أراقب عن كثب هذه الأيام الأنشطة الخيرية المختلفة التي تقوم بها الجمعيات والأفراد في سبيل العمل الخيري، وأرى عدداً كبيراً من المتطوعين من مختلف الأعمار، الذين تطوعوا من أجل القيام بمختلف الحملات الخيرية، التي وصفتها مسبقاً بأنها غير منظمة وغير مرتهنة بمؤشرات قياس تقيس حاجة الفرد ورضاه عما قدم له من مساعدة.

ولعل أبرز الأفكار التي كانت تغزو فكري «ماذا بشأن استدامة هذا العمل الخيري؟ ماذا بشأن هؤلاء المحتاجين؟ ولماذا يقتصر دعمهم في شهر رمضان فقط؟ لماذا لا تستمر هذه الحملات؟ ويصبح عملها مستدام؟ وما هي آليات استدامة العمل الخيري في مملكة البحرين؟

يتصف شعب البحرين بالكرم، والجود، على مختلف طبقاته، ومستوياته الاقتصادية، كما أنه يتصف بالتكافل، وهذا ما تلتمسه في بعض الأحيان في حملات جمع المال المنظمة. ولا أعتقد أن أي مواطن كريم واعٍ سيرفض المشاركة في فكر «وقف خيري»..

فلو خير أحدنا بين إطعام أسرة لمدة شهر، أو ضمان غذاء لهذه الأسرة طيلة العمر، فأيهما سيختار؟

لو خير أحدنا بين مساعدة شخص مريض بما تجود به نفسه، أو دفع مبلغ لوقف صحي يعالج المحتاجين، فأيهما سيختار؟

لو خير أحدنا بين التبرع لطالب علم لا يستطيع دفع رسوم الدراسة، وبين المساهمة في وقف تعليمي يضمن أن ينتفع به عدد من طلبة العلم المحتاجين. فأيهما سيختار؟

لو خير أحدنا بين توزيع ماء على المواطنين والقاطنين، أو القيام بوقف مائي يضمن توفير الماء للمحتاجين طيلة الحياة، أيهما سيختار؟

أعتقد أن «الوقف الخيري» من أفضل الابتكارات الاجتماعية التي أفرزتها الحضارة الإسلامية، حيث إن للوقف أهمية كبيرة، ففكرته تقوم على تنمية قطاع ثالث متميز عن كل من القطاع الخاص، والقطاع الحكومي وذلك لقيامه بأنشطته بعيداً عن الإدارة الحكومية وبعيداً عن الدوافع الربحية للقطاع الخاص ويمكن اعتباره أحد أوجه تنوع مصادر الدخل المساند للدولة في الدول الإسلامية وداعماً رئيساً للاقتصاد الوطني فيها.

* رأيي المتواضع:

أضع حالياً اللمسات الأخيرة على بحث الدكتوراه الذي أقوم به في جامعة الخليج العربي وبالتعاون مع جامعة بوسطن الأمريكية، حول الابتكار الاجتماعي ودوره في تحقيق التنمية المستدامة، والذي أثبتُّ فيه أن «نظام الوقف الخيري» هو أحد أفضل الممارسات العالمية في مجال الابتكار الاجتماعي ويستطيع تحقيق التنمية المستدامة، إذا ما تم تفعيله، ووضع الاستراتيجيات الملائمة لتحقيق أهدافه.

«للحديث بقية».