كتب - طارق العامر:
يبدو أن الفوز بالانتخابات ما عاد الهدف الأول لكثير من المترشحين «المتسلقين» -بحسب وصف أحد المنافسين بالاستحقاق المقبل- إذ قال إن طريقة جديدة بدأ ينتهجها بعضهم بـ»مساومة مترشحين آخرين بالدائرة على الانسحاب مقابل مبالغ نقدية»، مشيراً إلى أن «المبتزين ابتكروا طريقة جديدة للاتجار بالحق في الترشح والتكسب غير المشروع».
ويقول أحد المترشحين إن «فرصة النجاح المعدومة لم تكن سبباً كافياً أمام شخص جاء من خارج القرية ورشح نفسه فيها، فهدفه بات الآن جلياً بمساومتنا مقابل انسحابه»، فيما يحكي آخر معاناته مع انتهازي يطرق كل يوم باب منزلي ليفاوضني على الانسحاب ومع رفضي المتكرر أنزل المبلغ الآن إلى النصف».
ورغم أن كافة التجارب الديمقراطية في العالم، لا تخلو من جوانب سلبية، إلى جانب الإيجابيات، إلا أن بروز مترشحين «متسلقين ومتمصلحين» على خريطة التنافس البرلماني، أصبح حديثاً معاداً لدى كثير من المترشحين.
أحد المتنافسين من إحدى قرى الشمالية يقول لـ»الوطن»: نحن مجموعة من المترشحين من الدائرة نفسها، نكاد نكون من القرية نفسها، ترشح معنا أحد المرشحين من خارج القرية، ودون حساسية، هو من الطائفة السنية الكريمة. ويضيف المترشح: بصراحة لا يهمني إن كان سنياً أم شيعياً! فكلنا مسلمون وبحرينيون، وبالتالي يحق له، كما يحق لي، أن يترشح وينافس على مقعد البرلمان، لكن الغريب، أن هذا الشخص وبجانب أنه يفتقر إلى الكفاءة والمؤهل والخبرة، وعدم الاطلاع على مشاكل القرية والتواصل مع الأهالي، بحكم أنه من خارج القرية، ورغم معرفته أن نسبة حظوظه تكاد تكون معدومة، يجيب عندما يسأل عن جدوى ترشحه، «فرصة نطلع لنا بكم بيزة، بكرة فلان بيساوموني على الانسحاب!!».
الأمر نفسه يؤكده مترشح آخر بكلمات مختلفة: بحكم أني ابن الدائرة وعلى اطلاع بأحوالها ومشاكلها ولدي دراية تامة بأهالي الدائرة، من صغيرهم إلى كبيرهم، وعلى تواصل مستمر مع الشارع، وأحمل مؤهلاً أكاديمياً عالياً؛ ترشحت عن الدائرة بعد أن طلب مني أهالي الدائرة ذلك بل وألحوا علي في ذلك أيما إلحاح، لكن دخل على خط المنافسة معي على مقعد الدائرة أحد المترشحين ممن يشتهر عند الناس بأنه متسلق ووصولي، وهو لا يحمل مؤهلاً عالياً.
ويضيف: أن وسيط هذا المترشح يطرق باب منزلي ويساومني بمبلغ مالي مقابل الانسحاب من سباق المنافسة وإخلاء الطريق لي، ورغم أني في كل مرة أرفض إلا أن محاولاته لم تتوقف، بل إنه خفض المبلغ إلى أقل من النصف في مقابل «ألا يطلع من المولد بلا حمص».
مراقبون يؤكدون وجود مثل هؤلاء المتسلقين، دون كفاءة ولا مؤهل، قدموا أوراق ترشحهم على أمل أن يمشي معهم الحظ، فيحصل على السيارة الـ«بي إم دبليو»، والراتب المجزي، وجواز السفر الخاص والحصانة البرلمانية. وهناك من يمارس ضد المترشحين لعبة ابتزاز، مستغلاً الظروف الاجتماعية والسياسية التي يعيشها أهالي الدائرة والمترشحين في محاولة منه للتضييق على هؤلاء المترشحين بل وابتزازهم، رغم أنه ليس على قدرة الكفاءة أو العلم أو المؤهل الذي يملكه المنافسون الآخرون، وهو مجرد مرشح صلف منزوع من الغيرة الوطنية وعدم الشعور بحجم المسؤولية، بجانب افتقاده الجماهيرية والتواصل مع أهالي الدائرة مما يجعل قدرته على خوض الانتخابات البرلمانية كالرقص على سلالم متحركة. أما عن الدافع من وراء دخول أمثال هؤلاء الانتخابات؟ فيرى مراقبون أن غياب مرشحي الوفاق (الكتلة الإيمانية) عن المشهد السياسي، ورغم أنه (صلاح) ويصب في مصلحة الأخيار والوطنيين الذين يسعون إلى خدمة وطنهم بضمير، ويدفع بالكثيرين من المرشحين الأكفاء للترشح، إلا أنه في الوقت نفسه عامل مشجع بالنسبة للمتسلقين والانتهازين والمتمصلحين للدخول في العملية السياسية، بغية لعبة الابتزاز، فهناك من يدخل المنافسة وهو يعلم بأن نسبة حظوظه تكاد تكون معدومة ومنتهية، ولكن يتعامل مع الموقف وفق المثل الشعبي القائل: «يا صابت يا اثنين عور»، يعني إن تحقق حلمه وفاز كان به وإن لم يكن فأمامه وسيلة أخرى وهي الضغط على منافسيه وابتزازهم بطريقة رخيصة وسمجة.
إن ذلك يتم عادة عبر وسيط «مطراش»، يتولى عملية المساومة مع باقي المرشحين واستلام مقابل الانسحاب، وإن رفض عرضه فقد «جنت على نفسها براقش» وتحول إلى عدو وبالتالي مباح ضده استخدام كل أنواع الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، حتى لو خسر كلاهما الانتخابات.