إن كلا الكاتبين أحدهما زميل وصديق والآخر أستاذ قرأت العديد من كتاباته في السنوات الماضية، وتعليقي بالاتفاق تماماً مع الأفكار التي طرحها د.مصطفى الفقي في ضرورة أن يكون إنشاء الكنائس والمساجد مرتبطاً بإنشاء المستشفيات والمدارس، فعلاج الإنسان وتعليمه هو عمل مجتمعي إنساني، أما إنشاء الكنائس والمساجد فهو صلة بين العبد وربه، والأولى أولى من الثانية، فالبشر هم محور الاهتمام والتكريم الرباني كما ورد في الكتب المقدسة.

أما مقال د.مراد وهبة فهو يطرح موضوعاً هاماً حول المواطنة المصرية، وأتفق معه في الأفكار التي عبر عنها. وإن كان لي بعض الملاحظات الموضوعية على ثلاثة مصادر من التي وردت في مقال سعادته.

أولاً: كتاب «سكوت»، وثانياً فكر الحزب السياسي الإسلامي المسمى بمختلف طوائفه «الإخوان المسلمين»، وثالثاً تجربة كل من جماعة الإخوان المسلمين والجماعة القبطية وموقفها من حزب الوسط، وأخيراً المادة الثانية من الدستور بالنسبة للشريعة كمصدر رئيس للقانون وعلاقة ذلك بمفهوم المواطنة، تعليقي على بعض مصادر مقال الأستاذ الدكتور مراد وهبة الآتي:

1- هو الاعتماد على كتابات، فالكاتب «سكوت» ليس حجة ولا فهمه يكون دقيقاً، وكنت أتصور أن الدكتور وهبة كأستاذ جامعي ومفكر كبير يقدم لنا وجهة نظره.

2- إن مفهوم المواطنة مفهوم حديث ولكن الالتزامات والحقوق هي مفهوم قديم، وأذكر صحيفة المدينة التي أصدرها النبي محمد أكدت وحدة الحقوق والواجبات بين المسلمين والمسيحيين واليهود بل وبين المشركين في المدينة ومفهوم الشريعة المختصر «لهم ما لنا وعليهم ما علينا»، أما المفارقة فهي في السلك السياسي لبعض الأنظمة في بعض دول المنطقة.

3- إن قراءتي لتاريخ مصر منذ الفراعنة حتى اليوم، وعبرت عن ذلك في كتبي عن مناقشتي لمفهوم المواطنة أنها مبدأ سياسي وليس دينياً وأن المواطنة المصرية بوجه خاص ذات خمسة أبعاد هي البعد الفرعوني والبعد القبطي والبعد الإسلامي والبعد القومي العربي والبعد الحديث النابع من فكر ومفاهيم حقوق الإنسان. وإن قيام الكنيسة بحماية المسيحيين تبقى مرحلة ثانية سابقة ويمكن إرجاعها للظروف التاريخية في السبعينات حيث برز التشدد الديني الإسلامي، إنما اليوم في دستور 2014 وفي عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي وعهد البابا الراحل شنودة والبابا الحالي تواضروس وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، فليس ثمة تفرقة بين المسلم والمسيحي. وأستذكر أن مصطلح قبطي يعني «مصري» وليس مسيحياً فقط، فمعظم المسلمين وأغلبية المسيحيين المصريين لهم علاقة وثيقة بمفهوم قبطي لأنه من مصطلح كميت الفرعوني ومصطلح ايجيبتوس اليوناني. والكنيسة مثل المسجد وهما وفقاً للقيم الدينية الصحيحة ليس لهما دور في السياسة ومبادئها.

وأخيراً؛ إنني أدعو إلى الوحدة الوطنية وكتبت أكثر من مرة عن شهداء الكنيسة في الإسكندرية والمنيا والقاهرة ووسط الدلتا وشهداء المسجد في سيناء. والإسلام الصحيح النقي ليس هو «الإخوان المسلمون» وليست المسيحية الصحيحة هي الأقباط المتشددون، الإسلام الصحيح يتجلى في عهد عمر بن الخطاب ومعاقبته لعمرو بن العاص على مقولة لابنه فيها إهانة لقبطي مصري، وصرف أموال من بيت المال لفقير يهودي كبير السن خير دليل على ذلك وإصدار الرسول محمد عليه الصلاة والسلام صحيفة المدينة إلى جانب أقوال كثيرة لها مصدرها القرآن في قول الله تعالى للمسلمين «لا نفرق بين أحد من رسله».

والدستور المصري واضح الدلالة وإشارته للشريعة الإسلامية يعني القيم وهي تشترك مع الشريعة المسيحية، ومن أقوال السيد المسيح «الله محبة»، و»إن ضربك عدو على خدك الأيسر فأدر له خدك الأيمن»، ونحو ذلك كثير ومع اليهود في الوصايا العشر التي أعطاها الله لسيدنا موسى عليه السلام، وتكررت بوضوح لا لبس فيه في أقوال سيدنا عيسى وأشير له في القرآن باسم عيسى، والسيدة مريم العذراء هي المرأة الوحيدة التي ذكرت في القرآن بالاسم ونزلت سورة باسمها كاملة. أما مصر الفرعونية فكان مفهوم المواطنة كاملاً ما عدا فترة قصيرة من حكم أخناتون. ولسنا في معرض تقديم مقال ديني ولكن مجرد إشارة سريعة وموجزة للتذكير بالقيم والمبادئ المشتركة.