعمل لائق وآمن بدلاً من البيع في الشوارع بشكل عشوائي؟

أذكر أنني كنت أستغرب عندما أسافر لعدد من الدول التي يكثر فيها البيع العشوائي في الشوارع كنوع من التسول غير المباشر، كأن يبيع أحدهم مناديل ورقية، أو ورود، أو أي نوع من المكسرات.

وها أنا أرى الشيء يحدث في وطني الغالي البحرين، قد يقول لي أحدهم أن الحاجة هي الدافع وراء ما يقوم به هؤلاء الشباب، وحتما بأنني سأتفق معه فيما يقوله، فأكيد بأن العمل مهما صغر هو أرقى وأكرم من مد اليد والبطالة، ولا شك في أنني أطلق هذا الموضوع لنضع حلولاً ناجعة لضمان توفير عمل لائق لهؤلاء الشباب ولكي نقضي على هذه الظاهرة تماماً.

* رأيي المتواضع:

فكرة منح تراخيص لإقامة أكشاك صغيرة في بعض المناطق قد تكون فكرة جيدة إذا ما تمت دراستها ووضع أطر قانونية لها.

فنحن لا نقبل أن تنتشر ظاهرة البيع عند إشارات المرور، ولا نقبل أن يعمل أبناؤنا البحرينيين بهذه الطريقة العشوائية غير المنظمة والتي قد يكون فيها إهدار لكرامتهم أو تعرضهم للمخاطر.

جهود كثيرة بذلت لتذليل الصعوبات أمام الشباب العاطلين عن العمل، ونأمل أن نرى جهوداً أكبر، مع الأخذ في الاعتبار كذلك أن بعض هؤلاء الباعة عند الإشارات الضوئية فتية صغار لم يصلوا للسن القانوني لممارسة العمل.

فلنفكر جميعاً لإيجاد حلول يستفيد منها هؤلاء الشباب المجدين للحصول على العمل في التجارة بأسلوب مقنن يضمن كرامة الوطن والمواطن.