تونس - منال المبروك

تعيش تونس هذه الأيام على وقع الاحتفاء بتتويجها عاصمة للثقافة الإسلامية 2019 حيث اكتست معالم ثقافية ودينية بحلة جديدة بمناسبة هذه التظاهرة التي انطلقت فعالياتها الرسمية الخميس.

ومن جامع الزيتونة المعمور الذي يحتل قبل المدينة العتيقة انطلقت فعاليات التظاهرة حيث تزين الجامع المعمور بأبهى الحلل وأشعت أضوائه على كامل محيطه، كاشفاً عن عمق الحضارة التونسية وتجذر تراثها الديني والإسلامي.



وتمثل تونس المنطقة العربية في هذه التظاهرة كواحدة من بين مدن عربية وآسيوية دأبت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"، على منح تنظيم "عاصمة الثقافة الإسلامية" لعاصمة من المناطق الثلاث منذ عام 2005.

وقال المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"، عبدالعزيز التويجري في مؤتمر صحافي عقد في تونس "في هذا العام تأتي تونس ممثلة للمنطقة العربية، تونس بتاريخها العريق وبعطائها المتميز عبر العصور هي نموذج فريد في تاريخ الحضارة الإنسانية".

وأضاف "تونس دولة عصرية بكل معنى الكلمة، دولة تحترم حقوق الإنسان وتمكين المرأة والتشارك في بناء المجتمع، كل هذه حقائق لا يعرفها الغربيون بشكل منصف، لذلك نحن في هذه الاحتفالية يجب أن نجلي هذه الحقائق، وأن نبلّغ رسالة للعالم بأن الحضارة الإسلامية العربية هي امتداد للمسيرة الإنسانية والحضارات التي سبقتها".

وأشار إلى أن "الإيسيسكو أعدت نحو 17 نشاطاً لهذه المناسبة منها ندوات ثقافية وجوائز تقدم للمبدعين والمبدعات".

وبدأت "الإيسيسكو" تقليد "عاصمة الثقافة الإسلامية"، منذ العام 2005 ودأبت بعد ذلك على إقامة هذه الفعالية سنويا في ثلاث مدن تنتمي إلى قارات ثلاث.

وتعمل تونس على أن يعكس برنامج التظاهرة صورتها المتجذرة في العمق التاريخي والحضاري للبلاد، مع الانفتاح على الثقافات والحضارات الأخرى لذلك استهلت تونس احتفالاتها، الأربعاء، بزيارة الضيوف من مفكرين وأدباء وشعراء وفنانين للمسلك الثقافي والسياحي بمدينة تونس العتيقة التي تضم جامع الزيتونة كأبرز معالم تونس الإسلامية.

ووقع في هذه المناسبة تدشين "ساحة 23 جانفي 1846"، بسوق البركة "سوق المصوغ"، و23 يناير 1846 هو تاريخ مشهود في تونس، عندما قرر أحمد باشا باي إلغاء الرق والعبودية في خطوة جريئة وسابقة بمئة عام على عدد من الدول العربية وبعشرات السنين على أكبر الديمقراطيات في العالم.

وبدأت تونس الاشتغال على احتضان تظاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية منذ عام 2016، حيث عقد مسؤولون من وزارة الثقافة لقاءات متعددة مع وزراء الثقافة العرب، وتفعيل مسار كامل السياسات الثقافية من أجل احتضان هذه التظاهرة الهامة.

وقال رئيس البرلمان التونسي محمد الناصر إن "اختيار تونس عاصمة للثقافة والتراث للعالم الإسلامي سنة 2019 بإجماع المشاركين في فعاليات المؤتمر الإسلامي العاشر لوزراء الثقافة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وعدد من الخبراء، وممثلي المنظمات العربية والدولية المهتمة بالعمل الثقافي، يترجم المكانة التي تتميز بها بلادنا وصورتها المشعة في العالم العربي والإسلامي وفي المجتمع الدولي ككل".

وأكد "أهمية دفع الثقافة للاضطلاع بأدوار أوسع في هذا الظرف الذي يمر به العالم الإسلامي من خلال تعزيز العمل الثقافي بقوة ليكون رافداً للتنمية وسداً منيعاً أمام الفكر المتطرف والقوى الظلامية". وذكر في ذات السياق أن "الثقافة تعد دعامة المواطنة الحقيقية لما تؤسس له من تعامل حضاري وترسيخ لقيم السلام والتسامح وتعزيز لمبادئ الحوار بين الأفراد والمجموعات والشعوب".

ويتزامن الاحتفاء بتونس عاصمة الثقافة الإسلامية 2019 مع مرور 40 على تسجيل مدينة تونس وعلى تسجيل قرطاج في قائمة التراث العالمي، ومرور 10 سنوات على الاحتفاء بالقيروان عاصمة للثقافة الإسلامية، ومرور 63 سنة على استقلال تونس ومرور سنة على افتتاح أكبر مدينة للثقافة في تونس.