عندما تشرع الدول العظمى في وضع سياستها للعلاقات الدولية ومنها المملكة العربية السعودية، يكون انطلاق خطواتها الأولى من الأمن القومي الذي ينقسم إلى عنصرين رئيسيين، مصادر الخطر، ومرتكزات الأمان بالداخل، ومحيطها الإقليمي.

ومن حق دول الخليج العربي والدول العربية أن تعيش بسلام وأن تحافظ على مكتسباتها التنموية والاقتصادية والاجتماعية. ومن حقها كذلك وضع الاستراتيجيات التي تضمن تحقيق أهداف التنمية والعيش بسلام عبر السعي إلى تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة وتطوير هيكل أمني جدير بالثقة وتدعيم الاستقرار في الشرق الأوسط، بما يتضمنه ذلك من الوساطة لحل النزاعات القائمة بين الدول العربية والتسوية الشاملة للصراع العربي الإسرائيلي وللجم القوى الثورية الراديكالية والنفوذ الإيراني.

لماذا نقول ذلك؟

إذا ما تأملنا في العقود الأربعة الأخيرة سنرى أن نظام الملالي الإيراني شكل مصدر الخطر الأول لدول الخليج العربي والدول العربية، عبر سياسات إيران التوسعية والتدخل في الشؤون الداخلية لعدة دول عربية، وإنشائها لميليشياتها الطائفية والإرهابية لتنفيذ أجندات نظام الملالي الإيراني الذي لا يستقيم مع روح المواطنة ولا التعايش المشترك بين المجتمعات، والشواهد على ذلك كثيرة وعديدة.

إذ نرى اليوم لبنان مختطفاً من قبل ميليشيا حزب «اللات» الإرهابي، والعراق من أحزاب سياسية، لديها ميليشيات طائفية، علاوة على ما يسمى بـ«الحشد الشعبي»، على غرار الباسيج الإيراني - والحوثي في اليمن والميليشيات الطائفية الإرهابية في سوريا، و«سرايا الأشتر»، التي قامت بعدة أعمال إرهابية في البحرين، والتي تم وضعها على قائمة الإرهاب الدولية وتتخذ من إيران مقراً لها، ليس هذا فحسب، بل قامت إيران بتوفير الغطاء السياسي والمكاني للجرائم العابرة للوطنية التي يكافحها المجتمع الدولي، والتي قامت بأعمال إرهابية في كل من السعودية والكويت والبحرين وسوريا واليمن، علاوة على إنشاء شبكات التجسس والهجمات السيبرانية. كل تلك الأفعال كانت ولاتزال يقف خلفها نظام الملالي الكهنوتي الإيراني.

المتاجرة بالدم وتصدير الإرهاب

إن النظام الكهنوتي الإيراني قائم على المتاجرة بالدم وتصدير الإرهاب وحمايته عبر وكلائه وميليشياته الإرهابية، لذلك وجب التصدي لكل ذلك عبر قائد يقود دول الخليج العربي والدول العربية لمواجهة هذا الخطر في السلم وفي الحرب، في السياسة والاجتماع والاقتصاد، في الهيمنة الثقافية والانتشار الإعلامي، وإجمالاً مواجهتها لتحييدها من نشر طائفيتها المقيتة التي غالباً ما تنتهي بالاحتراب بين المجتمعات داخل البلد الواحد، وتعمل على تأخير التنمية للدول العربية عبر خلق الصراعات الداخلية والمتاجرة بالقضية الفلسطينية واستجلاب حزب «الإخوان»، «حماس»، للوقوف ضد أي منفرج أو توحد عربي لحلحلة القضية الفلسطينية.

لم يكتفِ نظام الكهنوت بذلك بل أوعز لمرتزقته لرفع خوارهم ونعيقهم وفحيحهم ضد مؤتمر البحرين الاقتصادي الذي نأمل أن يكون باكورة العمل لاسترجاع الحق الفلسطيني وقيام دولته المتكاملة اقتصادياً واجتماعياً وجغرافياً.

لكل ذلك نقول، هنا يأتي دور المملكة العربية السعودية العظيمة لتقود أشقاءها من دول الإقليم والدول العربية والمجتمع الدولي، للجم تصرفات نظام إيران الكهنوتي ثقافياً واقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، الذي أثر سلباً على التنمية والاقتصاد والأمن والسلام الدوليين، والعمل على حل النزاعات القائمة بين الدول العربية والتسوية الشاملة للصراع العربي الإسرائيلي.