مع دخولنا الألفية الثالثة ومع كل محاولاتنا المستميتة كدولة من إدخال التكنولوجيا على خط المعاملات الرسمية عبر تطبيقات الحكومة الإلكترونية ومن خلال مشاريع مدارس المستقبل وغيرها من الأفكار الرائدة التي تسعى إليها مملكة البحرين، مازلنا نجد اليوم بعض الطرق البدائية بدل التعامل مع الأدوات العصرية.

نعم، لازالت بعض مؤسساتنا الرسمية تتعامل بالأوراق، ومازال بعض الموظفين يخرج من مكتبه رامياً «ببرستيجه» وهيبته وراء ظهره ينادي بصوت مرتفع على من حان «دوره» من المراجعين. هذه الظواهر وغيرها لم تختفِ بعد من مؤسساتٍ رسمية يفترض أنها تسابق الزمن للدخول في عالم التكنولوجيا لكنها فشلت في ذلك واقتنعت أن تظل حبيسة الأوراق والصراخ والماضي.

لأكثر من مرة وأنا أحاول زيارة مركز البديع الصحي لاستكمال بعض الشؤون الصحية الخاصة بي وبأسرتي، وإذا بنا نجد هذه الفوضى متحققة بشكل واضح وصريح. فآلة الأرقام التي نشاهدها قابعة على بوابة مدخل المركز معطلة منذ فترة طويلة، وهي الآن لا تعمل وتدير ظهرها للمرضى، ولحجز موعد جديد أو بتجدد موعد قديم أو لأجل مراجعة عابرة، فما عليهم سوى الاصطفاف في طابور طويل وممل ومزعج. فحتى وقت كتابة هذه الأسطر لم يكلف مركز البديع الصحي نفسه عناء إصلاح جهاز الأرقام الخاص بمواعيد المرضى من أجل توفير الوقت وتحسين جودة الخدمات الصحية هناك، بدل مشاهدة عشرات المرضى وهم يصطفون في طابور من الزمن الجميل أو التعيس لحجز موعد.

وحين تنتهي من هذه القصة المزعجة، فتدخل على الطبيب المُعَالج فيطلب منك الذهاب لعمل تحليلات خاصة بِك، حتى تُصدَم من جديد بوجود أرقام موضوعة في «كارتون» صغير معيب، وحينها ما عليك سوى أخذ أحد هذه الأرقام والجلوس في مكانك حتى تخرج الممرضة المنهكة لتناديك بالإسم. وبسبب هذه الطريقة البدائية بقسم المختبر بمركز البديع الصحي، تجد كل من هب ودب يدخل بشكل عشوائي على الممرضات، وحين سألتُ إحداهن عن سبب هذه الفوضى، قالت بأننا طالبنا الوزارة بوضع «كونتر» خارجي صغير لترتيب مواعيد الفحص لكن دون جدوى، كما طالبنا الصحة بشراء «جهاز مناداة» يمكن من خلاله مناداة المريض دون الحاجة لخروجنا مئات المرات في اليوم الواحد وإضاعة وقتنا لكن أيضاً دون جدوى!

نحن نطالب الحكومة الموقرة بمراقبة ومحاسبة بعض المؤسسات الحكومية بسبب تخلّفها وعجزها عن إدخال الأجهزة الحديثة أو التكنولوجية على خط العمل أو في حال تعطلت تتكاسل عن إصلاحها، وأن يكون إدخال مثل هذه الأجهزة والتقنيات الحديثة إلزامياً على كل مؤسسة حكومية، صغُرت أم كبُرت، وذلك من أجل تقديم أفضل الخدمات وأجودها للمواطنين والمقيمين.