سيستمر النظام الإيراني في الادعاء بأنه لا علاقة له بالصواريخ والطائرات المسيرة التي يتم الاعتداء بها على المدن والمطارات السعودية وتوعد الدول التي يتألف منها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، فالاعتراف بهذه العلاقة يعني البداية الحقيقية لنهايته، لهذا سيظل مصراً على القول بأن هذه الأسلحة يصنعها الحوثيون وأنه لا وجود لـ«مستشاري» الحرس الثوري و«حزب الله» هناك «كما كان الحال في سوريا ولايزال». ولكن لأن هذا الادعاء غير صحيح وغير منطقي ومرفوض لذا لا يصدق أحد ما يقوله النظام الإيراني وأتباعه والحوثيون، ويكفي القول بأن القيام بهذا العمل يتطلب خبرات لا يمتلكها الحوثيون، إذ حتى على افتراض أن الحوثيين استولوا على تلك الأسلحة يوم اختطاف صنعاء لا يمكن لأحد أن يصدق بأنهم يمتلكون القدرة على «تشغيلها».

الحاصل، منطقاً، هو أن النظام الإيراني هو المستولي الفعلي على صنعاء والعديد من المناطق والمدن اليمنية، فالحوثيون ليسوا سوى أتباعه وأدواته، وأنه لهذا يدافع عن تلك المناطق والمدن بكل ما أوتي من قوة ولكن تحت لافتة الحوثيين. والحاصل، منطقاً أيضاً، هو أن عناصر من الحرس الثوري الإيراني ومن «حزب الله» اللبناني متواجدون في صنعاء وتلك المدن والمناطق منذ الأيام الأولى التي تم فيها الاستيلاء على صنعاء، ولعل الجميع يتذكر كيف أن النظام الإيراني سارع إلى تثبيت وجوده في اليمن وكيف أنه قام عبر توقيع الاتفاق العاجل بين الطيران الإيراني و«السلطات الجديدة» في صنعاء بتسيير رحلات تم بواسطتها نقل ما أريد نقله إلى صنعاء على وجه السرعة، وكيف أن وفوداً حوثية حلت في طهران ووفوداً إيرانية حلت في صنعاء.

من هنا فإن من يقول بأن تلك الصواريخ والطائرات المسيرة من صنع الحوثيين وأنهم هم الذين يطلقونها على المدن والمطارات السعودية وعلى الإمارات ويهددون بها كل من لبى نداء استعادة الشرعية في اليمن وعمل على إنقاذ الشعب اليمني من فعل الحوثيين يغالط نفسه ويضحك عليها، فالشمس لا تغطى بغربال والحوثيون دون قدرات النظام الإيراني ولا يمكنهم العمل من دونه ومن دون توجيهات «المرشد الأعلى».

الاعتداء الغاشم على مطار أبها الدولي بالمملكة العربية السعودية الشقيقة عمل جبان من فعل النظام الإيراني وهو عمل إرهابي نفذه الحوثيون بالتعاون مع «المستشارين الإيرانيين واللبنانيين من أتباع حزب الله» مثلما نفذوا غيره من قبل، وكلها أعمال استهدفت المدنيين الأبرياء، وكلها تخالف الأعراف والقوانين الدولية الإنسانية.

يكفي لتأكيد أن العمل الإرهابي على مطار أبها الدولي هو من فعل النظام الإيراني وأتباعه متابعة تغطية فضائيات «العالم» الإيرانية و«الجزيرة» القطرية وتلك التابعة لهما وخصوصاً «الميادين»، حيث لم يتمكن مذيعوها ومقدمو برامجها من التغطية على حالة الفرح التي انتابتهم وهم يبثون ويعيدون بث خبر الاعتداء وعملت هذه الفضائيات جهدها في الترويج لفكرة أن ما حدث هو من فعل الحوثيين وأن صاروخ كروز الذي ضربوا به المطار هو من صناعتهم، وأنه لا علاقة للنظام الإيراني لا من قريب ولا من بعيد بما حدث!

ما حدث هو هجوم إرهابي «ملالي» حوثي أسفر عن إصابة عدد من الأبرياء وهو كما قال الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، وزير الخارجية «تصعيد خطير تم بسلاح إيراني» ولهذا لم تتردد دول العالم عن إدانته ولم يتردد ذو ضمير عن وصفه بما ينبغي وصفه به، فهو عمل جبان وجريمة ضد الإنسانية ويتنافى مع كافة الشرائع والأديان ويرمي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.

ومع هذا، ومع غيره من الأدلة والبراهين سيظل النظام الإيراني ينكر وبشدة أنه وراء هذا الإرهاب.