على منصة «الحوار الخليجي الألماني حول الأمن والتعاون 26-28 يونيو 2019 - برلين» كنت متردداً في درجة العتاب الخشن، هل هو موقف ألمانيا المتردد حيال بعض القضايا الخليجية أم الغياب الخليجي عن برلين كموقف يصعب الدفاع عنه؟ بدأت بالهجوم على الألمان بورقة تحت عنوان «الخليج في الأعمدة الخمسة للسياسة الخارجية الألمانية» بينت أن العمود الأول: الشراكات الاستراتيجية «Strategic partnerships»، لم تراعِ فيه برلين انتقال مركز الثقل العربي إلى الخليج. وكيف أنه رغم كون ألمانيا ثاني متبرع لليمن بحجم المساعدات، إلا أنها لا تراعي تقارير المنظمات الحقوقية التي قادت لمسار تصادمي في بيع السلاح، وكانت حجتي أن المحركات الإنسانية -رغم نبلها- لا تصنع سياسة خارجية متكاملة فقد أضعفت السيدة ميركل بعد أن غلبت عواطفها على المصلحة الأوروبية في قضية اللاجئين مما مهد لتقدم المتطرفين في الانتخابات.

أما في عمود إطفاء الحرائق «Putting Out Fires» فقد بينت أن ترحيبنا بالتدخل الألماني في قضايا الخليج لا يعني كماله، فمازال قاصراً ومتردداً مقارنة بجهد الأمريكان والبريطانيين والفرنسيين. رغم أن ألمانيا ماهرة في لعب دور الوسيط كما فعلت في القضية الأوكرانية. وفي عمود إيمان برلين بتعدد الأقطاب «Multi-polarity» بينت كيف أن ألمانيا تتبني الموقف الإيراني أكثر من تفهمها لوجهة النظر الخليجية، كحرصها على الشق النووي وتجاهل العبث الإقليمي. وقد أغاظ مدير الجلسة وصفي برلين بـ»الشرطي الحامي لاتفاق 5+1» كموازن للموقف الأمريكي. وفي العمود الرابع وهو مواجهة الإرهاب «Risks of Terrorism» تحدثت كيف تغض برلين النظر عن إرهاب الدولة وكيف لم تحذُ حذو حليفتها واشنطن بتصنيف المنظمات الإقليمية كإرهابية. وفي العمود الخامس عن الجيوش الموازية «Parallel Armie» تعرضت بالنقد للف والدوران الألماني دون اعتبار الحشد الشعبي والحوثيين وحزب الله جيوشاً غير معترف بها وموازية فكيف لا نخشى وصول السلاح الألماني عبر الجيوش الحكومية للجيوش الموازية! حيث غرد البعض «د.ظافر العجمي يغسل شراع السياسة الألمانية في الخليج».

فيما يخص الخليجيين أعتقد أن الغيبوبة التاريخية الخليجية عن ألمانيا غير مبررة، فليس بيننا إرث استعماري مشين، فمن يصدق -ثلاث حروب وربيع عربي وحشود طوال أربعة عقود- أن هذا هو المؤتمر الخليجي الألماني الأول، فشكراً لجمعية الصداقة العربية الألمانية ممثلة في الرجل العروبي حسام معروف @MaaroufBerlin الذي تواصل ونظم حتى شارك أكثر من 100 دبلوماسي ومثقف من دول الخليج الست، وشكراً للأكاديمية الفدرالية للسياسات ال،منية ولمؤسسة كونراد إدناور وغيرهم. ورغم الهم الخليجي إلا أن فلسطين كانت حاضرة فطالب الخليج ألمانيا بالاعتراف بفلسطين دولة مستقلة عاصمتها القدس، وكان أبلغ ما قيل عن صفقة القرن أنها كائن له يد ورجل ورئة ورأس لكن لا قلب له. كما كانت أبرز الخلاصات إمساك طهران بمفاصل القرار السياسي الألماني، رغم تجارة بيننا تبلغ 40 مليار$، فيما تبلغ مع إيران 450 مليون $ فقط أي 1% من التجارة معنا. لذا يجب استمرار الحوار ودعمه وتعميق الشراكة الاستراتيجية.

* بالعجمي الفصيح:

لقد كان لجهاز الأمن الوطني الكويتي وأمانة مجلس التعاون وسفارات المجلس الست دور جعل برلين تتلقى طرحنا بحرارة كان أبسط أشكالها تكرار مفردة «الخليج العربي». وبدل الركون لجملة الحماية التبريرية «أن نبدأ خير من ألا نبدأ» يجب استمرار التواصل فهناك مشكلة عدم وضوح الصورة «Image problem» بيننا.

* كاتب وأكاديمي كويتي