قبل فترة، وقعت بين يدي صدفةً بعض البروشورات التعريفية وإعلانات التبرعات لإحدى اللجان الخيرية في المملكة العربية السعودية «اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم بالمنطقة الشرقية «تراحم»»، وقد لفتني مجال اهتمام واختصاص اللجنة، إذ تضطلع بجملة من المهام للعناية بالسجين من خلال الرعاية والإصلاح، بل ويتجاوز دور اللجنة السجين وصولاً إلى عائلته من خلال مد يد العون والمساعدة لها، لضمان احتواء أسر وأبناء السجناء والمحافظة عليهم من الانحراف الذي قد يتسبب فيه فقدانهم لعائلهم. إلى جانب ذلك تتولى اللجنة جملة من المسؤوليات تجاه المفرج عنهم، وتعمل على دعمهم، من أجل إعادتهم أفراداً فاعلين في المجتمع ومنخرطين في العملية التنموية فيه. وككل اللجان والمؤسسات فإنه إلى جانب ما تتبوؤه من أدوار إصلاحية، فإن اللجنة قد عكفت على جملة من البرامج الوقائية بالعمل على رفع الوعي المجتمعي عبر ما تقدمه من أنشطة وبرامج مختلفة. وللتأكيد على جودة العمل وضمان سيرورة نشاط الجمعية في اتجاهه الصحيح فقد عملت أيضاً على إجراء الدراسات العلمية في مجال اختصاصها.

وفي تقرير نشرته اللجنة عن حجم ما بلغته مساعداتها وأوجه الدعم المقدمة من قبلها للجهات المستهدفة، لفتتني مبادرة التفريج عن كربة نزيل من خلال سداد الديون عن «المعسرين»، إذ تقوم فكرة المبادرة على «إطلاق أكبر عدد ممكن من سجناء الحق الخاص في سجون الشرقية، والموقوفين بسبب قضايا مالية»، وقد جاءت فكرة المبادرة هذه من منطلق التفريج عن ذوي الكرب، وترسيخ تعاليم وأخلاق الإسلام السمحة نحو تفريج الكربات الإنسانية.

من المميز في الأمر أن مصادر تمويل هذه اللجنة تتوزع بين المصادر الحكومية المتمثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية، وبين رجال الأعمال وأهل الخير وهو الجزء الأكبر الذي تعول عليه الجمعية في ممارسة نشاطاتها غير التقليدية والمتنوعة، والتي لم يتسع المجال لذكرها جميعها لتنوعها، بما يشتمل على البعد الديني والاجتماعي والمهني، ومنح السجين وأسرته فرص التدريب واكتساب مهارات جديدة لنيل العيش الكريم في قادم الأيام. ولربما كان العدد الذي أعلنت عنه اللجنة في موقعها على «تويتر»، للسجناء والموقوفين الذين تم تفريج كربتهم «450» لافتاً، فهو عدد لا يستهان به عندما نتحدث عن تسديد الديون في سبيل الإفراج عن السجين.

* اختلاج النبض:

تواصل سريع حاولت أن أجريه مع المسؤولين على اللجنة، لأكتشف عمق أنشطتها وأهميتها وما تلقي به من أدوار هامة في المجتمع لفئة لطالما تم تهميشها أو إساءة التعاطي معها من قبل كثيرين. وإنني إذ أعرض هذه التجربة الثرية في مقال اليوم، فإني أدعو الجهات الخيرية ومختلف الجهات الرسمية حكومية وخاصة للعمل على تنفيذ مبادرات مشابهة لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي باتت تفرضها المعيشة، ما يجبر كثيرين على التدين ثم عدم القدرة على سداد الديون.