العجوز هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، قال في وصفه لنظام إيران، إن «النظام لا يختلف في أهدافه ومضمونه عن أهداف ومضمون متطرفي «داعش»، وأوضح أن «امتلاك إيران لسلاح نووي سيدفع بالجميع في المنطقة للإسراع في تطوير أسلحة نووية ومنها السعودية وتركيا ومصر مما سيجعل أمن إسرائيل في خطر». وتساءل «إذا سمح لإيران بتطوير السلاح النووي ولحقها الآخرون، ماذا سنفعل؟ أي ماذا ستفعل أمريكا للسيطرة على وضع صعب ومعقد كهذا». كان ذلك في ندوة شارك فيها عام 2015، في منتدى الأمن العالمي بعنوان «إيران وطريق الشرق الأوسط».

ومن ضمن حديثه في الندوة ذكر التالي: 1- علينا أن نلتزم بدعم حلفائنا «دول الخليج العربية»، ضد الإمبريالية الإيرانية. 2- الحوار مع إيران مطلوب أيضاً في نفس الوقت. لا نريد أن نهجر دول الخليج العربية وأيضاً لا نريد لإيران أن تكون خارج النظام العالمي. 3- إيران تعكف على أمرين معاً، القادة ومن ضمنهم المرشد الأعلى متشبثون بثورة الخميني ويسعون إلى التمدد والتوغل في محيطهم، أما الشباب فلديهم وجهة نظر مختلفة ويفضلون التواصل مع النظام العالمي خارج محيطهم الإسلامي. لكن علينا «أي أمريكا»، التركيز على سياسة إيران الخارجية وليس الشأن الداخلي. 4- مع مرور الوقت، علينا ألا نستبعد أن يكون للهند والصين دور في الشرق الأوسط كذلك فتبعات ما يحدث تؤثر عليهما.

إذاً، الاستراتيجية الأمريكية في التعامل مع الملف الإيراني والتي ألمح إليها كيسنجر هي إمساك العصا من المنتصف فهي تدعم حلفاءها وفي نفس الوقت تسعى لفتح حوار مع الخصم. وإن نجحت الولايات المتحدة في ذلك فإنها ستستطيع وحدها أن تضمن الاستقرار في المنطقة بل وأن تكون المرجع في أي خلافات مستقبلية.

وكلام كيسنجر يوضح لنا ما يقصده الرئيس ترامب حالياً عندما يصرح بأنه لا يريد الاصطدام عسكرياً مع إيران ولا يريد إسقاط نظامها وأنه يريدها -بل ويحثها- أن تتحاور معه شخصياً «أي مع أمريكا وحدها بدون أوروبيين أو روس أو آخرين».

وتذكرنا هذه الاستراتيجية بعام 73، عندما سارعت أمريكا «بقيادة كيسنجر»، إلى دعم إسرائيل عسكرياً ودبلوماسياً وفي نفس الوقت جعلت من نفسها وسيطاً لوقف الحرب بين العرب وإسرائيل. وبذلك سيطرت على كل خيوط اللعبة وتفردت بها.