الحديث عن ما تنشره الحسابات التحريضية والمثيرة للفتنة، له دلالات قوية وواضحة في تلك الأيام، لا سيما ما يتعلق بقضية إعادة بث ما تنشره، خاصة إذا كان تأييداً لما ينشر، حيث إن المتتبع لتلك الحسابات التحريضية والمثيرة للفتنة، يلحظ أن هدفها في المقام الأول إثارة الفتنة ومحاولة تهديد السلم الأهلي، وضرب النسيج المجتمعي، من خلال زعزعة الأمن والاستقرار في البحرين. ولا يقف هدف تلك الحسابات التحريضية عند زعزعة الأمن والاستقرار فقط، بل يمتد إلى محاولة تشويه صورة وسمعة مملكة البحرين وشعبها الطيب.

لذلك كان من اللافت، توجيه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، للأجهزة الأمنية المختصة بضرورة وضع حد لسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث شدد حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، في كلمة سامية ألقاها جلالته، لدى لقائه في قصر الصخير قبل أيام، المهنئين من أهالي محافظات المملكة، الجنوبية، والعاصمة، والمحرق، والشمالية، بمناسبة شهر رمضان المبارك على «أننا لعلى قناعة تامة بأن «نسيجنا الوطني الحي» لهو خط دفاعنا الأول لتماسك جبهتنا الداخلية، بقدرتها الثابتة على صد كافة أشكال العنف والتطرف وإحباط أي محاولات لإثارة فتن شق الصف، بالابتعاد عن سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي يجب أن تستخدم لما فيه خير البلاد وشعبها، وأن تكون معول إصلاح لا هدم، ولقد وجهنا في هذا الشأن، الأجهزة الأمنية المختصة لوضع حد لذلك وبحزم، ولا مكان بيننا لمن يتطاول على القانون». وقد كان التوجيه الملكي واضحاً بضرورة التعامل بحزم مع من يتطاول على القانون من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بصورة غير صحيحة.

من هذا المنطلق، سارعت الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني إلى «الكشف عن شبكة من المواقع الإلكترونية المسيئة للأمن الاجتماعي البحريني، يتم إدارة أغلبها من قبل جهات خارجية سواء في دول المنطقة، أو دول أوروبية، إضافة إلى شخصيات صادر بحقها أحكام قضائية وهاربة خارج البلاد». وقد كان من اللافت أن تحريات الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني قد دلت على أن «هناك خلايا إلكترونية تعمل على دعم هذه الشبكات من خلال تزويدها بالمعلومات المغلوطة من داخل البلاد، وفي الوقت ذاته الترويج لرسائلها المشبوهة، حيث تم رصد هذه الخلايا فيما تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المتورطين فيها»، وفقاً لما كشفته الإدارة.

لذلك، لا بد أن يبرز الدور الوطني للمواطنين والمقيمين، وتتجسد الشراكة المجتمعية الفاعلة، من خلال الالتزام بعدم التعامل أو التعاطي مع الحسابات التحريضية والمثيرة للفتنة أو شبكات المواقع الإلكترونية المسيئة للأمن الاجتماعي البحريني، لأنها ببساطة تتسبب في زعزعة أمن واستقرار المجتمع وتهدد السلم والأمن الأهلي بشكل مباشر. بل إن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل لا بد من توخي الحيطة والحذر وتحري المصداقية عند نشر أي معلومة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وعدم إعادة نشر ما يروج من ادعاءات وشائعات مغرضة تهدف إلى العبث بأمن واستقرار البلاد، عن طريق التحريض الإلكتروني، وإثارة الفتنة المجتمعية.

وهنا، لا بد من التفريق ما بين حرية الرأي والفكر والتعبير التي كفلها دستور مملكة البحرين، وبين إعادة ترويج شائعات مغرضة، عبر نشرها على شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة دون التحقق من مصدر تلك الأخبار، واعتبار تلك الممارسات غير المسؤولة تندرج تحت خانة الفكر والرأي والتعبير، بل على العكس تماماً، تعد تلك الممارسات مخالفات قانونية تعرض مرتكبها للمساءلة القانونية، لا سيما وأن الواجب الوطني يحتم على كل فرد أن يستقي المعلومات الصحيحة من مصادرها الرسمية.

لذلك، كانت الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني، واضحة بشأن التشديد على أن «إعادة بث ما تنشره الحسابات التحريضية والمثيرة للفتنة، أو تقديم الدعم والتأييد من خلال التعليقات المؤيدة لأصحاب هذه الحسابات وما تنشره من مواد مثيرة للفتنة، يعرض الفرد للمساءلة القانونية، نظراً لما قد ترتبه تلك الأفعال من مسؤولية قانونية تجاه المتابعين، الأمر الذي يتطلب اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم»، لا سيما وأن من يعيد بث تلك الحسابات التحريضية والمثيرة للفتنة يعد مشاركاً بشكل مباشر في تلك الجريمة الإلكترونية، التي تضر بأمن وسلامة الوطن وتهدد استقراره ونسيجه المجتمعي، حيث تكشف إلى أي مدى كيف يرتكب هذا الشخص جرم إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

* وقفة:

التعامل بحزم مع ما تنشره الحسابات التحريضية والمثيرة للفتنة مسؤولية الجميع حيث تبرز مدى الشراكة المجتمعية والانتماء للوطن في الدفاع عنه ضد كل من يهدد أمن واستقرار البحرين وشعبها الطيب!!