في الوقت الذي أكتب هذه المقالة، تشهد منطقة بحر الخليج العربي حالة تأهب لم يسبق لها في السنوات القليلة الماضية بعد إلغاء الإعفاءات من العقوبات الأمريكية على إيران، فقد بدأت الرحلة لتصفير إيرادات النفط الإيرانية بالمنطقة.

الولايات المتحدة الأمريكية وفي عهد الرئيس دونالد ترامب، تقوم باستنزاف حقيقي للقوى الإيرانية بالمنطقة، فبعد كوريا الشمالية فقد جاء الدور على طهران لكي توقف ترسانتها النووية والصاروخية وأن تخضع للمجتمع الدولي، وبطبيعة الحال فإن المتتبع للشأن الإيراني يرى الأمور من جانبين مختلفين وأكثر من سيناريو.

فالجانب الأول وهو الدبلوماسي والسياسي، فإن السيناريو الأول هي أن تقوم طهران بعقد عدد من الزيارات المكوكية مع حلفائها في أوروبا وروسيا والصين من الدرجة الأولى لضمان عدم انصياعهم للعقوبات الأمريكية التي فرضت عليها، وأن ذلك سيهدد المصالح بالمنطقة، على أن تساوم على إيجاد نفوذ لروسيا في العراق ولبنان بشأن ذلك.

أما السيناريو الثاني المرتقب، وهو ما تم إعداده من طهران قبيل إعلان البيت الأبيض قرار الرئيس الأمريكي بإلغاء الإعفاءات من العقوبات الأمريكية، حيث تحركت طهران باستقبال رئيس الحكومة العراقية في الشهر الماضي وذلك للتنسيق لبيع النفط الإيراني لأوروبا بالوكالة، وهي وسيلة وتفكير يؤكد أن العراق سيكون المتنفس الوحيد لإيران في تحصيلها لمبالغ براميل النفط، وهذا السيناريو قد تنتبه له الإدارة الأمريكية وستضع الحكومة العراقية في موجه جديدة من الأزمات السياسية بين إدارة ترامب والعراق.

فيما يعتبر السيناريو الثالث من الجانب الدبلوماسي، هو إدخال وسطاء مع الإدارة الأمريكية لإيجاد صيغة توافقية يتم بها مناقشة الشروط الأمريكية للعدول عن تلك العقوبات، ولكن هذا السيناريو يعتمد على مدى جدية الوسطاء وفي نفس الوقت مدى تقبل واشنطن بأن تدخل مع طهران في طاولة واحدة لمناقشة تنفيذ الشروط من عدمها.

وفي المقابل، فالجانب الثاني وهو العسكري، ويعتبر هذا الجانب هو المهم والمحوري، وقد يكون هو الحاسم في حال لم ترضخ طهران للشروط الأمريكية، فالسيناريو الأول يتحدث عن إغلاق مضيق هرمز وهو أمر تحدثنا عنه مسبقاً وأنه من المستحيل أن تقدم إيران على ذلك لعلمها بأن المواقف المؤيدة لها قد تنقلب وأن أمريكا سترد على ذلك بأقل من ثانية، وهذا السيناريو الذي يفضله الأمريكيون لأنه سيختصر عليهم الأمر وسيكون له المبرر لدخول أمريكا للأراضي الإيرانية.

أما السيناريو الثاني هي أن تقوم طهران بتحريك أذرعها حزب اللات والحوثيين باليمن بافتعال الفوضى بالمنطقة، وقد نشهد الأيام القادمة مناوشات حادة في اليمن وفي لبنان والكيان الصهيوني، وهذا يبقى خياراً مطروحاً، ولا يمكن أن نستبعد بأن يكون هناك تحالف مع «داعش» و»القاعدة» للقيام بتلك المهمة، حتى تؤثر على مجرى القرار الأمريكي.

فيما يعتبر السيناريو الثالث وهو المستبعد ولكن يمكن طرحه على أساس أن الدول المراهقة كإيران من الممكن أن تستنفر جميع حلولها، وفي ذات السياق فأن المواجهة المباشرة قد تكون حلاً مهلكاً ولكنه بالنسبة لطهران قد يأتي في حال وجدت أن أمريكا والدول الحلفاء وأن إيراداتها وصلت للصفر وأصبحت معزولة كلياً فإنها لن تتردد لو للحظة بأن يكون بحر الخليج العربي منطقة حرب، وهذا السيناريو سيقلب موازين المنطقة.

في نهاية المطاف، إيران دولة مراهقة وصبيانية ولا يمكن أن تتنبأ بأفعالها، فقد باعت نفسها في السابق لقوى الشر والدول العظمى، غير أنها تتجرع الكأس الذي سقت منه العالم من الأعمال الإرهابية والتحريض والتآمر، فهي الآن بعد أن فقدت قوتها عندما تحالفت مع الدول العظمى فهي الآن يتلاعب بها الجميع.