باريس - لوركا خيزران

انفجرت أزمة عمل مهاجرين غير شرعيين بدون أوراق في فرنسا لتتحول إلى مظاهرات حملت اسم "السترات السوداء"، في وقت لم تتعافى فرنسا من أزمة تظاهر الفرنسيين احتجاجاً على الأوضاع المعيشية، فيما عرف بحركة "السترات الصفراء"، حيث اعتقلت السلطات الفرنسية نحو 40 شخصاً إثر تظاهرات السترات السوداء الجمعة، بينما دعا الناشط الحقوقي كيفين جاكو في تصريح لـ"الوطن" الحكومة الفرنسية إلى "تسوية أوضاع العمالة غير الشرعية ومنحها أوراق لحمايتها من استغلال أرباب العمل".

وأمام مبنى "البانثيون" في العاصمة الفرنسية باريس تظاهر عشرات المهاجرين غير الشرعيين، ونظموا اعتصاماً ضخماً طالبوا من خلاله الحكومة بالتحرك واتخاذ التدابير اللازمة لتسوية وضعية الأشخاص الذين لا يملكون وثائق إقامة.



أحد أعضاء حركة "السترات السوداء" أشار إلى "رغبة المتظاهرين في التحدث إلى الحكومة"، حيث قال، "نحن أصحاب السترات السوداء وينبغي عليهم ترتيب أوراقنا، نريد نفس الحقوق التي يتمتع بها الشعب الفرنسي، نريد أن يحصل الجميع على مستندات، نريد مقابلة رئيس الوزراء، هو يقول إنه لم يتلق خطابنا، لكن حتى لو لم يحدث هذا، لقد رآنا، يمكنه أن يرانا ويأتي إلى هنا".

وساعدت منظمة "لا شابيل دوبو كوليكتيف" التي تدعم المهاجرين واللاجئين، في تنظيم الاحتجاج، وقد طالبت بتوفير ظروف إقامة ودعم أفضل للمهاجرين المعزولين. ودعت المنظمة الحكومة في بيان لتوفير أوراق ثبوتية للمهاجرين وإغلاق كافة مراكز الاحتجاز.

الشرطة الفرنسية أعلنت أنها اعتقلت نحو 40 شخصاً أثناء المظاهرة الاحتجاجية للمهاجرين بالقرب من "مقبرة العظماء" في باريس.

وأكدت الشرطة، أن المحتجين اقتحموا مبنى "مقبرة العظماء" "البانثيون"، في وسط العاصمة الفرنسية باريس احتجاجاً على ظروف "العاملين دون وثائق" في فرنسا، وطالبوا الحكومة بمنحهم الوضع الشرعي وبتوفير السكن لهم.

الناشط الحقوقي الفرنسي كيفين جاكو أوضح لـ"الوطن" أنه "لا يمكن لطالبي اللجوء العمل في فرنسا إلا بعد مرور 9 أشهر على وصولهم، بالإضافة لحصولهم على إذن تصدره المحافظة، ويحدث ذلك في حالات نادرة جدا. لذلك يعمل أكثرية هؤلاء الأشخاص بطرق غير قانونية، مما يعرضهم للإساءة من قبل بعض أرباب العمل الذين يجدون فرصة لاستغلالهم، وهناك حقائق صادمة حول حالات الاستغلال".

وأضاف أن "المهاجرين يعرفون كل أساليب العمل غير المشروع، كما أن أرباب الأعمال يعرفون جيداً كيف ستغلونهم".

وتابع "هذا النوع من الاستغلال من قبل أرباب العمل شائع كثيراً، وحتى لو علموا أنهم معرضون لغرامة مالية يصل قدرها لـ 100 ألف يورو، إنهم يعرفون أن طالبي اللجوء غير موثقين في الدولة، ويستغلون وضعهم لدفع أجور أقل مما هو متعارف عليه".

ويشكل العمل غير المشروع مخاطر صحية واجتماعية حقيقية على المهاجرين إذ إنه "في حالة وقوع حادث في العمل، وهي حالة متكررة بسبب العمل الشاق الذي يقومون به في أغلب الأحيان، يجد اللاجئ نفسه في حالة صعبة جداً".

ويفضل اللاجئون أو المهاجرون الشرعيون في بعض الأحيان العمل بطرق غير شرعية في محاولة لكسب المال، مع الحفاظ على مستحقات الرعاية الاجتماعية من الدولة، إلا أنهم عرضة لإلغاء المعونة في حال تم اكتشافهم، ويترتب عليهم في هذه الحالة تسديد المبالغ التي تلقوها من الدولة.

و"العمل في الأسود" في فرنسا هي عبارة تطلق على العمل دون تصريح، وهو الحل الوحيد لطالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين من أجل كسب رزقهم إلى جانب المعونات التي تكون محدودة، كما يستخدم المهاجرون هذه الوسيلة كأداة ضغط لتسوية أوضاعهم من قبل الدولة.

وفي السابق، استخدم المهاجرون أوراقاً مزورة، إلا أن قانون ساركوزي لعام 2007 والذي يفرض على الشركات الرقابة المنهجية على أوراق العمال الأجانب، وضع حدا للموضوع، ومن الآن فصاعدا، يقوم المهاجرون غير الموثقين باقتراض أو استئجار أوراق من أشخاص آخرين في وضع مادي جيد.

وأرسل الائتلاف الدولي للمهاجرين غير الحاملين لوثائق رسمية متطوعين إلى مالي والسنغال لمحاولة تحذير أولئك الذين يتوقون إلى الهجرة إلى أوروبا، وليشرحوا الوضع والواقع الحقيقي الذي ينتظرهم، إلا أنه "من الصعب إقناعهم. إنهم يعتقدون أن ما يرونه على شاشات التلفزة هو الواقع الذي ينتظرهم. فيما الذين يعيشون في أوروبا يعقدون الأمور أكثر بإرسالهم المال لذويهم أو العودة لبلادهم محملين بالهدايا بينما هم يعيشون في البؤس في فرنسا، فيتشارك البعض غرف مع 6 أو 7 أشخاص آخرين".