اشتكى بعض أولياء الأمور من الطريقة الحالية التي من خلالها يتم تكريم الطلبة والطالبات المتفوقين منهم والمتفوقات في المدارس، وعلى وجه التحديد المدارس الابتدائية وغيرها من المدارس الحكومية.

إذ إن طبيعة وطريقة تكريم المتفوقين في المدارس الحكومية في وقتنا الراهن، عادة ما تكون مفتوحة أمام الملأ، من إداريين ومعلمين وضيوف وأمام الطلبة غير المتفوقين كذلك. هذا النوع من التكريم يرسل رسائل سلبية فيها مشاعر إهانة للطلبة الذين لا يستطيعون أن يكونوا في عداد المتفوقين لأسباب لا حصر لها، مما يشعرهم هذا الأمر بالغبن والدونية، ولربما يعتبر هذا النوع من التكريم «غير مستعمل» إطلاقاً في الدول المتقدمة على صعيد المجال التعليمي والتربوي.

نعم، من حق الطالب المتفوق أن يحصل على التكريم والتشجيع كنوع من رد الجميل له على مجهوداته الجبارة التي يبذلها طيلة مشواره الدراسي، بل من الظلم مساواته ببقية الطلبة غير المتفوقين، لكننا نختلف في الطريقة التي يتم فيها تكريمه كما ذكرناها قبل قليل.

أخبرتنى أخت متفوقة في مدرسة ابتدائية حكومية هذه الحكاية. تقول، حين ذهبت المدرسة لحضور تكريم أختي الصغيرة في المدرسة المستوى الثاني، رأيت أن الإدارة أجلست المتفوقات وأهاليهم على الكراسي، بينما أجلسوا بقية الطالبات فوق سجاد قديم على الأرض في مشهد بدائي مقزز ومهين للطالبات غير المتفوقات، وتساءلت، هل هذا الحفل تكريم للمتفوقات أم إهانة لغيرهن من غير المتفوقات؟

كلنا يعلم جيداً أن الكثير من الطلبة غير المتفوقين لديهم بعض المشاكل في القدرات والملكات والتحصيل العلمي، وهذا يعود لأسباب إما سايكولوجية أو حتى بيولوجية، وبعض منهم لا يستطيع أن يجاري المتفوقين لحدود قدراته الذهنية المتواضعة، والبعض الآخر من ذوي الاحتياجات الخاصة وبعضهم من الذين يعانون صعوبات في التعلم، وهناك الكثيرمنهم لديهم مشاكل أسرية عميقة جعلتهم في عالم منفصل نفسياً عن عالم الأسوياء.

أليست هذه فئات معذورة؟ أليست هذه الفئات تستحق التقدير لأنهم استطاعوا النجاح مجرد النجاح بفضل مقاومتهم كل الظروف الخاصة والنفسية والعائلية؟

إننا نتمنى من وزارة التربية والتعليم إلغاء مثل هذه الحفلات الخاصة بالتفوق وبهذه الطريقة المهينة لمشاعر بقية الطلبة داخل المدارس الحكومية، وأن يكون تكريمهم بعيداً عن أعين الطلبة الذين لو أتيحت لهم الفرصة الكافية والظروف المواتية لكانوا في الصف الأول من صفوف المتفوقين. إنها مسألة أخلاقية وإنسانية وتربوية قبل أن تكون مسألة تكريم أو حتى تعليم.