وجهت أمريكا قبل 3 أيام ضربة قاصمة للاقتصاد الإيراني، بعدما أنذرت مشتري النفط الإيراني بضرورة وقف مشترياتهم بحلول الأول من مايو المقبل، تفادياً للعقوبات المحتملة عليهم. وذهب مراقبون ومحللون إلى أن القرار الأمريكي المفاجئ شكل عنصر المفاجأة والمباغتة لنظام طهران، ولحلفاء الأخيرة، لاسيما وأن الدول المستوردة للنفط من طهران، كانت قد ناشدت واشنطن تجديد الإعفاءات من العقوبات والسماح بشراء النفط الإيراني. وكانت أمريكا قبل نحو 6 أشهر، وتحديداً في نوفمبر الماضي، قد قررت فرض الدفعة الثانية من العقوبات على النظام الإيراني، والتي تمثلت في استهداف صادرات النفط، وذلك بعد أن قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مايو الماضي، الانسحاب من الاتفاق النووي بين الدول الست، الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا من جهة، وإيران من جهة أخرى، والذي تم إبرامه في منتصف يوليو 2015.

وغداة قرار فرض العقوبات الذي اتخذه ترامب ضد طهران، سارع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى إعلان أسماء الدول الثماني التي أعفتها الولايات المتحدة مؤقتاً، من العقوبات النفطية المفروضة على إيران، وهي الصين والهند واليونان وإيطاليا وتايوان واليابان وتركيا وكوريا الجنوبية، فيما سمح قرار الإعفاء لتلك الدول مواصلة شراء الخام من إيران لمدة 6 أشهر فقط، بعد سريان العقوبات التي فرضتها واشنطن على قطاعات الطاقة الإيرانية.

لكن التصريح الأبرز والذي لقي صدى واسعا وكان محط اهتمام وسائل الإعلام الإقليمية والدولية، هو تهديد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بعزم أمريكا «تصفير النفط الإيراني»، حيث شدد في حديثه قائلاً «سنصل إلى الصفر، سنصل إلى الصفر مع الجميع»، مضيفاً أن «بلاده لا تخطط لمنح الدول فترة سماح بعد الأول من مايو للالتزام بالقرار».

وأشارت تقارير اقتصادية عربية ودولية إلى انخفاض صادرات إيران من النفط الخام إلى نحو مليون برميل يومياً بينما كانت تصدر طهران نحو 2.5 مليون برميل يومياً قبل فرض العقوبات الأمريكية، ما يعني أن إيران تكبدت خسائر نفطية بنحو 45 مليون برميل شهرياً، أي أنها خسرت حتى كتابة هذه السطور إيرادات نحو 2.7 مليار برميل «270 مليون برميل»، في 6 أشهر جراء العقوبات الأمريكية.

في الوقت ذاته، كشف بومبيو عن استراتيجية أمريكا في سعيها لحرمان طهران من نحو 50 مليار دولار سنوياً تمثل إيرادات نفطية حيوية. وبالرغم من تصريحات المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لاري كودلو، التي ذكر فيها أن «قرار أمريكا إنهاء جميع الإعفاءات التي أتاحت لمستوردي النفط الإيراني تجنب الوقوع تحت طائلة العقوبات الأمريكية لن يؤدي إلى رفع أسعار الخام»، إلا أن تقارير عربية ودولية كشفت عن استعداد السعودية والإمارات تعويض أي نقص في إمدادات النفط المرتقبة مع فرض العقوبات الأمريكية على مستوردي النفط الإيراني، لاسيما وأن الدول المصدرة للنفط «أوبك» كانت قد تعهدت بالتعاون مع روسيا، على خفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا. وكان للقرار الأمريكي تأثير سلبي كبير على العملة الإيرانية، حيث تراجع سعر صرف العملة المحلية، مقابل الدولار، ليسجل الأخير نحو 140500 ريال إيراني.

في الوقت ذاته، تعمل أمريكا على تقليم أظافر ميليشيات إيران في المنطقة لاسيما «حزب الله» اللبناني حيث أعلنت عن مبادرة ترمي إلى تجفيف تمويل «حزب الله»، وتقديم مكافآت مالية تصل قيمتها إلى 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن الأوضاع المالية للحزب، في حين قررت في وقت لاحق، فرض عقوبات استهدفت شخصين أحدهما بلجيكي والآخر لبناني بالإضافة، إلى 3 كيانات منها اثنان في بلجيكا والثالث في بريطانيا، ضمن برنامج يستهدف الميليشيا الإرهابية.

لذلك، من المحتمل أن تؤدي القرارات الأمريكية الأخيرة إلى تضييق الخناق على الاقتصاد الإيراني، ومن ثم تأجيج الاحتجاجات الحاشدة ضد نظام إيران، لاسيما وأن طهران لن تتوانى عن دعم الميليشيات الإرهابية في المنطقة، وفي الوقت ذاته، يرزح نحو نصف الشعب الإيراني تحت خط الفقر جراء السياسات التعيسة والفاشلة لـ «ولاية الفقيه».

* وقفة:

سعي أمريكا الحثيث لتصفير النفط الإيراني يوجه ضربة قاصمة لاقتصاد طهران ويؤجج غضب الإيرانيين لاسيما وأن المواطن الإيراني الفقير هو المتضرر الأول من المراهقة السياسية لـ «ولاية الفقيه»!!