لامست كلمات جلالة الملك المفدى مصالح العرب ووجودهم كما لامست آذانهم. خطابه في القمة العربية الطارئة أمس قال للعرب ما يحتاجون أن يسمعوه بوضوح في لحظة تاريخية فارقة. لا بد من السعودية طال الزمن أوقصر. الثقل السعودي حصننا الأول والأخير و"الوجهة المثلى لحل قضايانا العربية".

مشاريع الهيمنة الإقليمية تتصارع وتتهادن على أرضنا، وقودها من دمائنا، ومصالحنا أولى ضحاياها، وربما وجودنا. فيما تقود السعودية تحالفاً عربياً لإيقاف كل هذا، لم تنجح كل البروبغندا المضادة في تقزيم نجاحه المدوي؛ حشر النظام الإيراني في الزاوية.

احتاج العالم وقتاً طويلاً ليعرف ما تعرف البحرين من خطر هذا النظام. حذّرت البحرين العرب طويلاً من تدخلات إيران ومشروعها. وفي كل الملمات انحازت إلى قضايا أمتها، بل كانت رأس حربة في مواجهة أوهام طهران وأحلامها.

وأمس، جدد العاهل المفدى التحذير فـ"الدول الراعية للإرهاب باتت تشكل خطراً كبيراً ليس على الأمن والاستقرار في المنطقة فقط، بل على الأمن العالمي برمته"، و"تابع العالم أجمع الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي قامت بها مجموعات إرهابية مدعومة من إيران بحق المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة".

يحتاج العرب في مواجهة كل هذا إلى مشروع، سماه جلالة الملك المفدى "رؤية متكاملة واستراتيجية شاملة" لأمننا القومي. فقد أثبتت أحداث المنطقة أن غياب المشروع يحوّل بلاد العرب من دول إلى ساحات. ونستطيع إن توفرت الإرادة والحد الأدنى من التضامن أن نواجه ذلك كله. قدم ملكنا في ذلك درساً عملياً حين أفشل مشروع إيران في البحرين، بإرادة فولاذية، وحكمة قل نظيرها، معتمداً بعد الله تعالى على إرادة البحرينيين ومساندة الأشقاء في السعودية والإمارات تحديداً. فتخطت المملكة واحدة من أصعب لحظاتها التاريخية وانتصرت على إيران ومشروعها انتصاراً سيظل درساً تاريخياً للأجيال.

وفيما ترتعد إيران من "طبول الحرب"، يؤكد جلالة الملك حمد بن عيسى أننا "كنا وسنظل قادة وصناع سلام"، لكنه السلام الذي ينتصر للحق وتحميه القوة، السلام الذي لا ندخر فيه جهداً في حماية أوطاننا والانتصار لمجتمعاتنا وأمننا القومي. إنها الفروسية بأبهى تجلياتها في زمن ندر فيه الفرسان.

ندرك اليوم كما في كل اللحظات الفارقة أن كلمات العاهل المفدى في القمة العربية الطارئة ستظل درساً للتاريخ عن الرجال حين تواجه أمتهم أخطر المراحل.