من أجمل العادات التي عرفتها دول الخليج العربية في شهر رمضان المبارك، الزيارات المتبادلة بين الأهل والأصدقاء، والمجالس المفتوحة والتي بدأت في بادئ الأمر للرجال، ومن ثم تطورت مع تطور الحياة الاجتماعية إلى مجالس أخرى نسائية أو مجالس مختلطة. وقد أتاحت تلك المجالس للكثيرين فرصة الالتقاء بمن غابوا عنهم لسنوات، ولجمع معارف تواروا في زحمة الحياة فلم يعد البعض يعرف إليهم طريقاً. كثير من العلاقات والصداقات استأنفها أصحابها بعد سنوات عندما اجتمعوا في مجلس فلان أو دعا إليه آخر.

من جميل العادات في رمضان أيضاً العزومات التي يدعو إليها البعض على موائد الإفطار و»الغبقة» الرمضانية، وقد تميزت هذه اللقاءات المنعقدة في البيوت ومجالس العوائل بضيق دائرة المعارف والمقربين، فتتيح تلك اللقاءات الفرصة لتوطيد العلاقات بين الحضور، أما الآن ومع تطور الزمن فقد أصبحت أكثر انفتاحاً لتشمل دائرة أوسع من العزومات، ما يتيح فرص التعارف وتكوين علاقات أكبر من رحم تلك اللقاءات. ولا أخفيكم أن بعضاً من أصدقائي المقربين هم ممن جمعتني بهم المجالس الرمضانية والغبقات فأتاحت لنا فرصة التعارف والتقارب، إذ لم يعد الأمر مقتصراً في هذه العزومات على البيوت والمجالس وحسب، بل تحول إلى اللقاءات التي تعقدها المؤسسات الرسمية لمنتسبيها وأصدقائها، كغبقات الوزارات والشركات والجمعيات الأهلية والمهنية، وتتيح تلك اللقاءات فرص توطيد العلاقات وجمع أبناء المهنة أو المؤسسة الواحدة في دائرة اجتماعية خارج قيود العمل والبروتوكولات الرسمية للحياة المهنية اليومية.

أصبحت تلك اللقاءات مناسبات منتظرة للكثيرين، بل وأصبحوا يعدوا لها العدة من قبل دخول رمضان، سواء من خلال استعدادات وترتيبات اللقاء نفسه بما يشمله من فعاليات خفيفة مصاحبة، أو من خلال الاستعداد بنوع الملابس التي سيتم ارتداؤها. ولعل هذه الفعاليات بقدر ما تحققه من أبعاد اجتماعية هامة، تعكس الشخصية الخليجية المضيافة والتي تتمتع بالترحاب وحب الناس على الدوام.