* الإعلام يركز على أهمية البر بالوالدين ويهمل مسائل البر بالأبناء

* هل المجتمع اليوم قادر على الحفاظ على التماسك الأسري أمام كثرة حالات الطلاق والتفكك الذي نراه؟

* أصل التفكك الأسري يعود إلى الابتعاد عن تطبيق تعاليم الدين

* في الإسلام هناك عدد من حقوق الأبناء على الآباء وهي حسن اختيار أمه واسمه وتربيته

* رسولنا الكريم حذر من المرأة خضراء الدمن

* إعلامي خليجي: اهتموا بـ"خوال" المرأة أو الرجل عند الزواج بهم أكثر من عمومتهم

* اختصار اكتشاف شخصية الزوج أو الزوجة مطالعة أهل أمهم بسبب نشأتهم طيلة الوقت عندهم

* ثلاث محاور للمشاكل الأسرية في مجتمعاتنا أخذت في الانتشار مؤخراً

* التفكك الأسري أخطر من الطلاق والتفكك النفسي هو الأخطر!

* عدم وجود خصوصية للأزواج والتدخلات العائلية من كلا عائلتي الزوجين سبب لتدمير بيت الزوجية

* هناك حاجة إلى مبادرة مجتمعية من مؤسسات المجتمع المدني والخطباء للتوعية والمناصحة والإرشاد

أكثر عبارة رددت خلال احتفالات العالم بيوم الأسرة «لا نحتاج إلى يوم نحتفي فيه ببرنا لوالدينا، فنحن والحمد لله مسلمون، وكل يوم يمر علينا نقوم فيه ببرهما والاحتفاء بوجودهما في حياتنا!».

وتلك عبارات طيبة تعكس الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على الأسرة كعمود أساسي لبناء المجتمع والحفاظ على التماسك الأسري، ولكن هناك أمور أهم تتجاوز مسألة البر بالوالدين خاصة في هذا الزمن المليء بالفتن والمظاهر السلوكية القادمة لنا بسبب العولمة وتداخل الثقافات المجتمعية بين الدول، فوسائل الإعلام تركز دائماً على البر بالوالدين وتهمل وتغفل البر بالأبناء.. فالبر يشتمل كذلك على البر بالأبناء والاهتمام بهم وتربيتهم أحسن تربية، وما زلت أذكر إحداهن وهي تتذمر من طلاق والديها وتشتكي من عدم برهما لها وتركها مهملة في بيت جدتها، والسؤال المطروح هنا، هل المجتمع اليوم قادر على الحفاظ على الأسرة بكل ما يشتمله المعنى من تماسك واستقرار والحفاظ على الثوابت والقيم المجتمعية والدينية أمام كثرة حالات الطلاق والتفكك الأسري الذي نراه؟

الكثير يقولون، لو عاد المسلمون لتطبيق تعاليم دينهم الحنيف لما وجدنا كل هذه المشاكل الأخلاقية والمجتمعية، فالمسألة في أصلها تعود إلى ابتعادهم عن تطبيق الدين.. في الإسلام هناك عدد من حقوق الأبناء على الآباء وهي حسن اختيار أمه، قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام «تنكح المرأة لأربع لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»، وقد حذر رسولنا الكريم من خضراء الدمن، قال عليه الصلاة والسلام «إياكم وخضراء الدمن، فقيل: وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء»، كما من حقوق الأبناء على الآباء حسن اختيار اسمه، أي أن يتخير له اسماً حسناً ذكراً كان أو أنثى وتربيته صغيراً كأنه يعلمه الحياء والأدب في الطعام ويحسن تأديبه وأن يأمره بالصلاة وأن يحترم معلمه.

أحد الإعلاميين الخليجيين يقول: عندما خطبت ابنتي اهتممت كثيراً بمعرفة «خوال» المتقدم لها أكثر من أهل أبيه! فالبنت ليس من المحبب في مجتمعاتنا أن تتطلق كل يوم على يد رجال قد تكون سلوكياتهم العائدة إلى نشأتهم سبباً في تعذيب البنت واضطرارها للطلاق.. فالأبناء عادة ينشؤون في منزل جدتهم أو جدهم لأمهم ويحتكون بأبناء «خوالهم» وخالاتهم أكثر من أبناء عمومتهم بحكم أن الأم دائماً ما تلجأ لأمها لمساعدتها في أمور التربية والتنشئة، وغالباً ما تكون الأم بالأصل تحمل صفات وسلوكيات مكتسبة من محطيها العائلي وبالذات أمها و«خوالها» وكذلك ينشأ أبناؤها على ما فطرت عليه أمهم، لذا من المهم جداً عندما يتقدم رجل إلى ابنتك أو ينوي ابنك الزواج بفتاة أن تهتم بمطالعة سلوكيات وأخلاق «خوالهم» وجدتهم لأمهم وتسأل عنهم أكثر من عمومتهم، فغالباً ستجد الأبناء يحملون صفات وسلوكيات «خوالهم» بسبب بقائهم معهم طيلة الوقت، فإذا ما سألت عنهم فأنت هنا اختصرت الكثير في اكتشاف شخصية المتقدم لابنتك أو الفتاة التي سيتربط بها ابنك وتنجب له أبناء يحملون فيها اسم عائلتكم لأنها غالباً ستترك أبناءكم الحاملين للقلب عائلتكم عند أمها وبين أشقائها.. هذا الأمر ضروري جداً إن أردت أن تحافظ على سمعة عائلتك الطيبة وأن تضمن أن لا يدخل فيها نسب يعود لجينات وسلوكيات غير سوية لا تعرف الخطوط الحمراء ولم تنشأ على الأصول والسنع!

رغم أن «الأوليين» يقولون «البنت تطلع على عماتها والابن يطلع على خواله» فيما يخص الطباع والصفات وحتى الشكل والهيئة، إلا أننا وجدنا أننا نتفق معه خاصة في هذا الزمن الذي نادراً ما تجد الزوجة لا تعمل وتكتفي بتربية الأبناء، فالزوجة اليوم أصبحت تعيل وتساهم مع زوجها في مصروفات المنزل، ولهذا السبب تضطر الزوجة غالباً إلى ترك أبنائها في منزل والدتها في حال قدرتها على تربيتهم، فينشأ الأبناء متأثرين كثيراً بسلوكيات جدتهم و«خوالهم» وخالاتهم.

لاحظت خلال تواصلنا مع الناس طيلة السنوات الفائتة أن أكثر المشاكل التي ترد إلينا تتمحور في ثلاثة محاور: الأول أن الشاب لم يحسن اختيار الزوجة فاختار كما ذكر رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام «خضراء الدمن» كأم لتربي أبناءه يتركهم في عهدتها ويحملها أمانة تربيتهم، وغالباً ما يكون هذا النوع من الزواج تم عن طريق التعارف والترقيم أو بسبب علاقات محرمة كما نقول بالعامية «يابها من الشارع»، فيما أهل الزوج غير موافقين عليها، فتنشأ هنا الصراعات وتبتدئ المشاكل بين أهل الزوج والزوجة وبين سلوكيات لا يرضى بها أهل الزوج وبين أفكار وطباع لا تعجب أهل الزوجة ويرونها رجعية وغريبة أمام تحررهم وانفلات سلوكياتهم، مما ينشأ عليه كثرة المشاكل والتفكك الأسري خاصة إن كان والدا البنت يشجعانها على عصيان الزوج وعدم طاعته أو التمرد عليه كونه سيفقد أبناءه في حال تطليقها، والأمر يصل في النهاية إلى اضطرار الزوج للوصول إلى مرحلة الطلاق مع الحرمان من رؤية أبنائه في كل وقت كون الحضانة تكون لها في حال كان الأبناء حديثي الولادة.

ثم يقوم هذا الزوج الذي بالنهاية يحتاج إلى الزواج والاستقرار بالزواج من امرأة أجنبية أو من جنسيات عربية معينة غير بحرينية بسبب عدم رغبته في تكرار الزواج من امرأة بحرينية أو لكثرة الالتزامات المالية من نفقه وغيرها التي تأخذ من راتبه الكثير، فيلجأ لزوجة من الخارج، وهنا الطامة الأكبر حيث في كثير من الأحوال «مع احتراماتنا للعديد من الزوجات غير البحرينيات الفاضلات» لا يحسن اختيار الزوجة الصالحة أيضاً ويأتي بأبناء ايضاً ينشؤون ويتربون وفق سلوكيات وأخلاق بعيدة عن مجتمعهم، وتكون الأم في أحيان كثيرة «شيطانة ومب سهلة» فتثير المشاكل بين أبنائها وأبناء طليقته، وفي أحيان تنشأ عقد نقص في أبناء الزوجة غير البحرينية بسبب التنمر المجتمعي الذي يتعرضون لهم ووصفهم بألقاب ومسميات معينة، فيجد الزوج هنا نفسه مشتتاً وفي صراع كبير بين المشاكل التي يراها بين أبنائه من طليقته وأبنائه من زوجته الحالية، وأمام عدم قدرته على ضبط أبنائه الذين يكتسبون سلوكيات حديثة ودخيلة على ما نشأ عليه في منزله وأمام انشغاله طيلة اليوم بالعمل في أكثر من وظيفه لتلبية احتياجاتهم المعيشية حيث غالباً الزوجة غير البحرينية تلجأ لكثرة الإنجاب منه من باب ضمان عدم تطليقها وربطه بالأبناء «يبي يكحلها عماها!!»، مما ينشأ عليه نشوء أبناء في صراعات أسرية رهيبة غالباً يكون لها انعكاساتها الخطيرة على المجتمع.

المحور الثاني الاختيار الخاطئ للزوج وأب أطفال الفتاة، حيث بالمقابل أيضا لا تحسن الفتاة اختيار زوجها الذي غالباً ما تكون قد عرفته من الشارع أيضاً أو عن طريق الترقيم، وفي بعض الحالات تصر الفتاة على إما بالزواج به أو أنها لن تتزوج أبداً، فيرضخ الوالدان، وبعد أن تتزوجه تكتشف كمية المشاكل التي تأتيها من عائلته التي بالمقابل هم غير موافقين عليها أو أنها تجد صعوبة في الانسجام معهم لاختلاف البيئات والثقافات، كما أنها تكتشف أن الرجل الذي أحبته قبل الزواج هو مختلف كلياً بعد الزواج، فالزواج عن طريق الحب غالباً لا يمنحك الوضوح كما يمنحك الزواج المنطقي العقلاني، وهنا تبدأ المشاكل مع زوج لا يقدر الحياة الزوجية ولا يريد تحمل مسؤولياتها خاصة إن كانوا في عمر صغير كأن يكون التعارف تم في السنوات الأولى من الجامعة أو أن الشاب قد تخرج حديثاً من المدرسة وتزوج على الفور ولايزال غير متزن السلوكيات ومتهوراً وطائشاً، وفي بعض الحالات تصل الخلافات الزوجية إلى ضرب الزوج لزوجته وإهانتها وعدم احترامها وحرمانها من المصروف وأبسط حقوقها.

بعض الفتيات تصبر خوفاً من الطلاق بشكل رسمي وتعرضها للكثير من التنمر المجتمعي والتحرشات من قبل الرجال بعد أن تصبح مطلقة، وهناك فتيات تصر على الطلاق وتتطلق فيكون الضحية هم الأبناء أيضاً، كما هناك حالات تتعرض الزوجة لمشاكل تأتي بسبب عدم احترام خصوصيتها من قبل أسرة الزوج وتدخلاتهم في كل صغيرة وكبيرة وتكون سلوكياتهم وتصرفاتهم مختلفة عما نشأت عليه، حيث يكون هنا الوضع معاكساً للمحور الأول البنت جاءت من بيئة محترمة ومحتشمة وأهل الزوج يشجعون الأبناء على القيام بتصرفات غير لائقة أو لا تنسجم مع ما فطرت عليه الزوجة، والضحية هنا بالطبع الأبناء الذين يعانون من الضياع الفكري والتربوي والضغوطات النفسية الكبيرة أمام أب مستهتر غير قادر على ضبط وحماية المنزل والإبقاء على خصوصيته ومشاكلهم بعيداً عن تدخلات عائلته أو عائلة زوجته.

المحور الثالث، يكون الزوجان متقدمان في العمر، وغالباً ما يكونان في سن الخمسين، وبسبب كثرة إنجاب الزوجة للأبناء على حساب الاهتمام بالزوج وانشغالها طيلة الوقت معهم في تدريسهم ومتابعتهم والعناية بأحفادها منهم ووصول الزوج إلى سن التقاعد أو الشعور بالملل من الحياة الزوجية الرتيبة، حيث غالباً في هذا السن ما تتحول العلاقات الزوجية إلى علاقات أخوية أو صداقة اثنان يسكنان تحت سقف واحد فيما كل واحد منهما في عالم مختلف تماماً، والمشكلة هنا تتجزأ إلى ثلاثة أنواع، النوع الأول والمنتشر بكثرة دخول الزوج في علاقات غرامية خارج المنزل، وفي أحيان قيامه بالزواج من امرأة صغيرة في السن فتقوم الزوجة هنا كرد اعتبار لكرامتها التي تشعر أنها أهينت أمام أبنائها وأحفادها بطلب الطلاق منه، أو تبقى كمعلقة في حال عدم وجود مدخول مالي آخر لها غير زوجها، وهنا الزوج يقصر على زوجته ويهملها وقد يهمل أبناءه الذين بعضهم في آخر سنوات المراهقة ومرحلة الدخول للجامعة، خاصة الشباب الذين يجدون وقد حرموا من أبيهم المشغول مع زوجته الجديدة، فتكثر المشاكل الأسرية هنا أمام قيام الزوج بعدم النفقة على زوجته الأولى وعدم العدل، ويزيد الأمر سوءاً في حال إنجاب الزوجة الثانية منه وقيامها بتشجيعه على تطليق زوجته الأولى أو افتعال المشاكل أو استهتارها بالأصل بزوجها وقيامها بسلوكيات غير لائقة من خلفه، خاصة إن كان فارق العمر كبيراً بينهما.

أما النوع الثاني، وقد بدء للأسف بالظهور خلال السنوات الأخيرة بكثرة، فيكون أمام الزواج الشكلي، قيام الزوجة أيضاً بإنشاء علاقات مع شباب أصغر سناً أو رجال بالعموم، وفي أحيان تصل الأمور إلى الخيانات الزوجية من كلا الطرفين، أي الزوج والزوجة، ويكون الضحية هنا أيضاً الأبناء الذين ينشؤون في هذه البيئة الأسرية المليئة بالمشاكل، مما ينعكس مستقبلاً حتى على علاقاتهم واختياراتهم لأزواجهم!

أما النوع الثالث، فهو أن تكون الخيانة الزوجية من كلا الطرفين مقتصرة على علاقات غرامية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يكون الزوجان معاً ولكن كل منهما له عالمه الخاص وطيلة الوقت يكون أحدهما أو كلاهما على الهاتف لا يدري بما يحصل حوله ويهمل أبناءه وعائلته، وكلامنا هذا لا يعني أن جميع المشاكل الأسرية محصورة في هذه الحالات المذكورة، بل إن هذه أبرزها وأكثرها شيوعاً وانتشاراً في هذا الزمن خاصة مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي وقيام بعض الأزواج بالبحث عن علاقات غرامية أو نوعية معينة من الزواج المؤقت البعيد بالأصل عن تعاليم الدين «عرفي – مسيار – مسفار»، فكل هذه المشاكل تعود في النهاية على الأبناء الذين يكونون ضحية هذا الزواج المتفكك.

فأخطر من الطلاق التفكك الأسري، لأنه بالطلاق من الممكن أن يكون عدم الانسجام أو المشاكل بين الزوجين تنتهي بقيام كل واحد منهما بالاتجاه إلى حياة أخرى جديدة، أما التفكك الأسري فهو بقاء الحال على نفسه إن لم يتحول إلى الأسوأ ويكبر كما كرة الثلج. والتفكك النفسي أخطر من التفكك الأسري، خاصة إن كانت كثرة المشاكل بين الأبوين تنعكس على نفسية الأبناء بشكل مباشر، لأنها هنا تتيح كل أنواع الأمراض النفسية والانحرافات السلوكية، وقد تتطور لتصل إلى أن يتحول الأبناء إلى مجرمين أو مفسدين في المجتمع، خاصة أولئك الذين لم يحصلوا على تربية صالحة تقوم سلوكياتهم وترشدهم وتعلمهم التمييز بين الأمور الصحيحة والخاطئة، إلى جانب أنها تؤثر بالطبع أيضاً على تحصيلهم الدراسي وهويتهم الوطنية والدينية وابتعادهم عن المحافظة على القيم المجتمعية.

البلوغر المشهور بانتقاد الفنانين والفنانات المعروف باسم «كلاسي» طرح فكرة في غاية الأهمية حينما استعرض سخافات وتفاهات مقاطع فيديو خليعة لفاشينيستا «مطلقة» من يقوم بتصوير مقاطعها غير المحترمة أبداً والتي تحوي حركات إيحائية ابنها! حيث ذكر أن الابن منذ أن فتح عينيه في هذه الدنيا تربى على يد هذه المرأة التي لا تنشئه كما ينشأ رجال المجتمعات الخليجية عادة، والموضوع كله يعود إلى تعوّد الابن على ما يراه من حوله، فالراقصات في المراقص مثلاً يبدأن مشاهدة أهلن وأخواتهن في المراقص منذ الطفولة فتألفه ولا تستغربه بل وتصبح طموحه جداً في أن تصبح كأخواتها وقريباتها، حيث يحرص الأهل على إحضار أطفالهم ذكوراً وإناثاً لمشاهدة ما تفعله الكبيرات من الأقارب، فطفلك يأخذ منك ما تعلمه إياه.. التعصب والعنصرية وكره الآخر والرقص والعري كلها أشياء مكتسبه فعوّد طفلك على ما تحب!

تلك المشكلة بالمناسبة آخذة في الانتشار أيضاً بشكل رهيب في مجتمعاتنا، حيث يقدم الرجل على الزواج بامرأة أغوته دون التأمل في سلوكياتها والاهتمام بأخلاقها، وهناك من يعتقد أنه بإمكانه أن يقوّم أي اعوجاج أو مظهر لا يعجبه في سلوكياتها، كأن يقوم بإجبارها على ارتداء الحجاب في حال كانت غير محجبة أو أنها في النهاية ومع الاحتكاك بأهله ستتغير وتصبح مثلهم، غافلاً أن الأمر يرجع إلى تنشئة تعود إلى مبدأ أنها عاشت معظم سنوات حياتها التي قضتها في كنف أسرة وبيئة، ومن المحال أن تتغير بين يوم وليلة أو خلال سنة أو سنتين عما تعلمت عليه أكثر من عشرين سنة مثلاً، وإن كان هناك تغيير فهو إما يكون تغييراً شكلياً لكسب أهل الزوج أو تغييراً طفيفاً جداً، فالمرء يعود إلى اصله «والحب يطلع على بذره» في النهاية كما يقال!

وهذا ما يفسر أننا نرى اليوم الكثير من أبناء وبنات المطلقات من نوع أن الأب طلق الزوجة غير السوية ونرى أبناءه منها في سن صغير جداً، وتخلى عنهم وقام بالتبرؤ منهم، أو أنه اشترط تطليق الزوجة مقابل التنازل عن النفقة، يقومون بتصرفات وسلوكيات تحتاج لإعادة تقويم «وكأن المجتمع مطالب بتربيتهم بدلاً من عدم قيام الأبوين بتربيتهم» فهم يقومون بما لا تجرؤ القيام به عادة الفتاة أو الشاب في مجتمعاتهم، وكل هذا يرجع إلى كفة التفكك الأسري الرهيب الذي تعانيه المجتمعات اليوم بسبب الاختيار الخاطئ للزوج أو الزوجة وكثرة المشاكل والخلافات الزوجية التي تؤدي إلى انهيار الزواج ومن ثم ضياع الأبناء، والحاجة تكمن هنا إلى إيجاد مبادرة مجتمعية من قبل مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات تتناول كل هذه الظواهر، كما هناك حاجة من قبل خطباء المساجد أيضاً إلى مناصحة أولياء الأمور والإرشاد والتركيز على التوعية المجتمعية، وكما يقال «لو عاد المسلمون إلى الالتزام بمبادئ الإسلام لما وجدنا كل هذه المشاكل المجتمعية والسلوكية».