ما رأيكم في تجمع جديد من نوعه حيث يجتمع الجيران وأهالي المنطقة في مكان ما، فنتجمع هناك قرب البحر مثلا أو في منطقة تسمح لأبصارنا أن تمتد للسماء، فنتسابق لترصد أعيننا معا هلالا انتظرناه شهورا طويله، نتنافس في زف البشارة عن بزوغ هذا الهلال..!!!! إنه هلال شهر رمضان المبارك، مهلا يا د. وهيب الناصر... مهلا يا جمعية الفلكيين.. فأنا لا أقصد أن أتدخل في اختصاصكم الفلكي، برصد الأجرام السماوية، لكنني هنا أبحث عن تجمع يجمع أبناء قومي وهم سعداء يتشاركون الفرح ويقتسمون السعادة، ويتنافسون لنقل البشارة للآخرين بدخول الشهر الكريم، تلك التجمعات الجميلة التي سنها أجدادنا من قبل، ونسيناها اليوم في زحمة الحياة، فأغلقنا الأبواب على أنفسنا، فلا تواصل بين الجيران فما بالنا لا نسن تجمعات أخرى نفرح فيها معا، ونتبادل التهاني ونستمتع بالأجواء الطبيعية، فالتجمع خارج المباني مهما كان الجو غير ملائم يبعث السعادة في النفس ويحي المشاعر الجميلة.

أتذكرون ماذا كان يفعل أجدادنا ليلة رمضان؟ إنه تجمع يقوده المسحر ذلك الرجل البسيط الذي يقود الركب فيخرج بإيقاع طبله القوي يتغنى بأغنية ترحيب جميلة بهذا الشهر الفضيل، لا ندري من صاغ كلماتها البسيطة، لكنها حفظت في الصدور وتغني بها الكبار والصغار على مر الأجيال...

حيـــــــــاك الله يــارمضـــــــــان

أبــا القـــــرع والبيديـــــان

بتلك الكلمات البسيطة، وبإيقاع طبل أبسط يستطيع المسحر أن يبث الفرح ينشر السعادة، وأن يستقطب الأطفال والكبار ليشاركوه مسيرة نشر الفرحة والسعادة بمناسبة دخول هذا الشهر الفضيل، نعم إنه بارع في نشر الفرح حيث ينجح في تجميع الناس حوله، وينجح في رسم الابتسامة على الوجوه، وإزالة التوتر من القلوب فتغتسل القلوب عن الهموم ويحل محلها مشاعر الغبطة.

التجمع حول المسحر يجمع الجيران فيتواصلوا معا ويفرحوا معا، قلوبهم صافية يحتضنهم جو الألفة والمرح والسعادة، ذلك التجمع الجميل يصنع الترابط الأخوي الذي تحتاجه قلوبنا، فتلك المشاعر الإنسانية تجوع لها قلوبنا، فهي تغذيها وتعمرها وتقويها، فتقوية القلب لا يكون بالمواد الغذائية فقط، بل بالفرح الجماعي.

وأعني بالفرح الجماعي هو أن تفرح فيتجمع من الناس كالجيران والأهل والأصدقاء فذلك احتياج طبيعي للنفس البشرية، فدعونا نتشارك الفرح مع الجيران والأحبه ، فرح يبتعد عن التكلف والتباهي بما نقتنيه من أثاث، أو ملابس، أو غيرها هي فرحة مشتركة مجانية بسيطة دون تكلفة مادية، فرحة جماعية بقلوب صافية نقية في جو من الألفة والمحبة والتراحم والتسامح والبساطة.

دعونا نستغل هذا الشهر الكريم فنحيي فنون التواصل الاجتماعي التي اتقنها أجدادنا نتواصل مع الجيران والأهل، فنتبادل الأطباق قبل الفطور دون مبالغة أو تكلف، نتبادل الزيارات دون مواعيد مسبقة أو تكلف ومبالغة في تقديم الضيافة فالجود من الموجود كما قال أجدادنا.

ساعات ويطل علينا شهر الخير والرحمات فلنهيئ أنفسنا ونغسل قلوبنا بالتسامح لاستقباله بقلوب بيضاء خالية من أي كره تجاه من اختلفنا معهم، دعونا نستثمر هذا الشهر الفضيل لتعزيز قيم الأخوة والمحبة والمشاركة بيننا وبين من حولنا من جيران وأقارب وأصدقاء، نحرص على التجمع معهم ومما لاشك فيه فإن في صلاة الجماعة ومايسبقها وما يعقبها من تواصل وتفاعل مع المصلين له الأثر الكبير في تعزيز التواصل بين الناس، فالأحرى أن نحرص على الصلاة في مسجد الحي فهي فرصة ذهبية للتواصل بين الجيران، وتكون تلك الفرصة مهمة للنساء فهو الشهر الوحيد الذي تجتمع فيه النساء في المساجد فيتعارفن ويتواصلن، فتكون بداية التعارف في هذا الشهر الفضيل بين الجارات لتستمر العلاقة والتواصل بينهن.وليكن شعارنا في هذا الشهر الفضيل: نجتمع ونتواصل بحب.

إن شهر رمضان لفرصة عظيمة للمؤمن وعليه أن يغتنم قدومه ليصبح إنساناً أفضل وأقرب إلى الله تعالى، فالصوم يحمل المسلم على الخير، ويربي فيه الفضائل، ويدفعه الى التحلي بالأخلاق الحميدة فهذا الشهر فرصة لا تتاح إلا مرة واحدة في العام فلنغتنم هذه الفرصة ولنستفيد منها، وهو شهر يستجاب فيه الدعاء وخصه الله بليلة القدر فلنغتنم فرصة استجابة الدعاء لتحقيق امنياتنا بالإلحاح على الله سبحانه وتعالى بالدعاء لتحقيق كل ما نتمناه لأنفسنا ولأبنائنا ولمجتمعنا ولوطننا الغالي، بلغنا وإياكم شهر رمضان ونحن في أتم صحة وعافية، وأعننا على صيامه وقيامه ودمتم أبناء وطني سالمين.