كثيراً ما أتصفح المواقع الإلكترونية لأطلع على آخر المستجدات وأهم المقالات والأخبار في مجال العمل التطوعي، وذلك بحكم تخصصي واهتمامي بالعمل التطوعي، وقد استوقفني مؤخراً مقال منشور في صحيفة «الإمارات اليوم»، بعنوان «التاتو» خطر على التبرع بالدم، نشر المقال بتاريخ 17 أغسطس 2016 من المصدر، سيدني د.ب. أ، مفاده أن الصليب الأحمر الأسترالي قد أعلن أن أستراليا شهدت تراجعاً في عدد المتبرعين بالدم من 1.8 مليون شخص عام 2005 إلى 1.3 مليون شخص في عام 2015، وهو ما يمثل تراجعاً بنسبة 27.6%

وقد تم تصنيف الزيادة في شعبية «التاتو»، «الوشم»، على أنه أحد الأسباب الرئيسة لتراجع التبرعات بالدم.. حيث قال الصليب الأحمر الأسترالي، إن القفزة في عدد الأشخاص الذين يقبلون على الوشم «التاتو» في أستراليا، قد تسببت في تراجع عدد المتبرعين بالدم في الدولة. إذ يتعين على الشخص الانتظار بعد عمل الوشم مدة لا تقل عن ستة أشهر قبل أن يتمكن من التبرع بالدم، نظراً إلى تزايد خطر تعرضهم للإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي «سي».

فتساءلت ما مدى انتشار التزين بالوشم في مجتمعنا؟ مع أن التزين بالوشم لم يكن جزءاً من ثقافة أهالي البحرين. كما أنه لا يتوافق مع شريعتنا الإسلامية ولا مع أعرافنا وعادات مجتمعنا. وفي تقديري أن هذه الظاهرة بدأت تنتشر بين الشباب تأثراً بثقافات استوردناها من الخارج، شدني موضوع التزين بالوشم فشغلت بالبحث عنه وتركت البحث عن موضوعات التطوع، كانت غايتي الوصول لجواب عن سؤالي وهو: ما مدى انتشار التزين بالوشم في مجتمعنا؟ فاستوقفني مقال كتبه الزميل إبراهيم النهام تحت عنوان «أوشام شيطانية صنعت في البحرين» المنشور في جريدة البلاد الجمعة 7 يونيو 2019، حيث روى موقفاً مر به خلاصته أن ظاهرة التزين بالوشم بدأت تنتشر بين الشباب، فهناك بعض المقيمين يروجون لهذه الثقافة، بل ويحترفون حرفة «الواشم» كنشاط تجاري من المنزل دون ترخيص أو موافقات، وهنا يستحق الأمر وقفة تأمل وتفكير لاتخاذ تدابير لمواجهة ظاهرة التزين بالوشم قبل انتشارها، ولعل أهم التدابير التي نتمنى أن تتخذ: اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين والواشمين وتجريمهم قانونياً، كما نتمنى أن يعيد السادة النواب الطرح الذي طرحه سعادة النائب عادل العسومي قبل سنوات بإصدار تشريعات تجرم الوشم، وإطلاق حملات توعية صحية لمخاطر الوشم وأثره على الصحة العامة، علاوة على حملات توعيه اجتماعية ولابد من أن يقوم المنبر الديني بدوره الفعلي لتوعية الناس وتثقيفهم حول هذا الموضوع سواء في خطب الجمعة، أو محاضرات الوعظ والإرشاد، فقد استوقفني الحديث النبوي الصحيح الذي ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في لعن الواشمة والمستوشمة، فعن عبد الله بن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة»، وللمؤسسات التربوية دور هام في عملية التوعية فيجب توعية الصغار بسلبيات الوشم، والدور الفعلي للتوعية يكون للأسرة فعلى الوالدين توعية أبنائهم بمخاطر الوشم ومتابعتهم وحمايتهم من التأثر بالآخرين حول هذا الموضوع، فهي ظاهرة دخيلة على مجتمعنا، ويجب التصدي لها قبل انتشارها فنعاني من آثارها وسلبياتها كما عانت المجتمعات الأخرى.

إن المشكلة الحقيقية لا تكمن في ظهور السلوك غير المقبول، بل في تجاهل المجتمع لانتشار هذا السلوك أو عدم إنكاره، ممثلاً في جميع مؤسساته، وعدم مقاومته منذ البداية، وإصدار تشريع لتجريمه مما يجعل هذا السلوك ينتشر ويستفحل فيطالب الناس بقبوله، لذا وجب علينا في مجتمعنا أن ندق ناقوس الخطر لنقاوم انتشار هذا السلوك. فمعظم النار من مستصغر الشرر.... ودمتم أبناء قومي سالمين.