إن أكثر الفئات التي يجب الاهتمام والانتباه لها في ظل الظروف والمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الراهنة، سواء المحلية منها والخارجية، هي فئة الشباب من أبناء هذا الوطن. خاصة في ظل الانفتاح الإعلامي وتوفر المعلومة ووقوع الأجهزة الذكية المتاحة في أيديهم مما يجعلهم هدفاً سائغاً لكثير من المنظمات المشبوهة والجهات الأجنبية الطامعة في سحق هويتهم ومستقبلهم عبر تجنيدهم في مشاريع مرتبِكة من حيث يشعرون أو لا يشعرون.

إن فضاء الإنترنت المفتوح على مصراعيه أصبح بيئة خصبة للأفكار المنحرفة والسلوكيات الشاذة كتناول المخدرات وممارسة الجريمة بمختلف أنواعها ومستوياتها، وهو يعتبر -في ظل عدم وجود رقابة أسرية على المواقع التي يدخل إليها شبابنا- أخطر من أوقات الفراغ التقليدية التي كانت محطة للانحرافات الأخلاقية والسلوكية عند الشباب. لكن في اعتقادنا أن الحل في كلتي الحالتين يظل حلاً واحداً وإن تفاوتت بعض حيثياته وتفاصيله.

إن مَلء أوقات فراغ شبابنا لا يكون إلا من خلال رسم برامج واستراتيجيات واقعية تنتشلهم من هذا الفراغ إلى حيث إشغالهم بالمعارف والعلوم وتطبيقات الحياة العملية وتدريبهم على مهاراتها وقيمها، كذلك يظل هذا الحل يناسب «شباب الإنترنت» ممن يعيشون العالم الإفتراضي بكل جاذبية، فيكون العمل على إعادتهم للواقع هو الهدف الأساسي، وذلك من خلال مشاريع واقعية وبرامج موضوعية فاعلة تستهدفهم بطريقة علمية ممنهجة.

فالكثير من العوالم الافتراضية بمختلف أصنافها ومستوياتها باتت تشكل خطراً مباشراً على حياة ومستقبل شبابنا، فهي البيئة الخصبة للانتحار والقتل والعنف وتجارة واستعمال المخدرات والإاغتصاب والاعتداء وحتى ممارسة الإرهاب، ولهذا فإن الجرائم والفضائع التي تُرتكب من بوابة العالم الافتراضي أو بسببه كثرت بشكل مذهل في الأعوام الأخيرة لما لهذا العالم من محاذير خطيرة كلها أصبحت متاحة في أيدي الشباب.

من هنا يجب على الدولة والأسرة والمجتمع وبقية منظمات المجتمع المدني والشبابي أن يرسموا طريقاً سوياً وواضحاً لشبابنا في البحرين للسير عليه، وهذا لا يكون إلا برسم استراتيجيات واضحة المعالم تتصدرها مشاريع واقعية وأهداف فعلية وعملية يمكنها أن تشغل أوقاتهم بالعلم والمعرفة ودخول معركة التحدي للبقاء في دائرة الحضارة وتَسَيُّد المستقبل وعدم الاستسلام للفراغ أو للعالم الافتراضي المنفت في غالب الأحيان، مهما كانت الصعاب كثيرة ومهما كان حجم الصبر والتحمُّل أكبر من أن يواجَه، فشبابنا أمانة في أعناقنا باعتبارنا نحن المسؤولون عنهم في هذا «الوطن»، ولأننا نعتقد أنهم ثروته، وحاضره، ومستقبله، ومصيره وهو الأهم.