إن من أهم منصات الاستثمار في وقتنا الراهن هو الاستثمار في العقار. إذ يعتبر العقار في مرحلة ما بعد النفط وما بعد الاستقرار السياسي وتنامي أعداد سكان المنطقة العربية وحصول المواطن العربي والخليجي تحديداً على مجموعة من الامتيازات المعيشية وارتفاع دخل الفرد فيها، إضافة إلى تغير وعي الأفراد والمجتمعات بأهمية امتلاك العقار الشخصي، وأخيراً تنامي ثقافة الاستثمار في العقار وإنشاء المصانع والشركات عليه، كل هذه الأسباب جعلتْ من «العقار» أبرز محطات الثراء والمحفز الأول عند الجميع للدخول في عالمه.

وعليه، سيكون هذا القطاع من أبرز القطاعات التي يمكن أن تكثر فيه عمليات التلاعب والتحايل والغش والخداع والفساد، لأنها من القطاعات المفتوحة والواسعة والمتاحة، إضافة لعدم وجود قوانين واضحة وصارمة تحدد مساراته وتضبط إيقاعاته، ومن هنا سيكون النصب فيه أكثر من الحقيقة، وسيكون لسماسرته الكلمة العليا باعتبارهم يجيديون هذه اللعبة ولديهم من الخبرة ما يمكنهم خداع الجميع، وعلى رأسهم الأجنبي.

فقد جاء في التقرير العقاري الأسبوعي الأخير لشركة المزايا القابضة «أن عمليات النصب والاحتيال العقاري ترتفع مع ارتفاع وتيرة النشاط والاستثمارات العقارية، وترتبط هذه العمليات بكافة مراحل التطور المالي والاقتصادي، بل وتتستر في الكثير من الأحيان خلف خطط جذب الاستثمارات وتطوير التشريعات ذات العلاقة. وأثبتت التجارب وفقاً للبيان أنه «من الصعب إيجاد أطر عامة تحفظ لجميع الأطراف حقوقهم، وفشلت كافة آليات العمل والقوانين والتشريعات من الحيلولة دون وقوف مثل هذه الحوادث لدى أكثر الأسواق العقارية تطوراً أو عشوائية إقليمياً وعالمياً، حيث إن ارتفاع وتيرة عمليات النصب والاحتيال على المستثمرين الأفراد بات أحد عوامل فشل خطط تحفيز الاستثمارات الخارجية وجذب المستثمرين الأفراد التي تنفذها عدد من الأسواق العقارية حول العالم، إضافة إلى تأثيرها العميق على الأسواق العقارية الناشئة التي تتمتع بعدد من فرص الاستثمار وتنتظر تدفق السيولة الخارجية».

على إثر كل ما سبق وعلى ضوء هذا التقرير سيكون لزاماً علينا تحصين هذا القطاع بشكل محكم قبل أن ينهار، فكلنا يعرف مدى تذبذب السوق العقاري في الآونة الأخيرة لأسباب مختلفة، ومدى انعكاسات الأحداث العالمية والأسواق الدولية وتدهور أسعار النفط وتمدد مخاوف المستثمرين الأجانب مع رؤوس أموالهم على مصير ومستقبل هذا القطاع المهم.

تجب حماية قطاع الاستثمار في العقار، وذلك من خلال وضع قوانين صارمة وتشريعات قوية يمكنها أن تشجع الدخول فيه لكن بحذر، ومن دون أن يتضرر أي من أطرافه، وحتى لا يهرب المستثمر الأجنبي أو حتى المحلي من ساحته فيكون حينها الضرر مكشوفاً للجـــــميع ولهذا وجبت حماية هذا القطاع حماية محكــــمة وعاجلة.