صنعاء - سرمد عبدالسلام

أصدرت محكمة تابعة للانقلابيين الحوثيين بالعاصمة اليمنية صنعاء الثلاثاء، أحكاماً بإعدام 30 يمنياً مختطفاً مشمولين باتفاق تبادل الأسرى، بتهم كيدية منها التعامل مع دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بينهم مدرسين جامعيين وطلبة أكاديميين وإعلاميين وناشطين سياسيين وحقوقيين.

وقال المحامي اليمني أحمد الجنداري في تصريح لـ "الوطن" إن "هذه الأحكام باطلة وتفتقر إلى المشروعية القانونية كون المحاكمات هي في الأساس صورية وجرت في ظروف غير طبيعية، تفتقر لأدنى إجراءات التقاضي والدفاع".



وأكد أن "المحكمة الحوثية وقعت في مأزق كبير مع 6 متهمين آخرين جرى اتهامهم بقضايا في 2016 بينما هم معتقلون في سجون الميليشيات منذ 2015 فما كان من القاضي إلا الحكم ببراءتهم للخروج من الحرج الذي وقع فيه".

وقوبلت الأحكام الحوثية الأخيرة بردود فعل غاضبة في الأوساط اليمنية.

وأكد الناشط الحقوقي اليمني صلاح عبدالكافي أن "ميليشيا الحوثي تعمل على استغلال القضاء الموالي لها وإقحامه في تصفية حساباتها مع المعارضين لسياساتها من خلال تلفيق التهم الكيدية الباطلة لهم ، وذلك من أجل إعطاء المشروعية القانونية لعمليات التصفية التي تعتزم تنفيذها في حقهم".

وأشار في حديثه لـ "الوطن" إلى أن "مثل هذه الممارسات تضرب سمعة القضاء اليمني وتشكل خطورة كبيرة على المجتمع اليمني ، ما يوجب الوقوف أمامه ورفع الصوت عاليا من أجل الضغط لإيقاف تنفيذ مثل هذه الأحكام الجائرة".

ودعا الناشط اليمني، جميع المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان الى "التصدي لتلك الأعمال التي تمارسها المليشيات الإجرامية الموالية لإيران".

وأكدت مصادر حقوقية أن الأحكام صدرت عن المحكمة الجزائية -التي أصدرت الحكومة الشرعية حكماً ببطلانها- الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي الانقلابية في العاصمة اليمنية صنعاء، وذلك ضمن محاكماتها لمجموعة الـ 36، فيما برّأت 6 آخرين.

بدورها، قالت منظمة "سام" للحقوق والحريات، ان الحكم الذي أصدرته المحكمة التابعة لميليشيا الحوثي هو حكم منعدم قانوناً كونه صادرا عن محكمة فقدت صفتها القضائية بموجب قرار صادر عن مجلس القضاء الأعلى، فضلا عن الإخلال بمبادئ المحاكمة العادلة.

وأفادت في بيان لها بأنها رصدت مخالفات جسيمة أثناء جلسات المحاكمة المزعومة، تمثلت في انتهاك أبسط القواعد القضائية الضامنة لنزاهة المحاكمة، وحق المتهمين في الدفاع عن أنفسهم، وتهديد واعتقال محاموهم داخل جلسات المحكمة.

ومن بين تلك المخالفات، وفقاً لمنظمة "سام"، رفض تسجيل طلباتهم فضلاً عن الاستجابة لها، وتعذيب المتهمين خلال فترة المحاكمة بل في القاعات المجاورة لقاعة المحكمة وأثناء انعقاد الجلسات، وتغييب الدكتور يوسف البواب عن حضور الجلسة الأخيرة التي حجزت فيها القضية للحكم، وهي الجلسة التي أرغمت فيها المحكمة هيئة الدفاع بالرد على "تقرير المعمل الجنائي" الذي قدم مكتوباً في خمس أوراق.

وذكرت منظمة "سام" أن الأحكام الصادرة عن محاكم ميليشيا الحوثي هي أحكام لا قيمة لها، بل إنها تشكل جنايات في سجل أصحابها من منتحلي الصفات الرسمية للقضاة وأعضاء ورؤساء النيابة وغيرهم من الجناة.

وكانت منظمات حقوقية دولية، حذرت في وقت سابق من مغبة استمرار المحاكم التابعة لميليشيا الحوثي بإصدار أحكام إعدام بحق معارضين سياسيين، دون أدنى اعتبار لشروط المحاكمة العادلة.

واتهم بيان مشترك للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومنظمة "سام" للحقوق والحريات ومنظمة "إفدي" الدولية، جماعة الحوثي بتحويل المنظومة القضائية في المناطق التي تسيطر عليها إلى أداة سياسية، لتصفية الحسابات مع خصومها السياسيين، مؤكدا إصدار المحاكم التابعة للحوثي -منذ مارس 2015م، 55 حكما بالإعدام على مدنيين، لم تراعِ فيهم المحاكم شروط المحاكمة العادلة، مما يعطي مؤشرا على فقدان الثقة بكامل المنظومة القضائية في اليمن.

وقال مصدر في لجنة الأسرى المنبثقة عن مشاورات ستوكهولم، إن أعضاء المجموعة المحكومين مدرجين ضمن قائمة الأسرى والمختطفين، الذي أقرت ميليشيات الحوثي بوجودهم، وتطالب الحكومة الشرعية بالإفراج عنهم.

وفي وقت سابق، أعربت "رابطة أمهات المختطفين" عن "إدانتها لإصدار محكمة تابعة للانقلابيين الحوثيين بالعاصمة اليمنية صنعاء الثلاثاء، أحكاماً بإعدام 30 يمنياً بتهم كيدية منها التعامل مع دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بينهم مدرسين جامعيين وطلبة أكاديميين وإعلاميين وناشطين سياسيين وحقوقيين".

ووصفت الرابطة الأحكام التي صدرت عن محكمة تابعة لميليشيات الحوثي بـ "التعسفية والباطلة والهزلية".

وقالت المنظمة في بيان لها، الثلاثاء، إن "ما صدر من أحكام بالإعدام لنحو 30 مختطفا شنقا وتعزيرا، من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة المنعدمة الولاية وحدد التنفيذ خلال 15 يوماً، هي أحكام باطلة".

وأضاف البيان أن "الحوثيين لم يكتفوا بمحاكمتهم محاكمة باطلة وهزلية لأكثر من عامين واختطافهم منذ ثلاث سنوات، ل تعرضوا للإخفاء القسري لعدة أشهر تعرضوا خلالها لأساليب وحشية من التعذيب النفسي والجسدي من ضمنها الصعق بالكهرباء والتعليق والضرب المبرح ونزع الأظافر وإدخال الإبر تحت الأظافر وربط الأعضاء التناسلية بالبوابات وإجبارهم على التعري الكامل وشرب مياه المجاري".

وحملت رابطة أمهات المختطفين المجتمع الدولي وعلى رأسهم الأمم المتحدة ومبعوثها الأممي ما آلت إليه قضية أبنائها المختطفين، كما حملت ميليشيا الحوثي مسؤولية حياة وسلامة جميع المختطفين والمخفيين قسرا.

وقالت رابطة أمهات المختطفين، إن الجماعة الحوثية منذ 8 أبريل 2016 عقدت جلسات محاكمة هزلية بحق 36 مختطفاً مدنياً من الأبرياء، بينهم أكاديميون وطلاب ومهندسون، اختطفوا من بيوتهم ومقارّ أعمالهم، ومن الشوارع العامة دون مسوغ قانوني، وقامت بإخفائهم قسراً لأشهر طويلة.

واتهمت الرابطة الحقوقية الجماعة الحوثية المسلحة، بأنها مارست في حق المختطفين "أبشع أصناف التعذيب الجسدي الممنهج، وانتزاع اعترافات منهم تحت التعذيب"، مضيفة أنه "عند إحالتهم للتحقيق كانت على أجساد بعضهم آثار التعذيب، كما قامت الميليشيات بالتشهير بهم (...) وهو ما أثر على حياد القاضي الناظر لقضيتهم الذي تم تعيينه من قبل الجماعة".

وسبق أن أصدرت ميليشيا الحوثي الانقلابية، في يناير، الحكم على معتقل لديها بالإعدام، وذلك غداة انتهاء مشاورات رعتها الأمم المتحدة في الأردن لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الذي ينص على تبادل كافة الأسرى والمعتقلين.

وكانت الحكومة اليمنية أبرمت في 13 ديسمبر الماضي، اتفاقا مع ميليشيا الحوثي وبرعاية الأمم المتحدة في العاصمة السويدية ستوكهولم.

وتضمن الاتفاق في احد بنوده صفقة لتبادل الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسراً، ولاحقا عقدت في العاصمة الأردنية عمان عدد من الاجتماعات التي جرت بتنسيق من مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن بين ممثلين عن الحكومة الشرعية والمليشيات الحوثية، من أجل بحث الأليات وإتمام صفقة التبادل والإفراج عم المعتقلين والأسرى.

وقال مصدر في لجنة الأسرى المنبثقة عن مشاورات ستوكهولم، إن "الثلاثين شخصا الذين صدرت بحقهم الأحكام الحوثية مدرجين ضمن قائمة الأسرى والمختطفين، الذي أقرت ميليشيات الحوثي بوجودهم، وتطالب الحكومة الشرعية بالإفراج عنهم".

وكان اجتماع في عمان عقد في فبراير الماضي، تضمن كشوفاً بأسماء نحو ألفي معتقل وأسير، بينهم 600 أسير مقاتل من ميليشيا الحوثي لدى الحكومة اليمنية تم تأكيد وجودهم، إضافة إلى 1200 معتقل وأسير لدى ميليشيا الحوثي، وذلك تمهيداً للإفراج عنهم خلال أيام، لكن الميليشيات تنصلت من التزاماتها في سعي منها لإفشال اتفاقية السلام المبرمة في السويد.

وسبق للقضاء الموالي للحوثي أن أصدر العام الماضي أحكاما بإعدام الصحفي اليمني يحيى الجبيحي بذات التهمة إضافة إلى حكم آخر بإعدام كمال حيدره بتهمة انتمائه للديانة الإسماعيلية لكن الضغوطات الكبيرة التي مورست على الحوثيين من قبل عدد من المنظمات الحقوقية الغربية وبعض الدول أجبرتهم على إيقاف تنفيذها حتى الآن.