لا يختلف اثنان على أن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة خرجت عن الظاهرة الصحية من منطلق حرية التعبير، إلى ظاهرة غير صحية تؤدي إلى أزمات ونزاعات اجتماعية تهدد الأمن الوطني، وتشكيل الرأي العام لأغراض لا تستقيم مع حرية الرأي والتعبير. وغالباً ما يترتب على هذا النزاع الاصطفاف من قبل كتاب وإعلاميين ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وشخصيات ينتمون لجمعيات سياسية ونواب سابقين وحاليين ومغردين «مع الخيل يا شقرا»، مما ينتج عنه أن تصبح تلك القضايا قضايا رأي عام، بل وتجاوزت ذلك بما يهدد الأمن والسلم الاجتماعي والأمن الوطني.

كي لا يجير هذا المقال على أنه موجه لإجراءات تم اتخاذها مؤخراً، في فترة انتخابات 2014 تم إطلاق وسم «#بصوتك_تقدر»، لحث المواطن على التصويت، ولكن في المقابل خرجت شخصيات تنتمي لكيانات حزبية مثل جمعية «الوفاق» المنحلة وآخرين ينتمون لكيانات سياسية وموظفين يعملون بقطر بالتشكيك في الانتخابات وبث الإحباط لدى المواطنين والطعن في المشروع الإصلاحي، مما أسس الأرضية باستهداف أحد صروح العمل الديمقراطي ألا وهو الانتخابات البرلمانية، فاعتقد البعض أن كل ما دون ذلك مباح عبر منصات التواصل الاجتماعي. ليس ذلك فحسب بل في مساء يوم الخميس الموافق 30 يونيو 2016 وقع عمل إرهابي أودى بحياة مواطنة وإصابة ثلاثة أطفال كانوا برفقتها في السيارة إثر تعرضهم أثناء مرورهم بشظايا تفجير إرهابي في العكر الشرقية. وحين ذاك تم اتهام وزارة الداخلية زوراً وبهتاناً عبر تلك المنصات الاجتماعية من شخصيات وجب أن تكون أكثر رصانة ولكن غلب الطبع التطبع.

إن هذا الانفلات أسس أرضية لمستخدمي هذه المنصات بألا سقف للتجني ونشر الشائعات، فطال جهود وزارة الداخلية التي تعد إحدى الوزارات الأمنية والاجتماعية بما تقدمه من جهود ابتداء بحفظ الأمن والسلم الأهليين وصولاً إلى التجاوب السريع بتوحيد رسائلها للجمهور وإدماجهم بالمشاركة في حفظ أمن المجتمع.

المسؤولية الذاتية والمجتمعية

يحتدم نقاش البعض على مشروع وضع ضوابط لمنصات التواصل الاجتماعي التي قوامها أن «الإنسان مسؤول عن ذاته التي تفرضها عليه الطبيعة الأخلاقية، التي تنعكس إيجاباً على المجتمع بطبيعة تميزها فيكون تأثيرها مباشراً على المجتمع».

وليعلم المتخوفون من أهمية التوعية، أن التوعية الأمنية الإلكترونية: هي العملية التي تستهدف نشر المعارف والحقائق بقصد تغيير أو تعديل أو تثبيت اتجاهات الفرد أو الجماعة نحو حدث من الأحداث أو ظاهرة من الظواهر، ومساعدتهم على التفاعل معها بموضوعية، وفي الوقت نفسه تقوم بتوجيههم إلى أنسب طرق الوقاية من التحديات المحيطة بهم لمنعها والتقليل من آثارها السلبية المختلفة.

إلى من يهمه الأمر

علينا أن نعلم أننا نتعامل مع إعلام شعبي، وكل مواطن يمكن أن يكون ناقلاً للخبر والشائعة، وأن هذه المنصات قليلة الكلفة نسبةً لتوافر البنية التحتية بانتشار أجهزة الحاسوب و»الموبايل»، وبالاستطاعة مرضى النفوس الترويج لشائعاتهم وأخبارهم الكاذبة تحت مسميات حرية الرأي.

لكل ذلك فإننا بحاجة لإصدار دليل إرشادي لوسائل التواصل الاجتماعي للدوائر الحكومية، يحد من تناول الشائعات والأخبار المغلوطة أو المنقوصة عبر تواصله وتفنيده لمثل هذه الأخبار، ودليل إرشادي آخر لمنصات التواصل الاجتماعي قوامه التأكيد على المسؤولية الذاتية والمجتمعية والأخلاقية. هذا بجانب وضع خطة استراتيجية مشتركة تشمل مركز الاتصال الوطني ووزارة الإعلام.