إن من أخطر الأمراض المشاعة في عصرنا الراهن وفي منطقتنا تحديداً وفي مملكة البحرين على وجه الخصوص هو مرض «السكري». حيث أكدت استشارية الغدد الصماء وسكري أطفال بمجمع السلمانية الطبي قبل أيام لصحيفة «الوطن» أنه يتم تشخيص ما بين 70 إلى 80 طفلاً بالسكري من النوع الأول سنوياً بالسلمانية. داعية هؤلاء ومن هو مصاب بالنوع الأول من السكري بتجنب الصوم في شهر رمضان لما له من خطورة مباشرة على حياتهم.

إن تفشي مرض السكري بهذا المستوى وهذا الحجم في البحرين الصغيرة يدعونا للوقوف على أسبابه ومسبباته وملاحقة كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تضاعف أعداد المصابين به، خاصة من فئة الأطفال. بل إننا نحتاج لدراسة علمية وميدانية وبحثية موسَّعة لمعرفة أسباب انتشاره بهذه الطريقة الكبيرة في بلد بحجم مملكة البحرين.

من جهة أخرى وتدليلاً على صحة ما نذهب إليه من خطورة الأرقام الرسمية التي وقعت بين أيدينا فقد أوصى مؤتمر البحرين لداء السكري قبل نحو 8 أشهر «على ضرورة تبني حلول ومبادرات غير تقليدية تسهم في تقليل حجم انتشار داء السكري والأمراض المزمنة في مملكة البحرين ودول مجلس التعاون، تقوم على أساس التوعية والوقاية من الأمراض، قبل الوصول إلى مرحلة الإصابة، تماشياً مع التوجه العالمي بهذا الشأن، فيما قال رئيس وحدة الغدد الصماء بمستشفى السلمانية الدكتور حسين طه، إنه «وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، فقد بلغت نسبة الإصابة بداء السكري في مملكة البحرين 16%، أي ما يعادل 200 ألف مصاب بهذا المرض في المملكة، وهي نسبة مرتفعة للغاية».

اليوم يأتي الدور على وزارة الصحة وجمعية السكري البحرينية وبقية المنظمات الصحية المحلية والمشافي وأهل الاختصاص من الأطباء وغيرهم في مملكة البحرين بوضع خطة وطنية للقضاء على المرض والقيام بعمل دراسة وافية وشافية حول أسباب ومسببات مرض السكري للوقوف على أساس المشكلة ومحاولة معالجتها والوقاية من المرض، والأهم من كل ذلك، إقامة حملات توعوية وتثقيفية صحية مهمة وكبيرة وموسعة عبر كل وسائل الإعلام لأجل إيصال الصوت لكافة أبناء البحرين، فالسكوت عن هذا المرض المميت وعدم إيقاف تمدده الشرس سيؤدي لا محالة إلى أن نحصل بعد أقل من خمسة أعوام على أرقام مفزعة ومخيفة ومرعبة حول انتشار المرض في كل أسرة.

في المقابل، فإن من الواجب على الأسرة البحرينية أن تكون أكثر وعياً لتجنب مثل هذا المرض الخطير، وذلك عبر مجموعة من المفاهيم المتعلقة بنمط الزواج والمعيشة والتغذية والتربية وبإهمال بعض الأمراض المؤدية له كالسمنة وضعف النشاط والحركة وغيرها من السلوكيات الخاطئة. إن كل هذه السلوكيات إذا لم تُصحح فإنها كفيلة بأن تجعل من مرض السكري هو المرض رقم «واحد» في البحرين، وهذا ما لا نتمناه، خاصة أن انتشاره بين الأطفال الصغار يعدّ مؤشراً واضحاً على هيمنته على كل الأمراض في وقتنا الراهن.