توعية مرتادي المساجد غير الناطقين باللغة العربية بآداب المسجد بلغة يفهمونها قضية طرحتها في الأسبوع الماضي في عمود «إشراقة» تحت عنوان «مساجد البحرين والثقافات الجديدة» المنشور يوم السبت الماضي 15 يونيو 2019، حيث تفاعل عدد من القراء مع هذا المقال وطالب بعضهم باستمرار إلقاء الضوء على قضية غياب التواصل داخل المسجد مع الجاليات المسلمة نتيجة اختلاف اللغة وما يترتب عليها من مشاكل بل وطرح بعضهم

مقترحات وحلول تخدم هذه القضية إيماناً منهم بأهمية تعزيز قيم التلاحم بين أفراد المجتمع وشريحة الأفراد غير الناطقين باللغة العربية فهم جزء هام من النسيج الاجتماعي مشيرين إلى أن التواصل معهم من خلال لغة يفهمونها سيسهم في نشر الألفة معهم خاصة داخل المسجد بالإضافة إلى إيصال تعاليم الدين الإسلامي الحنيف بشكل سليم للجاليات المسلمة الوافدة. وتعتبر التوعية بالسلوكيات الاجتماعية المقبولة في المجتمع من خلال المسجد أحد الوسائل التي تساعد تلك الجاليات على الاندماج والتعايش في المجتمع.

فطرح عدد من القراء العديد من المداخلات كان منها إن وجود مشاكل سلبية في المسجد لا يقتصر على مصليات النساء فقط، بل إن المشاكل ذاتها تتكرر في مصليات الرجال أيضاً، ولعل أهم سبب لهذه المشاكل يرجع إلى عدم فهمهم للغة العربية، فيرى الأستاذ فادي سميرات الإعلامي القدير أن هناك «مشكلة لمسها خلال خطبة الجمعة تعاني منها الجاليات المسلمة الوافدة غير الناطقة باللغة العربية، فهذه الفئة حريصون على الحضور مبكراً إلى المسجد يوم الجمعة بكامل أناقتهم لكي يستشعرون عظمة وجمال هذا اليوم ولكن للأسف لا يفهمون حرفاً واحداً من الخطبة، واقترح أن يتم ترجمة خطبة الجمعة لعدة لغات من خلال شاشات عرض أو جعل الخطبة في مساجد معينة تلقى بلغتهم».

وأنا أتفق مع طرح أستاذ فادي لهذه المشكلة فإن الحضور إلى المسجد دون فهم الخطبة يختلف مع الغرض الأساسي لخطبة الجمعة فهي خاصة لإرشاد ووعظ المسلمين وتعريفهم بدينهم وما أقره الشرع في كثير من القضايا، وأنا من خلال منبري هذا ألقي الضوء على هذه المشكلة التي يواجهها أخواننا وأخواتنا من الجاليات المسلمة المقيمة في البحرين فهم لا يستفيدون من الاستماع إلى الخطبة.

ولذا وجب إيجاد حلول من أجل ترجمة خطبة الجمعة بعدة لغات خاصة الأوردو واللغة الإنجليزية حتى يتسنى لهم معرفة تعاليم الدين الإسلامي وفهم ما يوجه إليهم من وعظ وإرشاد في الخطبة، وفهم القضايا الاجتماعية في الدولة.

ونحن في عصر التكنولوجيا يمكننا استخدام عدة وسائل لتحقيق ذلك ومنها كما تقدم الأستاذ فادي بإظهار الترجمة على شاشات عرض داخل المسجد وإن كان هذا المقترح مكلف بعض الشيء ولذا نحن هنا نحتاج إلى تحقيق الشراكة المجتمعية بأن توفر الشركات الخاصة الدعم المادي اللازم لتحقيق هذا المقترح في حال وافقت الجهات الحكومية عليه.

كما يمكن أن يتم تخصيص موقع إلكتروني خاص بذلك بحيث تتم ترجمة خطبة كل مسجد مسبقاً ووضع الخطبة مترجمة على الموقع صباح يوم الجمعة، أو أن توفر شركات الاتصالات تطبيقاً خاصاً لترجمة الخطبة حتى يتمكنوا من الاستماع أو قراءة الخطبة بلغتهم الأم من خلال الموبايل الخاص بهم على أن يكون هذا التطبيق مجانياً ليتاح للجميع الاستفادة منه ويتمكنوا مع اختلاف لغاتهم من الاستفادة من خطبة الجمعة كما يمكن استخدام هذا التطبيق في توجيهم وإرشادهم لآداب ارتياد المساجد.

وفي نفس السياق وجه لي أحد القراء ملحوظة أنه بالإضافة إلى ما ذكرت في مقالي السابق بأن النساء يحتجن إلى التوجيه والإرشاد للتعرف بآداب المساجد وتعريفهم بما هو مسموح وما هو غير مستحب أشار إلى أن هناك بعض السلوكيات غير المستحبة تمارس في مصليات الرجال كاصطحاب الأطفال دون توجيههم إلى التزام الهدوء فيكونوا مصدراً لإزعاج باقي المصلين، الإضرار بمرافق ونظافة وإهدار أموال المسجد وغيرها من بعض السلوكيات غير المقبولة في المسجد ولكن للأسف يصعب توجيهم لاختلاف لغة التواصل.

كما ترى الدكتورة لطيفة المناعي أهمية تصميم استمارة تقييم جودة أداء المساجد، وأهمية الاستفادة من خبرات المختصين في مجال الجودة. وأنا أتفق معها في هذا الرأي وأن يكون هناك معايير عالمية تكون هي أساس لتقييم المساجد سواء من ناحية الجوانب اللوجستية، أو الأنشطة المجتمعية.

وختاماً نحن في حاجة إلى مبادرة من قبل الأوقاف بدعم مادي من القطاع الخاص لترجمة خطبة الجمعة لعدة لغات لمساعدة أفراد الجاليات الأجنبية المسلمة وأصحاب الثقافات المختلفة للتعرف على تعاليم دينهم الإسلامي والانخراط في المجتمع حتى يستفيدوا مما تقدمه المساجد من خدمات مع توجيههم للحفاظ عليها، وطرح مقترح على مجمع الفقه الإسلامي ليضع معايير جودة أداء المساجد.. ودمتم أبناء قومي سالمين.