وصف قناة «الجزيرة» بالمضللة أو بأي وصف سالب لا يمكن إلا أن يكون صحيحاً، فهي بالفعل مضللة ومؤذية و»راعية فتن»، بل إنها أوجدت أساساً لتقوم بهذا العمل، فمن دونه لا قيمة لها عند قطر، وعدم تمكنها من القيام بهذا الدور يجعل موجديها يتخذون قراراً سريعاً بإنهائها و»تفنيش» العاملين فيها.

هذه القناة وجدت لتقوم بهذا الدور، والعالم كله صار يعرف أن قطر تعتمد عليها في كل مؤامراتها وإرهابها وصار يعرف أنهما توأمان، وليس أدل على ذلك من استنفار القناة عند انتقاد قطر، واستنفار قطر عند انتقاد القناة. فأن تنتقد «الجزيرة» يعني أنك تنتقد «شبه الجزيرة»، وأن تنتقد «شبه الجزيرة» يعني أن سوءاً ما سيأتيك من «الجزيرة».

باستثناء قطر لا توجد دولة عربية لم يصلها أذى هذه القناة، فقطر سمحت لها باستباحة كل الدول وكل الحكومات باستثناء قطر وحكومتها، فقناة «الجزيرة» غير مسموح لها على الإطلاق انتقاد قطر وأفعالها، ومن يريد العمل في هذه القناة عليه أن يبيع ضميره ومبادئه وقناعاته وأن يغمض عينيه عن كل خطأ يراه في قطر وكل خطيئة تقوم بها قطر.

قبل أيام عبرت الجزائر عن عدم رضاها من تصرفات «الجزيرة» حيث نفى مسؤول في وزارة الخارجية الجزائرية ما نسبته هذه القناة من تصريحات لرئيس الوزراء الجزائري نور الدين بدوي حول الأزمة الليبية، ووصفها بالأخبار «الخاطئة والمضللة للرأي العام». وقبل ذلك وبعده مارست «الجزيرة» تضلليها وكذبها ولا تزال تعمل جهدها على إرضاء سادتها كي تضمن استمرارها.

المثير أن قطر والعاملين في «الجزيرة» يعرفون جيداً أن العالم لم يعد يصدق هذه القناة، ومع هذا تواصل عملها وتصر عليه، وليس مهماً عندها لو صارت هي وقطر بسبب ذلك أضحوكة وموضعاً للسخرية. اليوم مثلاً تعتبر هذه القناة كل إيجابي يصدر عن السعودية والإمارات والبحرين ومصر سالباً ومعيباً، لا لشيء إلا لأن هذه الدول سعت إلى إعادة النظام القطري إلى رشده ودلته على السبل المعينة له على التوقف عن دعم الإرهاب والإرهابيين وإيوائهم. واليوم تعتبر هذه القناة كل تصريح يراد به خير مجلس التعاون وخير المنطقة يصدر عن أي مسؤول في هذه الدول شراً وتعمل على التصدي له وتأويله على هواها.

قناة «الجزيرة» لا تتصرف على هواها وإنما تعمل وفق ما هو مطلوب منها. تنتظر الأوامر من راعي قطر، تستقبلها وتنفذ المطلوب بدقة كي تضمن لنفسها وللمستفيدين منها الاستمرار. ليس مهماً إن كان معدو ومقدمو البرامج فيها مقتنعين بما يقدمونه للجمهور، فهذا لا قيمة له في هذه القناة ولا قيمة له عند راعي قطر، المهم هو أن يقوموا بالمطلوب منهم القيام به على أكمل وجه وإلا خسروا وظائفهم. ليس هذا فقط، فهؤلاء يعمدون من أجل ذلك إلى قلب الحقائق وليّ عنقها وإرغامها على الوقوف إلى جانب الفريق الذي يساندونه ويعملون لديه.

الشطارة ليست في قول ما يريده «الأرباب»، الشطارة تكون في قول الحق ولو على نفسك. لكن لأن هذا غير وارد في قاموس هذه القناة والعاملين فيها لذا فإنهم لا يقولون إلا ما يرضي «الأرباب» ولا يفعلون إلا ما يرضي «الأرباب»، فغير ذلك يثير غضبه ويجعله يتخذ ما هو متوقع وما هو غير متوقع من قرارات تجاه العاملين في القناة.

ما قالته قناة «الجزيرة» عن مختلف الدول العربية المتاح لها انتقادها في السابق كثير، وما ستقوله عنها في اللاحق كثير أيضاً، لكن لأنه في مجمله فبركة وبعيد عن الحقيقة لذا لا يصدقه إلا الجاهلون.