تأخرت 18 شركة في عام 2018 عن دفع الرواتب بحسب الإحصائيات الرسمية لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وهناك أكثر من 3 آلاف شكوى وصلت إلى المحاكم في العام 2017 تتعلق بقضية تأخر دفع الرواتب، إلا أن هذه الأرقام هي فقط حصيلة الشكاوى، وهناك قضايا أكثر بكثير لم تصل إلى الجهات المعنية لمختلف الأسباب، ومنها ما سقط بالتقادم!

تأخير الرواتب والمستحقات يبدو ومع الأسف الشديد أنه يتحول إلى ظاهرة، ليس فقط لدى الشركات الخاصة مع عمالها، بل حتى في بعض الجهات الحكومية، وغير الحكومية، خصوصاً لمن يعملون بنظام العقود أو التعاون أو حتى المكافآت، وهناك المئات من البحرينيين الذين تمت الاستعانة بهم في تنفيذ الفعاليات أو المؤتمرات، وغيرها من الأنشطة، ثم تأخرت مكافآتهم لمدد وصلت في بعض الحالات إلى أكثر من عامين، والبعض الآخر وصل إلى مرحلة اليأس، وأخرجها من حساباته تماماً. هؤلاء الذين عملوا في تنظيم الفعاليات والمؤتمرات وغيرها، تمت الاستعانة بهم دون عقود، كون العديد منهم يعملون بالفعل، ووافقوا على هذه الأعمال الإضافية المؤقتة، إما لتحسين الدخل أو لهدف معين آخر يختص بهم، وباختلاف الأسباب، فإن تأخر الدفع ألغى خططهم ومشاريعهم، وخلط أوراق حساباتهم الشهرية.

وللأسف الشديد، فإن بعض الجهات التي تنظم هذه الفعاليات، لم تضع في حساباتها بند أجور المتعاونين، وكانوا في آخر الأولويات، وما يتبقى فقط من الميزانية، يتم توزيعها على البعض، وتفاوضهم تلك الجهات على تخفيض المكافآت التي وعدتهم بها، ويصل أحياناً ما يتم دفعه لهم إلى 10% فقط من المبلغ الأصلي، وإن رفضوا.. فلن يحصلوا على شيء، ولا يمكنهم تقديم شكاوى، نظراً لعدم وجود أي عقد رسمي، وتلبيته لدعوة العمل كانت بسبب حبهم في الإنجاز، أو بعد إغرائهم بمبلغ المكافأة.

الحالات الأخرى لتأخير الدفع، طالت أصحاب المشاريع، خصوصاً الصغيرة منها، والتي تنتظر بفارغ الصبر الحصول على مستحقاتها، لتسديد رواتب العمال والإيجارات ورسوم الكهرباء والماء وتنظيم سوق العمل وغيرها، فضلاً عن الأرباح التي عادة ما تكون مصدر دخلهم، وتأخير الدفع يضعهم في مشاكل جمة، وتحت مطرقة إيقاف الخدمات والغرامات، فضلاً عن مشاكل أخرى مع العمال والموردين، خصوصاً في المشاريع الصغيرة والناشئة، والتي رغم وجود توجيهات واضحة من مجلس الوزراء بسرعة الدفع لهم، إلا أن عدة جهات تخلفت عن تنفيذ هذه التوجيهات. تبعات هذه المشكلة كبيرة، سواء على الشخص العامل نفسه، أو حتى على مستوى البحرين، وأنا هنا لا أتحدث عن التبعات الاقتصادية فقط، والتي قد يستطيع الجميع تخيلها والبحث فيها، وإنما فقدان الثقة في الجهات والفعاليات، وزيادة «التحلطم»، وأخيراً، رفض الأشخاص التعاون مجدداً، وذهاب الفرصة لشركات أجنبية بأسعار مضاعفة، وحينها لا تستطيع الجهات المعنية التأخير في دفع المبالغ المستحقة، وإلا كان القضاء فيصلاً فيها.

* آخر لمحة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره»، «حديث قدسي»، «رواه البخاري».