سألتني صديقتي: هل نحن نعيش أجواء حرب؟ ما الذي علينا أن نستعد له في ظل ظروف كالتي نمر بها؟

تجاهلت سؤالها: التقيت مساء الجمعة بإحدى صديقاتي وهي الليلة الأولى التي أخرج فيها من المنزل منذ رمضان فأنا (بيتوتية) جداً بشكل عام، وجداً جداً في رمضان، أسعد ببقائي في المنزل لا اعتزالاً أو كآبة إنما أحب الهدوء في هذه الأجواء واستمتع بها، وكنت أعتقد أن كثيرين مثلي حتى خرجت تلك الليلة فإذا بالشوارع مزدحمة وإذا بقاعة الفندق مزدحمة وإذا بالمطاعم مزدحمة بالوجوه البحرينية الجميلة

ـ لم تجيبي على سؤالي؟ ما شأني أنا وزحمة الناس أو هدوء البيت؟ هل ستقوم الحرب أم لا؟ وكيف يستعد لها الناس؟

ـ ليس هو السؤال الذي يجب أن يشغلك أو يشغلنا.

ـ ما الذي يجب أن يشغلنا إذا؟

ـ السؤال هو كيف نتصرف ونمر في هذه المرحلة التي هي أشبه بالممر الذي نعبره؟ هنا يجب أن نفكر ونقرر، الخبرة علمتنا أن نعيش حياتنا طبيعية جداً جداً، ونكمل جميع برامجنا ولا نؤخر مشروعاً من مشاريعنا وفي ذات الوقت نستعد بكامل طاقتنا ونعد العدة ونأخذ احتياطاتنا، كدولة وكأفراد، لا فرق، المنطق هو ذاته.

إذا خرجت للشارع سترين هناك عمالا يشتغلون في طرق تعبد وجسور تبنى ومطار جديد في طريقه للاكتمال ومطاعم جديدة تفتح كل يوم، وطائرات تقلع وطائرات تهبط ورجال المرور ينظمون السير وإشارات المرور تعمل والكهرباء تعمل والماء يتدفق وشبكة الإنترنت بكامل طاقتها، وأكيد تابعت الأخبار أن القيادة وجهت خطابها وتحملت مسؤوليتها بالجاهزية في كافة الأصعدة الأمنية والعسكرية وتخزين المؤن الغذائية والدوائية لمدة كافية وتشديد الحراسة على المنشآت والمباني وتشديد الرقابة الأمنية على المواقع الحساسة وعلى منشآت الطاقة وغيرها وكذلك التأكيد على استتباب الأمن واستقرار الأوضاع واستمرار التصاعد الاقتصادي والتنموي و وو وو، إذا الدولة قامت باعقلها وتوكل.

ـ ونحن كيف نعقلها؟

ـ أن تستمر الحياة طبيعية هذا أولا وأهم أمر مطلوب الآن هو أن نتوقف عن قراءة تحليلات الواتس أب (الفانتزية) السياسية التي تتدفق علينا في كل دقيقة، وما أكثرها، ولا ندعها تفسد علينا حياتنا، ونكف عن إعادة إرسالها وتبادلها، فتسعة وتسعون في المائة منها هباء منثور وبقية من فبركات وكذب وصور قديمة يعاد إرسالها وووو تجعلنا نضع أنفسنا تحت ضغط نفسي غير طبيعي يعطل حياتنا على مستوى فردي ومستوى معيشي وتجاري واقتصادي.

أن يعيش مثلك اللحظة، لذلك ذكرت لك مشاهد الزحمة في الشوارع والناس، فقط للتذكير بأن الحياة طبيعية جداً جداً والناس في مشاغلها العادية ومثلك يجب أن يتوقف عن التوقف، نعم فمثلك يوقف حياته ويعطلها ويظل عقله واقفا في محطة واحدة طوال أيامه باحثاً عن إجابة لسؤال محدد في حين هناك آلاف الإجابات تمر أمام عينه ولا يراها، قد ينتقل جسده، قد يحرك يده، قد يقوم بأعماله الروتينية لكن عقله متوقف في محطة واحدة، لذلك أقول لك عليك أن تتحركي وانظري للعالم من حولك سترينه يسير، ينشغل باللحظة أكثر من انشغاله بالغد. الحياة مستمرة، الحياة نعمة، لا تتوقفي عن الاستمتاع بها توقفي عن التوقف.