إن من أبرز القضايا الاجتماعية الخطيرة في البحرين كما هو الحال في بقية الدول العربية التي يجب أن تناقش وتُعالج وتحمل على محامل الجد، هي قضية ازدياد منسوب حالات الانفصال بين الأزواج «الطلاق» بشكل مريع للغاية، مما سيؤدي هذا الأمر في نهاية المطاف إلى خلق مجتمعات مفككة وأسر مشتتة وأفراد خارج نطاق الحياة المستقرة، وبالتالي يؤدي كل هذا الفعل المضطرب إلى ضعف الدولة بشكل آخر.

نعم، فالدولة تقوم على مجموعة من المعايير والقيم المهمة، كسلامة وصحة واستقرار أبناء المجتمع، فالأفراد الضعفاء والأسر المفككة والمجتمع المشوش لا يمكن لهم وهم عماد الدول أن يصنعوا دولة قوية يمكن أن تنافس بقية دول العالم. فالقضية ليست قضية حالات طلاق متفرقة يمكن رصدها وبالتالي لا يمكن لها أن تغير من واقعنا شيئاً، بل هي حالات طلاق آخذة في النمو والازدياد كما تبين لنا الإحصاءات الرسمية.

عودة سريعة لأعداد حالات الطلاق في البحرين، يتبين لنا أن محاكم البحرين الشرعية وخلال العام الماضي 2018 سجلت 15 حالة زواج في كل يوم مقابل 5 حالات طلاق، كما بلغ عدد البحرينيين الذين سجلوا حالات طلاقهم في المحاكم الشرعية إلى 1667 والبحرينيات 1518.

إذاً، هذه الأرقام المخيفة تشي بالكثير من المخاطر الاجتماعية فتلقي بظلالها على واقعنا البحريني، فالأسرة البحرينية في خطر للغاية، ولا بد من التدخل السريع لإنقاذها بدلاً من التفرج عليها وهي تنهار أمام أعيننا، وهذه بالدرجة الأولى من مسؤولية منظمات المجتمع بمختلف أطيافه وتوجهاته، وعلى رأسها منظمات المجتمع المدني والمنظمات الأهلية والتربوية والأسرية، إضافة لأهمية دخول المناهج التعليمية على الخط لمتابعة هذا الملف التربوي المتهالك على صعيد الواقع. كذلك للمنابر الدينية الأثر البالغ والمباشر في معالجة مثل هذه القضايا المتعلقة بالحفاظ على الأسرة البحرينية، وتوجيه الخطاب الديني على أهمية الحفاظ على نواة المجتمع ألا وهي «الأسرة».

إن معالجة هذا الملف المهم جداً يتطلب من الجميع تدخلاً قوياً لوقف نزيف الطلاق الذي أصبح نراه من الأمور الطبيعية في مجتمعنا البحريني لكثرة حالاته، كما علينا ترسية قيم الشراكة الأسرية والمجتمعية عبر تثبيت مفهوم «الأسرة العميقة»، هذا المفهوم القائم على المحبة والاحترام المتبادل والتفاهم البنَّاء والشراكة الدائمة بين كافة أبناء «العائلة الكبيرة»، وأن يستحضر الجميع هنا كيف كانت الأسرة البحرينية في السابق تعتبر من أقوى وأمتن الأسر العربية على الإطلاق وليس على «الطلاق». هذا ما يجب أن نستفيد منه ونحن نتصفح تاريخ الأسر البحرينية القوية التي بَنَتْ هذا الوطن وصبرت على كل شيء لأجله ولأجل بناء أجيال قادرة على العطاء والاستمرارية.