الخبر الذي نشرته مؤخراً وكالات الأنباء والصحف والمواقع الإلكترونية عن محاكمة عربي وزوجته الألمانية أمام محكمة دوسلدورف غرب ألمانيا بتهمة الإعداد لأول هجوم إرهابي في ألمانيا بمواد بيولوجية، هذا الخبر ينبغي أن يجد اهتماما غير عادي من كل الأجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب في الدول العربية بوجه خاص، ليس لأن أحد المتهمين عربي فقط وليس لأنه وشريكته على علاقة بداعش وسبق أن حاولا السفر للانضمام إلى هذه المنظمة الإرهابية فقط ولكن لأن كل هذه الدول أعلنت أنها تعمل على مكافحة الإرهاب، ولأن الدول العربية إجمالاً تضررت من الإرهاب وذاقت من ويلاته.

قصة المتهمين باختصار وحسب بيانات الادعاء العام الألماني هي أنهما «30 و43 عاماً» أعدا للهجوم بقنبلة مصنوعة من مادة الريسين شديدة السمية عام 2018 وأنهما كانا قد قررا قبل ذلك شن هجوم طابعه أصولي في ألمانيا وتفجير عبوة ناسفة وسط حشد كبير من الناس بغية قتل وإصابة أكبر عدد ممكن من الأشخاص.

«وبحسب البيانات اشترى الشريكان عبرالإنترنت 230 كرة فولاذية وآلافاً من بذور الريسين، وتحصلا على المواد المتفجرة عبر ألعاب نارية غير مرخص بها في ألمانيا»، وهما يواجهان الآن عقوبة بالسجن تصل إلى 15 عاماً، فقد وجد في شقة أحد المتهمين 84.3 مليغرام من الريسين ونحو 3300 من بذور الخروع التي تتيح صنع السم «وتعد هذه المادة الأقوى بستة آلاف مرة من السيانيد، فهي قاتلة إذا تم تناولها أو استنشاقها أو حقنها». وحسب الخبراء فإن هذه «الخلطة» يمكن أن تؤدي إلى مقتل نحو مائة شخص في وقت واحد.

معلومات كثيرة خطيرة تم نشرها عن كميات وأنواع المواد التي تم ضبطها مع المتهمين، وكلها سامة وتؤدي إلى الموت، وتؤكد أنهما عمدا إلى القيام بعمل إرهابي لا سابق له.

المفرح في الموضوع هو أن ألمانيا قالت إن اعتقال المتهمين تم «بفضل التعاون بين أجهزة الاستخبارات الوطنية والدولية»، حيث «ذكرت وسائل إعلام ألمانية أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي إيه» حذرت ألمانيا بعد اكتشاف عمليات شراء عبر الإنترنت، لمواد كان يفترض أن يستخدمها المشتبه به في صنع القنبلة»، أما المحزن فيه فهو أن الخبر تضمن معلومة عن أنه تم في تونس توقيف رجلين آخرين يشتبه بأنهما شريكان للمتهمين، ما يعني أن الذي يقوم بهذا العمل فريق متكامل ينتمي إلى منظمة إرهابية تمتلك من الخبرة ما يعينها على تهديد حياة كل البشر. وهذا يعني أيضا أنه على الدول كافة، وخصوصا العربية، أن تكون في حالة تأهب، مثلما هو الحال حالياً ومنذ فترة في ألمانيا التي يبدو أنها صارت هدفاً للإرهابيين.

التعاون بين أجهزة المخابرات في الدول أمر صار مهماً ومطلوباً بقوة، والتأهب لمواجهة كل خطر قد يلوح في أية لحظة صار مهماً أيضاً ومطلوباً، ومهم كذلك ومطلوب بقوة تعاون الأفراد في كل مكان مع الجهات المعنية بالأمن حيث الضرر يشمل الجميع من دون استثناء، وهو في حالة ما كان يحضر له المتهمان في ألمانيا كان يستهدف كل من يسوقه سوء حظه ليتواجد في المكان الذي اختير لتنفيذ العملية فيه، ما يؤكد أن الإرهاب يطال الجميع من دون استثناء.

مهم جداً وقد آلت الأحوال إلى ما آلت إليه ألا يؤخذ شعار محاربة الإرهاب الذي ترفعه بعض الدول على أنه مجرد شعار أو أنه مبرر يعين الأجهزة الأمنية على التحرك بارتياح، فهناك بالفعل إرهاب يحيط بالجميع، وهناك إرهابيون من المتطرفين ومن فاقدي العقل متوفرون في كل البلدان من دون استثناء ولا مفر من مواجهتهم ليتوفر الأمان.