السعودية تسمي 12 دولة تغذي خطاب الكراهية ضد المسلمين، جاء ذلك على لسان فهد المطيري، رئيس قسم حقوق الإنسان في البعثة الدائمة للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف، حيث أعرب باسم بلاده عن «القلق من بعض الخطابات والسياسات العنصرية في بعض الدول من بينها أستراليا، وآيسلندا، ونيوزيلندا، وكندا، وهولندا، وبلجيكا، وألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، والنرويج، والدنمارك، والسويد». بدأنا إذاً نملك الجرأة أن نقول إن الإرهاب موجود عندكم أيضاً.

فإن كانت أرواح الشهداء التي ارتقت إلى بارئها إثر المجزرة الإرهابية التي وقعت في نيوزيلندا ستعلمنا شيئاً، فهو أن نبدأ نحن بالمبادرة ونشير بأصابعنا إلى أن الحرب علينا كمسلمين والهوان بنا لا بد أن يتوقف، فهذه الجريمة هي نتيجة تلك التغذية السامة ضدنا طوال العقود الماضية.

المجزرة البشعة التي ارتكبها الإرهابي برينتون تارانت الأسترالي الجنسية لم تكن وليدة لحظتها كمس جنون أصابه في لحظة، بل جريمة تم التخطيط لها منذ فترة تزيد عن الشهرين كما صرحت رئيسة وزراء نيوزيلندا وكما اعترف هو في محاكمته بدم بارد، ونزيد على ذلك أن من خطط لها لم يبلغ تلك الدرجة من الحقد والكره منذ شهرين فقط، بل هي مشاعر تراكمية وزراعة وغرس فكري يومي طويل المدى لا بد أن تغذيتها متكررة حتى تصل إلى هذه الدرجة من الكره، فلن يقتل بدم بارد كما فعل هذا الإرهابي إلا شخص مؤمن ومقتنع بأنه إنما يفعل أمراً صالحاً وخيراً لبني جنسه ويقدم خدمة للبشرية!!

هذا الإرهابي يمثل شريحة يمينية غربية متطرفة تتغذى على خطاب الكراهية على كل من هو عربي ومسلم وبشكل مستمر، وتؤمن أنها فئة بشرية مختارة ولها الأفضلية على بقية البشر، ولن يدخل الجنة سواها، بهذه الأفكار تتصالح هذه الفئة مع جريمة القتل وترتكبها بدم بارد، ولطالما اتهمونا كمسلمين أننا وحدنا من نغذي تلك الأفكار.

ولنكن واضحين ونعلنها بكل جرأة للمجتمع الدولي كله، أن من بيننا مجانين من تلك الفئة التي تؤمن أن جز الرقاب ونحرها يؤمن لهم دخول الجنة، إنما عليهم أن يملكوا ذات الجرأة ليعلنوا أن هناك مجانين من بينهم ومن بين كل الأديان والأجناس يتشاطرون ذات المعتقدات، ولنملك الجرأة جميعنا أن نعترف بأن الوصول إلى قناعة الإرهاب والقتل بدأت بأفكار صغيرة باحتقار الآخر وعدم السلام عليه وإقصائه وانتهت بقتله، ولا بد أن برينتون بدأ حقده وكرهه صغيراً ثم نما.

وهذا ما يجب أن يعرفه العالم كله، هذا ما يجب أن تقوله هذه القصة للمجتمع الدولي، هذا ما يجب أن يعيه كل من يتهم المسلمين أنهم وحدهم المتطرفون وأن القتل وجنون الإرهاب حكر على داعش والقاعدة، بل هو موجود عند الحشد الشعبي وحزب الله وعند تنظيم الإخوان المسلمين الذين حظوا برعاية دولية في يوم ما، وعند بقية الميليشيات المسلحة التي تغذيها إيران بالحقد والكره الذين يرعاهم اليسار الغربي، وجنون الإرهاب موجود بين المسيحين وبين اليهود وحتى بين الملحدين، فالإرهاب لا دين له.

من يجز الرقاب ويحرق البشر أحياء ويعلقهم على الرافعات لا يقل إجراماً عن من يرميهم بالرصاص وهم ساجدون لله كما فعل هذا الأسترالي، جنون لا يغذيه متطرفو المسلمين فقط، بل جنون يغذيه متطرفو المسيحيين واليهود وأي معتقد آخر.

وليست نيوزيلندا إرهابية، ولا الشعب النيوزيلندي إرهابياً ومثلما نرفض التعميم علينا، ونؤكد للآخرين أنه ليس كل مسلم إرهابياً وليس كل عربي إرهابياً، كذلك سندافع عن الشعب النيوزيلندي الذي تعاطف معنا وأعلن تضامنه مع الشهداء رحمة الله عليهم، فلا نظلم الآخرين مثل من يعمم علينا الإرهاب.

لا نريد أن نكون كهؤلاء العنصريين الذين ينظرون لكل أسمر للون بأنه إرهابي، فليس كل أشقر إرهابياً كذلك.

وإن كنا سنتعلم من هذه المأساة شيئاً فإننا لا بد ألا نسمح أن يكون منا مثل هذا المجرم الإرهابي أو يرتكب جريمة إرهابية كهذه باسمنا كمسلمين.

وأن نملك الجرأة أن نأخذ على يد من يغذي الكراهية للآخر بيننا، ونملك الجرأة كذلك أن نشير للآخر من غربيين وغيرهم حين يتجاوزون في حقنا ويسمحون لخطاب الكراهية أن ينتشر ضدنا بحجة حرية التعبير، لا نظلم الآخرين إنما لا نظلم أنفسنا قبل ذلك.