تحاول الدول الخليجية أن تلقي بطوق النجاة لبشار الأسد عله يدرك أن مصلحة بلاده تقتضي النأي بها عن المهلكة الإيرانية وتحاول أن تفعل ذات الشيء مع الحكومة العراقية واللبنانية، خاصة وأن العقوبات على إيران مازالت في أولها وتتسع دائرتها كل يوم وقد تصيب كل من تعلق بتلك الدائرة.

إيران من جهة أخرى تمسك بخناق تلك الحكومات وتمنعها من الفكاك أو الابتعاد عن هيمنتها، وقاسم سليماني يجر زعماء تلك الأنظمة جراً لطهران لإبداء فروض الطاعة والولاء.

ووسط هذا الصراع دخلت إدارة ترامب -ولن أقول دخلت الولايات المتحدة الأمريكية- على ذات الخط بعد أن أدركت هذه الإدارة أن التمدد الإيراني ووصولها للبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر يشكل تهديداً على مصالح الولايات الأمريكية قبل أن يكون تهديداً على مصالح الأمن الدولي.

وعلى الدول الخليجية الآن إن أرادت أن تنجح ضغوطات الإدارة الأمريكية أن تشدد الخناق على حلقة «الوسطاء» ومبيضي الأموال الذين يتحركون في دولنا وملاحقتهم، وعدم الاكتفاء بمطالبة حكوماتهم بقطع علاقاتهم مع إيران، فالوسطاء وسماسرة تبييض الأموال أصبحوا الآن الثغرة التي تلتف بها إيران على العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، كما ذكرنا في مقال أمس، وتمنح الأوكسجين الآن لوكلاء إيران وخدمهم.

من جهتها تصرح الولايات المتحدة عن طريق وزير خارجيتها مايك بومبيو الأمريكي، أن بلاده ستلاحق إيران وستحارب نشاطاتها الخبيثة «في كل أنحاء العالم سواء أكان ذلك في أمريكا اللاتينية أو الشرق الأوسط، وسنجدها حيثما كانت وسنجبرها على التراجع».

وركز بومبيو على خدم إيران في منطقتنا العربية وهم حزب الله، الحوثيون، فصائل من الحشد الشعبي، وتحاول اليوم أن تشكل حشداً شعبياً سورياً برعاية ماهر الأسد، أما بقية طاقم الخدم في دول الخليج فقد تم التعامل معهم محلياً كخلية العبدلي في الكويت والوفاق وسرايا الأشتر في البحرين وجماعة نمر النمر في العوامية في المملكة العربية السعودية، وأخذت تلك الدول المبادرة من نفسها دون انتظار لقبول أي طرف خارجي كالإدارة السابقة التي حاولت تقويض سلطات الأنظمة الخليجية مقابل التمدد الإيراني.

بالنسبة للحوثيين قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو» إن بلاده لن تقبل استمرار استخدام إيران للحوثيين، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستلاحق النظام الإيراني في أي مكان.

وأوضح بومبيو في مقابلة خاصة مع سكاي نيوز عربية في بيروت أن «إيران تطلق الصواريخ وتستخدم الحوثيين في اليمن بالوكالة».

«فهي تستهدف السعودية بالصواريخ وتجعل حياة شعبها في خطر، حالهم في ذلك حال الأشخاص الذين يعيشون في السعودية، مثل اللبنانيين والأمريكيين والأوروبيين الذين يعملون في السعودية، فهم في خطر من خامنئي وقاسم سليماني».

وأكد بومبيو أنه «لا يمكن أن نقبل بهذا، وسنستخدم كل الأدوات التي بحوزتنا لتحقيق ما يتطلع له الشعب اليمني».

أما بالنسبة لحزب الله الخادم اللبناني لإيران فقد أشار بومبيو، الذي يقوم بجولة في الشرق الأوسط لحشد التأييد لنهج واشنطن الصارم مع إيران، إلى خطاب للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله هذا الشهر طلب فيه من أنصار الجماعة ضخ تمويل فيها وقال إن ذلك دليلاً على أن الضغط الأمريكي يفلح.

وأضاف بومبيو: «الضغط الذي نمارسه على إيران واضح. إنه يستهدف قطع التمويل للإرهابيين وهو يحقق نجاحاً. نعتقد أن عملنا يقيد أنشطة حزب الله بالفعل».

وقال بومبيو إن إيران منحت حزب الله ما يصل إلى 700 مليون دولار سنوياً، متعهداً باستمرار الضغط بـ»كل الوسائل السلمية» لقطع التمويل الذي «يغذي العمليات الإرهابية لإيران وحزب الله»، مشيراً إلى ما وصفه بعمليات «تهريب وشبكات إجرامية وإساءة استغلال للمناصب الحكومية».

أما بالنسبة للخدم العراقيين فقد أشارت تقارير إلى أن تحركات لقوات أمريكية قرب مطار بغداد، في الوقت الذي ذكرت فيه أنباء أن وزير الخارجية الأمريكي بومبيو أثناء زيارته الأخيرة للعراق سلم رئيس الوزراء العراقي عبدالمهدي قائمة بأسماء قادة ميليشيات مسلحة، وطلب إنذارهم بمغادرة العراق خلال شهر (أخبار الخليج 13 يناير).

لا ننكر أن هناك ضغوطاً أمريكية تمارسها إدارة الرئيس ترامب لتقويض خطر الميليشيات التي تمولها إيران سواء كانت تلك الضغوط مباشرة على إيران أو على وكلائها أو على الوسطاء ومبيضي الأموال، وإيران قد أسست شبكة تمويل ضمت تهريب المخدرات والدعارة وشبكة رديفة لتبييض تلك الأموال تحت مسميات شركات وهمية يجري الآن ملاحقتها ورصد تحركاتها، وجميع تلك التحركات من شأنها أن تحدث فارقاً لتضييق الخناق على خدمهم في المنطقة، الكرة الآن في ملعبنا بالجدية في ملاحقة الوسطاء لا التهاون معهم.