القصة في من يقف وراء حضور قطر؟ ومن يقف وراء انسحابها؟ فالمسكينة تقع بين حجري الرحى ولا تعرف ترضي من وتغضب من؟ القصة في حجري الرحى لا في هذه الدويلة، طرف أمرها بالحضور وطرف أمرها بالانسحاب.

لذلك على إيران وقطر أن يضعا في اعتبارهما سيناريو فوز ترامب للولاية الثانية أحد أحجار الرحى لراسمي خاطرة الشرق الأوسط الجديد، وذلك يعني القضاء على آمال التيار اليساري الذي تحالف مع قطر من أجل تمويل مشروعهم لشرقهم الأوسط الجديد حجر الرحى الثانية، إذ سيكون أمامهم أربع سنوات عجاف أخرى.

وفقاً لشبكة «سي إن إن» الأمريكية في تقريرها عن القمم الثلاث أن ضغطاً أمريكياً مورس على قطر من أجل دفعها إلى إرسال وفد رفيع المستوى للمشاركة فيها ووقف التحريض على قمة مكة.

كما نقلت الشبكة الأمريكية عن مصادر في البيت الأبيض قولها إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلبت من قطر التوقف عن الاتصال بالجانب الإيراني ووقف محاولات الوساطة بين الجانبين، فحضرت قطر قمتين بناء على ضغط ترامبي.

أما لماذا انسحبت من الثالثة؟ فإن التيار الأمريكي الآخر الذي يمني نفسه بالعودة للبيت الأبيض وخصوم ترامب يضغطون عليها للاستمرار في موقفها المعادي للمملكة العربية السعودية وفي الإبقاء على تحالفها مع إيران أي في الاستمرار بتمويل مشروعهم، لذلك وجدت نقطر نفسها في مأزق حين بدأت الإدانات تتوالى على إيران فانسحبت.

مسكينة قطر التي تمني النفس بخسارة ترامب وعودة الحلفاء، أما إن بقي ترامب فإن الضغط سيتواصل عليها لتحديد مسارها وعليها أن تختار بينه وبين خصومه.

المأزق يتفاقم وترامب سيعلن ترشيحه لفترة ولاية ثانية وفرص فوزه كبيرة، فبعيداً عن ما يتداوله الإعلام الخاضع للتيار الآخر فإن للرجل شعبية على أرض الواقع اكتسبها من تحسن الأرقام الاقتصادية الخاصة بالوظائف وارتفاع الأسهم في البورصة يتكلم نيابة عنه، بل إن الحملات الإعلامية المضادة المكثفة حولته لضحية تعاطف معها الرأي العام الأمريكي، وبناء عليه فإن فرص فوزه كبيرة، فإن نجح ترامب فإن ذلك سيضع قطر في مأزق كبير هل تواصل لأربع سنوات أخرى من التمويل دون ضمانات؟ وكم سيستنزف ذلك منها؟

وأربع سنوات من الحصار على إيران هل ستصمد؟ وخلال هذه السنوات هل ستساهم قطر في الحصار على إيران؟ أم ستساعدها على الالتفاف على العقوبات؟ وهل تأمن الجانب الأمريكي؟ لتقع قطر بين الكماشتين حائرة هل تخضع للضغط الترامبي أم لضغط التيار اليساري الأمريكي الآخر المتحالف مع إيران والذي يطالبها بالتحمل والاستمرار، حيرة ما بعدها حيرة والاثنان يتصارعان ويطحنان الدويلة الصغيرة التي اعتقدت أنها ستكبر حين تلعب مع الكبار.

* قال المتنبي:

لكل داء دواء يستطب به... إلا الحماقة.. أعيت من يداويها..