مقابلة أجراها عبدالله المديفر على قناة روتانا خليجية ليلة الاثنين مع سجين سعودي يدعى علي الفقعسي من تنظيم القاعدة سلم نفسه قبل 16 سنة بعد تفجيرات حدثت في جدة عام 2003 كـان عمره حين ذاك 30 عاماً وحكم عليه بالسجن 45 عاماً وسيخرج وعمره 75 سنة.

المقابلة جديرة بأن تشاهد لأنك أمام تجربة حية مازالت تنبض لرحلة التغرير والمراجعة التي تحدث للمتطرفين والمتشددين، وهذه الرحلة بالمناسبة رحلة يشترك في حيثياتها كل من تشدد وتطرف ومن ثم تراجع من جميع الأديان والمذاهب والملل.

جديرة بالمشاهدة لأنها تعطيك وصفة قابلة للاستخدام مع بعض التعديلات للتصدي للفكر المضلل المغرر للشباب ووصفة لكيفية إعادة التأهيل داخل السجون.

وقفت عند قول الفقعسي إنه لو منعت الدولة خطاب التشدد وصودرت الأشرطة والكتب التي حرضتنا وتصدت الدولة للمتشددين حين ذاك لما كنت أنا جالساً هنا !!

ليؤكد أن دور الدولة في حماية الشباب من هذا الخطاب لا يمكن التخلي عنه وترك الأمور الفكرية الخطيرة أن تتنفس على أمل أن يكون هناك وعي وإدراك ذاتي عند الشباب.

آلاف من شبابنا العربي كفر «بالدولة» من سنة ومن شيعة، وتم توظيفهم واستغلالهم لمحاربة الدولة بسبب «خطابات» قيل عن السماح بها إنها «حرية تعبير» حين ذاك، وأنها مجرد «كلمة» ولا يجب منع الكلام.

ملاحظة السجين السعودي تذكرني بوضعنا في البحرين حين تحركت الدولة ومنعت المتشددين الذين حاربوا «الدولة» ككيان وأرادوا أن يكونوا دولة داخل الدولة، وطبقت عليهم القانون بعد أن تمادوا في الكلام والخطاب على المنابر وفي وسائلهم الإعلامية حتى صرخوا «اسحقوهم» خرجت لنا منظمات حقوق الإنسان المتواطئة ووصفت إنفاذ القانون على المحرضين بأنه «قمع»، إنما ما سمته المنظمات «قمعاً» تمناه هذا السجين السعودي في شبابه فلربما أنقذه مما هو فيه.

لذا على الدولة في منطقتنا الشرقية عموما أن تصغي لحواسنا الشرقية الخمس وذائقتنا ومزاجنا وبيئتنا الفكرية في تشريعاتنا وقوانينا وأن ترعى كينونة «الدولة» بقوانين وتشريعات تحافظ عليها، وتهيئ البيئة لها كي يلمسها شبابنا ويدركوها ويربوا وينشؤوا في ظلها، فالدولة كمفهوم وكيان وإطار، والدستور والقوانين واللوائح والإجراءات، كلها قيم ومبادئ دمرها الفكر الديني المتشدد ولم يسمح لها أن تتفاعل في عقول شبابنا مع نشأته.

فهناك «أمة» وليست هناك «دولة» بالنسبة لهم، فالدولة حوربت برموزها وكل ما ينتمي لها عند الإخوان وعند ولاية الفقيه، وصورت «دولنا» العربية لهم على أنها مارقة فاسقة وأننا نعيش آخر الزمان فيها.

الموقف الآخر الذي شدني في هذا اللقاء هو كيف يمكن الولوج لعقل المتطرف وإعادة تأهيله في السجن؟ وهل السجن بيئة تساعد على هذه المراجعة الفكرية؟ وكيف تنمو الأفكار الفطرية المتشددة بسبب وجود أصحابها مجتمعين داخل السجون؟ وهل برامج المناصحة فشلت أم نجحت في إعادة التأهيل؟ وهل البرامج الجديدة ومنها برنامج «إدارة الوقت» الذي أتاح لمثل الفقعسي أن يدير مجلة وقناة تلفزيونية داخل السجن لها أثر إيجابي على الفكر والمراجعة الفكرية؟

اليوم الفقعسي يقول ألقن ابني كل ما جاء لزيارتي مع أمه كيف يحترم الدولة وقانونها وماذا عن الدين يقول الفقعسي الدين على يد الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام كان بسيطاً عقده المتشددون حتى تبقى مفاتيحه في أيديهم.