تفجر «صفقة القرن»، أو بالأحرى «صفعة القرن»، المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والتي يتبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جدلاً واسعاً هذه الأيام، حيث تبدو الصفقة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، للفلسطينيين بالطبع، لا سيما وأن التسريبات التي تخرج بين فترة وأخرى، تؤكد أن «ما خفي كان أعظم». وقبل ساعات من كتابة هذه السطور، فجرت تصريحات نسبت إلى المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، جدلاً واسعاً، في المنطقة، بعدما ذكر أن «خطة «صفقة القرن» تتضمن توسيعاً لغزة باتجاه سيناء المصرية»، مشيراً إلى أن «الصفقة سيتم طرحها بعد شهر رمضان»، وفقاً لما نقله مصدر مطلع عن غرينبلات. لكن سرعان ما تم نفي التصريح، وكأنه كان بالونة اختبار يتم جس النبض من خلالها، واستبيان ردود الأفعال الفلسطينية والإقليمية والدولية. وهذا ما ذهبت إليه السلطة الوطنية الفلسطينية في موقفها حيث سارعت وزارة الخارجية الفلسطينية إلى التأكيد على أن «أية خطة أو مقترح أو صفقة لا تبنى على أساس حل الدولتين، مصيرها الفشل ومزابل التاريخ، وسيتم رفضها جملة وتفصيلاً فلسطينياً وعربياً وإسلامياً وأوربياً ودولياً»، موضحة أن «فريق الرئيس ترامب يواصل حملته الدعائية المضللة للرأي العام العالمي والمسؤولين الدوليين والعالمين العربي والإسلامي، عبر الإدلاء بتصريحات ومواقف إعلامية بشأن ما تسمى «صفقة القرن»، ولا تخلو تلك التصريحات من بعض التسريبات والاعترافات الخاصة بمضمونها ومرتكزاتها ومنطلقاتها».

ليس هذا فحسب بل إن «الجانب الفلسطيني سارع إلى الدعوة إلى اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب اليوم الأحد كي يُطلع الرئيس محمود عباس الوزراء العرب على الموقف الفلسطيني، وعلى ما يحتمل إعلانه فيما يخص الصفقة، وتعبئة الموقف العربي لمواجهة هذه التطورات»، وفقاً لما أعلنه الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، موضحاً أن «الجانب الفلسطيني طلب الاجتماع، في ضوء ما يتردد إعلامياً بشأن قرب الإعلان عما يطلق عليه «صفقة القرن»، وبالتالي هناك مستجدات يرغب الرئيس الفلسطيني في طرحها، (...)».

لكن الغريب كان ما ذكره السفير زكي حينما قال «لا أعتقد أن أحداً لديه معلومات دقيقة عما سوف يتم طرحه، الكل يلعب لعبة التخمينات، ...»، فيما تمارس إدارة ترامب سياسة جس النبض، واختبار ردود الأفعال، مثلما فعلت في قرارات اتخذتها من قبل، أبرزها، إعلان الرئيس الأمريكي القدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني المحتل، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى المدينة المقدسة، ثم الاعتراف بـ «إسرائيلية الجولان». والمؤكد فيما يتعلق بـ«صفقة القرن»، أن أمريكا تسعى لتصفية القضية الفلسطينية من خلال عدة محاور، أبرزها، اعترافها بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، وبالتالي يتم إخراج المدينة المقدسة من المفاوضات. وبالتوازي مع ذلك قامت واشنطن بقطع المساعدات عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، لتوجه ضربة قاصمة إلى ملف اللاجئين ومن ثم تسقط حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

في الوقت ذاته، تحدثت تقارير عن عزم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضم مستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، خلال الترويج لحملته الانتخابية في الانتخابات البرلمانية، قبل أن يفوز بها قبل أيام. وتبدو قضية المستوطنات الأكثر سخونة وإثارة للجدل، فيما تحدث مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة «بتسيلم» عن أن «المستوطنات تغطي نحو 10%، من أراضي الضفة الغربية، بينما تشير أرقام إسرائيلية إلى أن «نحو 400 ألف إسرائيلي يعيشون في المنطقة»، فيما ذكر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن «نحو 2.9 مليون فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية المحتلة». في الوقت ذاته، أوضح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن «212 ألفاً من المستوطنين الإسرائيليين الآخرين يعيشون في القدس الشرقية»، وفقاً لتقرير بثته وكالة «رويترز» للأنباء، عشية الاستحقاق البرلماني الإسرائيلي.

وبالتالي يطرح المراقبون والمحللون سؤالاً منطقياً مفاده، ماذا تبقى للفلسطينيين من قضايا يمكن أن يدافعوا عنها ويجلسوا للتفاوض عليها مع الجانب الإسرائيلي، بعدما قامت إدارة ترامب بنحر القضية الفلسطينية بسكين «صفعة القرن»؟!

* وقفة:

لا يحتاج العرب إلى تخمينات بشأن تفاصيل «صفعة القرن» لأن عراب «الصفقة» ترامب يسعى إلى نحر القضية الفلسطينية وتقديم الأراضي المحتلة على طبق من ذهب للكيان الصهيوني الغاصب!!