صنعاء - سرمد عبدالسلام

تعمل الحكومة الشرعية اليمنية بجهد دؤوب على إعداد ملفات متكاملة عن اللغتين المهرية والسقطرية تمهيدا للتقدم بها إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو"، بهدف إدراجهما ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي.



وقال وزير الثقافة في الحكومة الشرعية اليمنية، مروان دماج، إن لدى الوزارة توجه عام لإعداد أكثر من ملف يشمل عنصر أو أكثر، من عناصر التراث غير المادي في اليمن وفي مقدمتها اللغة المهرية والسقطرية.

وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود وزارة الثقافة والحكومة الشرعية للحفاظ على الموروث الثقافي اليمني بشقيه المادي وغير المادي.

وتعد اللغتان المهرية والسقطرية من أهم اللغات السامية القديمة غير المكتوبة، والمهددة بالاندثار بسبب عدم وجود أبجدية مكتوبة لهما.



وسبق لمنظمة اليونسكو أن أصدرت قبل 10 سنوات تقريبا أطلس لغات العالم التي تواجه خطر الاندثار ومن بينها هاتين اللغتين اللتين تصارعان من أجل البقاء.

وأكد الباحث اليمني محمد العبيدي أن المهرية التي يتحدثها حاليا مالايقل عن 200 ألف شخص، لغة ضاربة جذورها في عمق التاريخ، وتعود نشأتها الأولى على الأرجح إلى ما قبل ظهور الإسلام وتحديداً في القرن الثاني قبل الميلاد .

وأضاف في تصريح خاص ل"الوطن" أن هذه اللغة التي تصنف ضمن ست لغات سامية قديمة وأوسعها إنتشارا ، بدأت في الإنحسار والتواري عن الأنظار مع انتشار اللغة العربية في جنوب شبه الجزيرة العربية ورفعة شأنها خلال القرون التي تلت ظهور الإسلام لتنحصر في جيوب بعض الجبال والصحاري والجزر اليمنية والبحر العربي ومنطقة ظفار.



وكانت وزارة الثقافة اليمنية قد نظمت السبت الماضي وبالتعاون مع منظمة اليونيسكو، ندوة دولية في العاصمة المصرية القاهرة، وذلك في إطار مشروع إعداد ملف "الدان الحضرمي" المزمع إدراجه في قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية "سبأ" على لسان وزير الثقافة اليمني قوله: إن اختيار عنصر الدان الحضرمي كان لعدة اعتبارات، أهمها أنه يمثل أحد أهم عناصر الهوية الفنية اليمنية ، علاوة على أنه يشمل أكثر من عنصر من عناصر التراث الثقافي غير المادي.



وأشار الوزير اليمني إلى أن الدان الحضرمي لعب ويلعب دوراً مهماً في الهوية الثقافية والاجتماعية اليمنية عامة والحضرمية بشكل خاص، ويمثل جزءا من الثقافة المعاصرة بفضل بلاغة معانيه وروعته ومهارة فنانيه إضافة إلى قيمته كدليل تاريخي على ما تملكه اليمن من حضارة أصيلة وراقية منذ القدم.

من ناحيته، قال سفير اليمن لدى مصر د. محمد مارم، إن انعقاد ندوة الدان الحضرمي يعكس الإيمان العميق بما تمتلكه الثقافة والعلاقات الثقافية من مخزون هائل وطاقات عظيمة وإمكانيات لا حدود لها في تطوير وتعزيز العلاقات بين الأمم والشعوب في كل المجالات وشتى الميادين.



كما استعرض وكيل محافظة حضرموت الدكتور سعيد العمودي ما تم إنجازه في إطار تجهيز ملف الدان الحضرمي لإدراجه ضمن قائمة اليونيسكو، ومن ذلك القرارات الخاصة بتشكيل فريق العمل من المختصين والباحثين لإعداد تصور متكامل عن كيفية وإجراءات إعداد الملف وصدور قرار بتشكيل هيئة استشارية بحضرموت لملف الدان وقرار إنشاء مركز الموروث الشعبي الحضرمي والذي سيقع على عاتقه حفظ وتوثيق ونشر التراث غير المادي لمدينة حضرموت.

وقدمت في الندوة أرواق عمل حول خصوصية تعريف الدان ومجالس الدان بحضرموت التي قدمتها الباحثة في معهد الدراسات الأفريقية الشرقية بجامعة لندن ، د/ شهرزاد قاسم، في حين تناول الدكتور جون لامبيرت، دور السياق الاجتماعي وسياق الأداء في آلية التوثيق، متطرقا إلى خصوصية الدان من حيث التلحين وارتجال الكلمات وهو ما يعد كنزا إنسانيا وثقافيا كبيرا للإنسانية، معرباً عن إعجابه الشديد بالأبعاد الفلسفية والحكمية في قصائد هذا اللون من التراث الأصيل.