ما أعجل الزمان!!! فقد انتظرنا حلول شهر رمضان الكريم بشغف وشوق، وها قد حان موعده فنرجو الله أن يعيننا على قيامه وصيامه. في السنوات السابقة كان رمضان يقع في فترة العطلة الصيفية، فعدم انشغال الأبناء في شهر رمضان بالدراسة كان فرصة ليستمتعوا بالأجواء الرمضانية كأجواء الاستعداد للإفطار وتناول وجبة السحور مع الأهل، بالإضافة إلى أنها كانت فرصة للتواصل الاجتماعي وصلة الرحم والقيام بالزيارات العائلية، ومشاهدة القنوات التلفزيونية والمسلسلات، وقد استمتعنا بتلك الفترة بالمرح وبالنفحات الإيمانية، فقضينا ليالي رمضان في الصلاة والعبادة، كقيام الليل، والصلاة جماعة في المسجد، وقراءة القرآن الكريم، وحضور المحاضرات الدينية بالمساجد، والاعتكاف، أجواء جميلة وليالي رائعة قضاها الآباء والأبناء معاً في العبادة والمرح.

إلا أن رمضان هذا اختلف عن الأعوام السابقة، ففي هذا العام يتزامن شهر رمضان مع امتحانات نهاية العام الدراسي للمدارس الحكومية وبعض المدارس الخاصة، وفي ذلك عبء ومشقة على الكثير من الطلاب وأسرهم، وقد يسيطر التوتر والقلق على الطلاب والأهل نتيجة طول السهر والجوع والعطش، فالطالب قد يصاب بالاجهاد نتيجة الجوع والعطش لا سيما وأنه من المتوقع أن يكون الجو حارا خلال فترة شهر رمضان، كما أن عدد ساعات نوم الأبناء تقل في شهر رمضان حيث الاستيقاظ للسحور، رغم النوم المتأخر، والسهر لصلاة القيام أو لتناول وجبة «الغبقة»، فمن الطبيعي أن تبذل الأمهات جهدا كبيرا لحث أبناءهم على النوم المبكر وتنظيم الوقت تنظيما صحيحا ليجد الأبناء كفايتهم من النوم، وليجدوا الوقت الكافي للمذاكرة، مما يجعل الدارسة للامتحانات امراً صعباً للغاية ويحتاج إلى الكثير من الحكمة في التصرف والتخطيط السليم للوقت من قبل الوالدين والأبناء.

وهنا على الوالدين توجيه أبناءهم لاتباع السلوكيات الصحيحة، كالمذاكرة بعد صلاة الفجر ففي تلك الفترة يكون الذهن أكثر قدرة على التركيز، والنوم لوقت كاف، وتخطيط الوقت بشكل سليم، كذلك يجب أن تهتم الأم بتوفير وجبات صحية لأبنائها تتناسب وطبيعة الجو الحار في البحرين، فالتغذية السليمة تعتبر أمرا مهما لمساعدة الأبناء على التفوق واجتياز الامتحانات، فالتغذية تلعب دوراً كبيراً في رفع مستوى التركيز والأداء الذهني وتحسين الذاكرة، فقد أكد عدد من خبراء التغذية على ضرورة الاهتمام بتناول الخضراوات والفاكهة الطازجة فترة الامتحانات، مع الإكثار من تناول العصائر الطبيعية وتناول وجبات متكاملة بصورة صحية والحرص على كثرة تناول المياه في الفترة ما بين المغرب والفجر، حتى يعوض الجسم ما فقده من سوائل، بجانب تناول الطعام باعتدال، والاهتمام بتناول السلطات والخضروات مع الوجبات، وتناول العصائر الطبيعية والابتعاد عن المنبهات. كما يجب الاهتمام بتناول وجبة السحور التي تعوض الطالب عن وجبة الإفطار الصباحية.

وعلى الوالدين عدم إثارة القلق والتوتر لدى الأبناء، فعليهم تهيئة الجو الهادئ الروحاني في المنزل، فلا توتر ولا قلق، ولا يزرعوا لديهم فكرة أن الصائم يتعذر عليه العمل ويفقد نشاطه، بل عليهم أن يبينوا لهم أن الصيام يحفز الذهن على النشاط، وأن الأجواء الإيمانية تحفز على المزيد من العمل والإنجاز فالجميع يعمل ويقوم بواجباته اليومية خلال شهر رمضان دون تقصير، فالصائم لا يقل عطاؤه ولا إنجازه، فعليهم أن يعتادوا العمل والمذاكرة خلال هذا الشهر الفضيل، وهنا لابد من تذكير الأبناء أن الدعاء مستجاب بإذن الله في شهر رمضان فليستغلوا هذه النعمه للدعاء بالتوفيق في الدراسة، كما يجب تعزيز الإيمان لديهم أن طلب العلم عبادة، فليستمتعوا بهذه الأجواء الرمضانية ولا يعتبروا طلب العلم منغص لهم.

ودمتم أبناء وطني سالمين.