تونس - منال المبروك

نجحت هيئة الاقتراع التونسية من تسجيل مليون ناخب جديد على لوائح المقترعين الذين من المرتقب أن يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع في أكتوبر ونوفمبر المقبلين للمشاركة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

وقبل يوم واحد من غلق باب التسجيل للمشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة سجلت تونس قفزة نوعية بعد التحاق مليون ناخب جديد بالسجل الانتخابي، غالبيتهم من الشباب، وسط تشكيك الأحزاب وتعبيرها عن مخاوفها بشأن هذا "التضخم" في الكتلة الناخبة.



وضمن جرد سابق أجرته هيئة الاقتراع "المستقلة " قالت إن "نحو 3.2 مليون تونسي غير مسجلين على قوائم المقترعين، وأن هدفها هو الزيادة في عدد المسجلين بهدف إنجاح الاستحقاقات السياسية القادمة".

وبحسب بيانات رسمية، كشف عنها رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات "هيئة الاقتراع"، نبيل بفون لـ"الوطن"، "فقد تجاوز عدد المسجلين الجدد مليونا وسبعة آلاف ناخب، ليصل العدد الإجمالي الجديد للتسجيلات، إلى 1007611 ناخبا، موزعين كالآتي، 538532 أنثى، و469076 ذكرا"، مشيرا إلى أن "أكثر من 14 ألف مسجل يمثلون التونسيين المقيمين في الخارج".

وقال نبيل بفون إن "67 % من المسجلين الجدد هم من فئة الشباب لا تتجاوز أعمارهم 35 سنة، وأن 54 % منهم إناث في حين أن نحو 30 % من المسجلين الجدد هم من طلبة الجامعات الذين تراوح أعمارهم بين 18 و25 سنة".

وفتحت هيئة الاقتراع منذ يوم 10 أبريل الماضي باب التسجيل بهدف زيادة عدد المقترعين وخصصت مكاتب قارة وأخرى ومتنقلة للتشجيع على زيادة عدد المسجلين في لوائح الاقتراع وتوسيع الخزانات الانتخابية للأحزاب المشاركة في الاستحقاقات السياسية القادمة في تونس.

ولا تحجب الزيادة في عدد المقترعين مخاوف من نسبة عزوف كبرى على المشاركة في الانتخابات المقبلة، في ظل حالة اليأس التي تسيطر على التونسيين المرهقين بالصعوبات الاقتصادية.

ولم تشهد هيئة الانتخابات هذا التدفق للناخبين منذ انتخابات 2014، حيث تراجع منسوب الإقبال على التسجيل، وشهدت الانتخابات التشريعية الجزئية في دائرة ألمانيا عزوفا منقطع النظير، فلم يشارك سوى 5 % في العملية الانتخابية التي جرت في نهاية عام 2017، كما عرفت الانتخابات البلدية في 2018 الماضي انتكاسة على مستوى الإقبال والمشاركة مقارنة بالمحطات الانتخابية السابقة في 2014، حيث شارك ثلث المسجلين فقط رغم أنها كانت تمثل أول انتخابات بلدية منذ الثورة.

وتستهدف هيئة الانتخابات 3.5 ملايين تونسي يحق لهم الانتخاب والمشاركة في المحطات القادمة ببلوغهم سن 18 عاما، وتشير الإحصاءات إلى أن عدد الناخبين المسجلين في السجل الانتخابي بلغ 5 ملايين و369 ألفا و892 مسجلا، وينتظر أن يلتحق بهم أكثر من مليون ناخب جديد بعد انقضاء آجال التسجيل، فيما يرجح أن يبلغ عدد الناخبين أكثر من 6.5 مليون مسجل للمشاركة في الانتخابات التشريعية التي ستجري يوم 6 أكتوبر 2019، فيما تجرى الانتخابات الرئاسية في دورتها الأولى يوم 17 نوفمبر 2019.

وتصاعدت مخاوف الأحزاب السياسية من تدفق سيل الناخبين، وخصوصا من فئة الشباب، لتتحدث عن مصير مليون صوت جديد محتمل لم يكن في الحسبان.

ويعتبر الجسم الانتخابي الجديد مجهولا بالنسبة للأحزاب الكبرى التي تتابع بدقة الحسابات الميدانية وحظوظها الانتخابية لتجد نفسها أمام سلة مجهولة من الأصوات غير معلومة المصير.

وانتقد حزب النهضة، صاحب الأغلبية البرلمانية، في ندوة صحافية، التسجيلات الأخيرة، حيث قال محسن النويشي، عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة والمكلّف بمكتب الانتخابات والحكم المحلّي، "نثمن ما قامت به هيئة الانتخابات، ولكننا ضد تضخيم السجل الانتخابي".

وشكك النويشي بحذر في عملية التسجيل، مشيرا إلى وجود "شبهة" التسجيل الآلي في عملية تسجيل الناخبين لدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مشيرا إلى أن "عددا من المواطنين في مختلف جهات الجمهورية، وخاصة من الشبان والطلبة والتلاميذ، عندما توجّهوا للتسجيل في مكاتب الهيئة وجدوا أنفسهم مسجّلين، وغالبا ما وجدوا أنفسهم مسجّلين في مكاتب اقتراع بعيدة عن مقرّات سكناهم".

ويمثل الجيل الجديد من الناخبين المتمثل في الشباب وطلاب الجامعات تهديدا لحركة النهضة التي تسعى إلى استقرار الكتلة الانتخابية والحفاظ على حصتها المتمثلة في نحو مليون ناخب مقابل تعويل على تشتيت بقية الأصوات بين الأحزاب التقدمية والديمقراطية وبقية العائلات السياسية الممثلة لليسار والقوميين.

وقال حسن الزرقوني وھو مدير مؤسسة "سیغما كونساي" لسبر الآراء، إن "توجھات الناخبین لا تتغیر في ظرف وجیز و"النداء لا يندثر أيضا لأن الوسط مطلوب والناس في حاجة إلى تونس الحداثیة التقدمیة والوطنیة الدستورية التي تستأنس بدولة الاستقلال".

ورأى الزرقوني أن "حركة "تحیا تونس"، "كتلة الائتلاف الوطني 44 نائبا"، التي أسسھا مؤخرا مقربون من رئیس الحكومة يوسف الشاھد ستأخذ شیئا فشیئا موقع "نداء تونس"".

وفسّر الزرقوني "صعود "تحیا تونس" بوجود يوسف الشاھد في رئاسة الحكومة"، مضیفاً "كل شيء يدل أن التونسیین متأثرون بما يحدث في البلدان الشرقیة من حیث إعطاء الثقة للحاكم مباشرة".

وقال الخبیر التونسي في الانتخابات إن "نسبة العزوف تلعب دورا كبیرا أيضا في ترسیخ الوضع الراھن".

وأضاف الزرقوني "إذا قرر الشباب بین 18 و25 عاماً والذي يمثل 18 % من الجسد الانتخابي أن يستفیق يوم 6 أكتوبر ويذھب للانتخاب لحزب اسمه "18- 25"، سیكون في الحكم ويكون أقوى حركة سیاسیة في البلد".