لم يجد أبواق النظام الإيراني الذين من مهامهم التبرير لتصرفاته السالبة عبر الفضائيات «السوسة» سوى القول بأن اتخاذ الولايات المتحدة الإجراءات الأخيرة ضد إيران هو أنها «هي التي تقود التحول الإقليمي في الشرق الأوسط وتصنع مستقبل المنطقة»! ومعنى هذا هو أن ما حدث في بحر عمان أخيراً ويحدث في المنطقة ليس إلا من تدبير أمريكا ودول المنطقة المتحالفة معها بغية شل يد النظام الإيراني ومنعه من القيام بتلك المهمة!

هذا ما قاله واحد من أولئك «الجند» الذي يخرج عبر بعض تلك الفضائيات بصفة محلل وقارئ لتطورات الأحداث في المنطقة، وزاد بأنه يتحمل مسؤولية هذا الذي يقوله، أي أنه ليس متأكداً من ذلك فقط ولكنه جازم أيضاً.

«النظام الإيراني يصنع ويقود التحول الإقليمي لمستقبل الشرق الأوسط»، عبارة تبدو وكأنها نكتة الموسم، بل هي كذلك. ترى من غير أتباع هذا النظام يمكن أن يصدق هذا الكلام؟ لا أحد بالتأكيد، ومع هذا يسعى أولئك «الجند» إلى تمريره عبر تلك الفضائيات بغية خلط الأوراق وإيهام الناس بأن القصة وما فيها هي أن الولايات المتحدة ومن يقف في معسكرها لا يريد لهم وللمنطقة الخير وأن الذي يريد لهم ذلك هو النظام الإيراني الذي عليهم -إن أرادوا الفلاح والنجاح- أن يقفوا إلى جانبه ويشدوا من أزره في هذه الفترة على وجه الخصوص.. وإلا ضاع مستقبلهم ومستقبل المنطقة!

هذا هو ما يسعى أولئك «الجند» إلى تمريره هذه الأيام ويصرون عليه، ويزعمونه، فأمريكا والسعودية والإمارات ومن يقف في هذا الخندق لا تريد الخير للمنطقة وأهلها، فالخير كل الخير لا يتوفر إلا لدى النظام الإيراني.. الذي «يصنع التحول الإقليمي لمستقبل الشرق الأوسط».. والذي على الجميع أن يقف إلى جانبه ويعينه على تحقيق الخير للإنسانية!

هذا «الجند» وهو يروج لهذا الذي لا يعقل لا يتردد عن القول بأن الذي اعتدى على ناقلتي النفط في بحر عمان الخميس الماضي هي الإمارات أو السعودية بمعونة ودعم أمريكا وليس النظام الإيراني الذي توفر فيديو لا يرقى إليه الشك يظهر الحرس الثوري وهو يزيل لغماً لم ينفجر من إحدى السفينتين، ودليلهم على ذلك هو أن النظام الإيراني سارع إلى إنقاذ من على ظهر الناقلتين وإيوائهم!

الحقيقة التي يعلمها أولئك «الجند» جيداً ويعملون على تغطيتها هي أن النظام الإيراني يعمل كل هذا الذي يعمل من أجل أن ينقذ نفسه ليس إلا، فأيامه معدودة ونهايته تقترب وليس له سوى أن يحاول الإفلات من المأزق الذي وضع نفسه فيه لعله يؤخر تلك النهاية التي يعتقد الشعب الإيراني والعالم أنها حتمية، فمثل هذا النظام لا ينبغي أن يعيش أكثر بل ما كان له أن يعيش أربعة عقود، فهي كافية لتخريب كل ما أنجزته الإنسانية على مدى قرون، وهو ما نجح فيه بامتياز.

سيستمر أولئك «الجند» في الترويج لتلك الأفكار ولن ييأسوا فهذا دورهم وعملهم، وسيستمر النظام الإيراني في الادعاء بأنه «يقود التحول الإقليمي لمستقبل الشرق الأوسط ويصنعه» وأنه يعمل لصالح المنطقة وأهلها وأنه لا يصدر عنه غير الخير وأن المستقبل يمكن أن يكون مضموناً لو تم تسليمه «الخيط والمخيط»! لكن في المقابل سيستمر العالم في عدم تصديق كل ما يصدر عن مسؤولي هذا النظام و»جنده» وما يبث عبر تلك الفضائيات «السوسة»، فما يراه العالم من فعل وتصرفات هذا النظام يمنعه من تصديقه والثقة فيه مهما قال ومهما فعل ومهما اجتهد «جنده» وبذلوا من جهد. يكفي القول بأن العقل لا يمكن أن يقبل فكرة أن العقوبات الاقتصادية تتم لذلك السبب.