يبدو تأثير العقوبات الأمريكية على إيران بشكل واضح وجلي على «حزب الله» اللبناني – المصنف إرهابياً بحرينياً وخليجياً وعربياً وأمريكياً – حيث أدت تلك العقوبات بشكل مباشر إلى خفض تمويل نظام «ولاية الفقيه» للحزب وميليشياته، وربما هذا يفسر التحليلات التي ذهب إليها مراقبون حول سحب الحزب ميليشياته بشكل سري من سوريا، قبل أيام، فيما تذهب واشنطن إلى فرض مزيد من العقوبات على طهران، لاسيما بعد تصريحات صدرت مؤخراً من الممثل الخاص لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون إيران والمستشار الأعلى لشؤون السياسة في وزارة الخارجية الأمريكية براين هوك، تتحدث عن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا تفرق بين إيران وميليشياتها ووكلائها في الشرق الأوسط.

وقد تحدث أعضاء في الكونغرس الأمريكي عن أن «الاقتصاد الإيراني ينهار بفعل العقوبات الأمريكية حيث تراجع بنسبة 6 %»، قبل أن يؤكد المبعوث الأمريكي لإيران براين هوك أن «العقوبات الأمريكية على طهران تكبد الأخيرة خسائر فادحة وبالتالي جعلت فاتورة سياساتها الخارجية باهضة التكليف»، على حد تعبيره، مشيراً إلى أن «انخفاض ميزانية إيران العسكرية الأخيرة بنحو 28% فيما تعيش ميليشيات طهران حالة تقشف»، في إشارة ضمنية إلى ميليشيات «حزب الله»».

ويبدو أن «حزب الله» يعيش حالة من الاختناق الاقتصادي منذ قرار إدارة ترامب «تصفير النفط الإيراني»، لاسيما وأن نحو 700 مليون دولار من عائدات النفط كان يُنفقها النظام الإيراني سنوياً على ميليشيات «حزب الله».

وربما تستند عملية انسحاب ميليشيات الحزب اللبناني من سوريا، إلى احتمالات كثيرة، أولها، يتعلق بحالة التقشف التي يعيشها الحزب، ونهج مبدأ التقشف، وثانيها، يشير إلى الخسائر الكبيرة التي تكبدها الحزب في سوريا منذ قراره بالانخراط في القتال إلى جانب قوات رئيس النظام السوري بشار الأسد.

في الوقت ذاته، لا يبدو التوتر الحاصل بين روسيا وإيران في سوريا، بمعزل عن التأثير السلبي لوجود الحزب اللبناني في سوريا، وبالتالي المسألة لا تتعلق بتقليص النفقات أو تكبد خسائر فادحة فقط، بل ربما يتطور الأمر إلى حقيقة دامغة تؤكدها المعطيات اللوجستية على الأرض بأن روسيا لن تتوقف عند مسألة تحجيم الدور الإيراني في سوريا فقط بل يمتد الأمر إلى مطالبة إيران بسحب ميليشياتها من سوريا.

والتوتر الروسي الإيراني في سوريا، يكشف أن العلاقة بين الطرفين أكبر من الائتلاف، ولا ترقى بطبيعة الحال لوصف بالتحالف. وشيئاً فشيئاً تتكشف حقيقة الصراع الروسي الإيراني على الأراضي السورية، وهو ما لم يظهر في أوقات سابقة إبان القتال ضد المعارضة السورية، والتنظيمات المتطرفة.

في الوقت ذاته، تشدد واشنطن من عقوباتها على الحزب داخل لبنان، وتهدف من وراء ذلك إلى تضييق الخناق على الحزب، وقد وجهت واشنطن تحذيراً شديد اللهجة إلى مسؤولين لبنانيين من محاولة الحزب استغلال أموال الحكومة اللبنانية، وهي في ذلك تغمز من قناة وزير الصحة اللبناني جميل جبق، المقرب من الحزب.

لذلك لم تتردد واشنطن في التعبير عن مخاوفها وتهديداتها للمسؤولين في الدولة اللبنانية من محاولة «حزب الله» السيطرة على ميزانية «الصحة»، لإنعاش خزائنه الاقتصادية من حالة التردي التي يعيشها!

* وقفة:

يبدو انهيار «حزب الله» واضحاً لاسيما بعد بدء انسحابه السري من سوريا فيما باتت إيران بين فكي كماشة عقوبات أمريكا وضغوط روسيا لتحجيم نفوذها بسوريا!!