منذ قيام الثورة الإيرانية قبل نحو 4 عقود، بقيادة آية الله روح الله الخميني، والنظام الإيراني يحرص على تصدير الثورة، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، والدول العربية بوجه عام، عبر استخدام ميليشياته المسلحة وأذرعه في عدد من الدول، لاسيما «حزب الله» في لبنان، وميليشيات المتمردين الحوثيين في اليمن، وميليشيات «الحشد الشعبي» في العراق، فضلاً عن دعم نظام عائلة الأسد في سوريا، سواء الأب حافظ، أو الابن بشار. وتمول إيران تلك الميليشيات والأذرع مادياً ولوجستياً من أجل زعزعة الاستقرار والأمن في الخليج وفي المنطقة، فيما يتم ذلك بإيعاز وإشراف مباشر من الحرس الثوري الإيراني.

وقد راهنت إيران على الميليشيات المسلحة التابعة لها على مدار نحو 4 عقود، واستطاعت أن تستخدم «حزب الله» في عمليات إرهابية نوعية، وكذلك ما يتعلق بميليشيات «الحشد الشعبي»، لكن فيما يتعلق بميليشيات المتمردين الحوثيين، في اليمن، كان الوضع مختلفاً، حيث زادت إيران من دعمها للمتمردين منذ تأسيس التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية في مارس 2015، ليواجه انقلاب الحوثي على الحكومة الشرعية في اليمن بقيادة الرئيس المعترف به دولياً عبدربه منصور هادي.

والمتتبع لمجريات الأحداث الأخيرة في المنطقة، لاسيما منذ فرض إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات على إيران، وتوجيه إنذار شديد اللهجة لمشتري النفط الإيراني بضرورة وقف مشترياتهم بحلول الأول من مايو الماضي، تفادياً للعقوبات المحتملة عليهم، يلحظ جلياً، كيف استطاعت إيران توظيف ميليشياتها في المنطقة من أجل زعزعة الاستقرار واستهداف دول الخليج لاسيما السعودية والإمارات، وقد جاء التوظيف هذا المرة من خلال ميليشيات الحوثي في اليمن، حيث استهدف المتمردون بعمليات إرهابية مواقع لوجستية في السعودية، وكان آخرها، أمس الأربعاء، حيث «أصيب 26 مدنياً من جنسيات مختلفة بينهم نساء وأطفال، جراء مقذوف معادٍ «حوثي» استهدف صالة القدوم بمطار أبها الدولي، والذي يمر من خلاله يومياً آلاف المسافرين المدنيين من مواطنين ومقيمين من جنسيات مختلفة»، وفقاً لما أعلنه المتحدث باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن العميد الركن تركي المالكي، فيما أعلنت ميليشيات الحوثي «مسؤوليتها» عن العمل الإرهابي، مشيرة عبر وسائل إعلامها، إلى «استهداف مطار أبها الدولي، جنوب السعودية، بصاروخ كروز، واستهدف برج المراقبة في المطار»، على حد زعمها.

التصعيد الإرهابي الحوثي ضد السعودية، يكشف بوضوح صراخ آلام إيران، حيث اتجهت الأخيرة إلى تحريك أحد أذرعها الإرهابية النشطة لشن هجمات نوعية ضد السعودية، بغية الرد على العقاب الأمريكي. وهنا يبدو كيف تستغل طهران الميليشيات المسلحة بين فترة وأخرى، لكن كل على حسب الدور المناط به والمرسوم له بدقة لتنفيذ أجندات إيران الإرهابية في المنطقة.

وهذا ما ذهبت إليه مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية قبل أيام، حيث ذكرت في تقرير تحليلي مضمونه أن «إيران تراهن على ميليشيات الحوثي من أجل زعزعة الاستقرار ومهاجمة السعودية»، وكانت الملاحظة الأبرز أنه منذ بدء مرحلة تصفير النفط الإيراني بداية من مايو الماضي وحتى إرسال أمريكا لحاملات الطائرات والقاذفات إلى منطقة الخليج العربي ردعاً لتهديدات إيران واحتمال إغلاق مضيق هرمز، بدأت ميليشيات الحوثي في تنفيذ المخطط الإيراني عبر استهداف السعودية بطائرات دون طيار، وصواريخ كانت تتصدى لها الدفاعات الجوية السعودية، كما قامت ميليشيات الحوثي، اثر قرار أمريكا تعزيز قدراتها العسكرية في منطقة الخليج، وسط تصاعد التوتر مع طهران، والحديث عن اندلاع حرب، أو توجيه ضربة عسكرية أمريكية لإيران، قامت ميليشيات المتمردين قبل نحو شهر باستهداف منشآت نفطية سعودية، بطائرات مسيرة مفخخة، وأخيراً، وربما ليس آخراً، استهداف المدنيين في مطار أبها أمس الأربعاء، وخلال الفترة الماضية لم تتوقف العمليات الإرهابية الحوثية ضد السعودية لاسيما عبر إطلاق الصواريخ الباليستية، وتسيير الطائرات المفخخة، لذلك استغلت طهران الميليشيات المتمردة، من خلال الدعم المادي واللوجستي والعسكري، عبر إمدادها بالصواريخ الباليستية، والطائرات دون طيار، والطائرات المفخخة، في تنفيذ العمليات القذرة، عوضاً عن «حزب الله» ربما لعدم استطاعة الأخير القيام بتلك العمليات في الوقت الحالي، لاسيما وهو «يشحذ» الآن في لبنان، تحت ضغط العقوبات الأمريكية الأخيرة.

وبطبيعة الحال، لا يمكن تجاهل العقوبات الأمريكية الأخيرة التي فرضت خلال الأيام الماضية، وتضمنت قطاع البتروكيماويات وشركات تهريب النفط الإيراني لسوريا.

* وقفة:

التصعيد الإرهابي الحوثي ضد السعودية يكشف بوضوح عن صراخ آلام طهران جراء العقوبات الأمريكية الأخيرة التي وجهت ضربات قاصمة للاقتصاد الإيراني كانت آخرها البدء في تصفير عائدات نفط «ولاية الفقيه»!!