جددت إيران تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز إذا تم منعها من استخدام هذا الممر المائي لتصدير نفطها، وذلك بعد أن بدأ في الثاني من مايو 2019 سريان قرار واشنطن بإنهاء الإعفاءات السابقة من العقوبات لدول تستورد النفط الإيراني، بهدف إيصال الصادرات النفطية الإيرانية للصفر حيث قال علي رضا تنغسيري قائد القوة البحرية في الحرس الثوري الإيراني «إذا تم منعنا من استخدامه، فسنقوم بإغلاقه. فإذا كان هناك أي تهديد للمياه الإيرانية، فلن نتردد في الرد».

كما ألمح الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى أن إيران قد تغلق مضيق هرمز قائلاً: «لن تستطيع أي دولة أخرى تصدير نفطها عبر مضيق هرمز في حال استمرت الأعمال الرامية لقطع صادرات النفط الإيراني».

ليأتي رد بيل إيربان المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية «CENTCOM»، «واشنطن وحلفاؤها مستعدون للرد عسكرياً للحفاظ على حركة ناقلات النفط عبر مضيق هرمز. بناءً على القانون البحري الدولي، وإن أي تعطيل عسكري متعمد لحركة المرور التجارية هو بمثابة إعلان للحرب».

وحذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إيران من «ألا تهدد الولايات المتحدة أبداً من جديد أو ستعاني من عواقب عانى منها قليلون عبر التاريخ».

ويعد مضيق هرمز أهم نقطة بحرية في مجال تجارة النفط، إذ إنه على الرغم من وجود 8 ممرات مائية استراتيجية على مستوى العالم، إلا أن مضيق هرمز له أهمية خاصة نظراً لحجم النفط الذي يمر منه والبالغ حوالي 19% من حاجة الأسواق العالمية.

ومنذ سنوات طويلة وتهدد إيران مضيق هرمز، منذ أن حدث ذلك لأول مرة أثناء الحرب العراقية الإيرانية «1980-1988»، ثم كررت تهديدها عام 2011 تزامناً مع تولي الرئيس محمود أحمدي نجاد وفرض العقوبات الدولية، وتصاعد حدة الصراع اللفظي ما بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.

ورغم تلك التهديدات المتكررة، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ، إلا أن معطيات الوضع الراهن تشير إلى وجود سيناريوهات مختلفة لما يمكن أن يؤول إليه الوضع.

* السيناريو الأول: عدم تنفيذ التهديد بإغلاق مضيق هرمز:

وهو سيناريو تؤازره عدد من الحقائق من بينها أن إيران ليست لديها القدرة أو الرغبة في تنفيذ تهديدها بإغلاق مضيق هرمز، وأن الأمر لا يتعدى استخدام ورقة ضغط في النزاع، وذلك لاعتبارات سياسية وعسكرية واستراتيجية تتمثل في التكلفة الباهظة لإغلاق الممر والتي لا تناسب الأوضاع الاقتصادية الإيرانية بالوقت الراهن، الأهمية الاستراتيجية للمضيق في التجارة الخارجية الإيرانية وبالتالي فإن إغلاقه يضر بالجانب الإيراني بالمقام الأول.

فمن الصعب عملياً على إيران ـ وفق هذا السيناريو - أن تقوم إيران بإغلاق مضيق هرمز في ظل الأهمية النفطية الاستراتيجية للممر المائي، والتي ستدفع الولايات المتحدة الأمريكية حتماً للوقوف بقوة لحماية الممر المائي من أي تهديد محتمل يجعل من الصعب تنفيذه في ضوء الوضع الحالي للقوات الإيرانية والتي تعاني من فجوة بين قدراتها العسكرية البحرية وبين قدرات البحرية الأمريكية بالخليج.

* السيناريو الثاني: تنفيذ التهديد بإغلاق مضيق هرمز:

التوتر المستمر في العلاقات بين الولايات المتحدة، في ظل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبين النظام الإيراني، يزيد من احتمال قيام طهران بمحاولة تعطيل النقل البحري في مضيق هرمز، وخاصة في ظل رفض إيران التفاوض على اتفاق نووي جديد، مستندة إلى ما حققته من التدخلات الإيرانية في كل من في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، حيث اصبح قبولها التفاوض بشأن سياساتها الإقليمية أمر مشكوك به، بالإضافة إلى التنازل عن قدراتها الصاروخية، وإدراك إيران أن العقوبات الأمريكية تهدف إلى خنق الاقتصاد الإيراني والدفع باتجاه حدوث اضطرابات داخلية في البلاد؛ ومن ثم تهديد النظام القائم حالياً.

وستكون تبعات هذا السيناريو كارثية على كافة الأصعدة وحتى على إيران، وخاصة أن نجاح إيران في تنفيذ إغلاق مضيق هرمز لفترة زمنية طويلة نسبياً سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط الخام من سعرها الحالي الذي يدور حول 75 دولاراً للبرميل إلى 250 دولاراً، وربما إلى 400 دولار، وهو ما ينذر بوقوع أزمة طاقة عالمية جديدة.

* السيناريو الثالث: تنفيذ بعض الخيارات الاستفزازية من الجانب الإيراني:

وهذا السيناريو الذي أرجح حدوثه، وهو إمكانية قيام الجانب الإيراني بعمل مناورة تتناسب مع إمكانياته الحالية وفي نفس الوقت لا تحمل القدر الهائل من المخاطرة التي تترتب على إغلاق المضيق بشكل كامل ومباشر وهو خيار تضييق الممر، والحد من حركة التجارة به، على سبيل المثال، من خلال التدريبات العسكرية.

فهذا الخيار يحمل ميزة نسبية للاقتصاد الإيراني حيث يمكن النظام الإيراني من رفع السعر الهامشي للنفط عالمياً، وهو ما يمنح إيران نتائج أكثر مرونة، مع ارتفاع أسعار النفط بما يدعم النظام الإيراني حتى مع انخفاض إجمالي حجم صادراته.

* مساعد باحث بمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات»