حوراء الصباغ

"الاكتئاب"، يتردد كثيراً على مسامعنا هذا المرض وقد يعلم البعض أنه أحد الأمراض النفسية التي يصاب بها الشخص بمختلف مراحل حياته إلا أن العديد منا يجهل ماهية هذا المرض وأعراضه وأسبابه الحقيقية، فضلاً عن جهل الكثيرين حول كيفية التعامل مع المصابين به بطريقة سليمة معتقدين أنهم يبالغون في تصرفاتهم خصوصاً حين نسمع أن أحد الأشخاص يمتلك ميولاً انتحارية أو قام بالانتحار معللين ذلك بنقص الوازع الديني، جاهلين ما يسببه هذا المرض وما يشعر به المصابون بالاكتئاب، وبات اليوم مرض الاكتئاب متصدراً قائمة الأمراض النفسية التي قد تصيب الشخص على المستويين العالمي والمحلي نتيجة أسباب متعددة سيتم تسليط الضوء عليها في التحقيق التالي، بالإضافة إلى واقع الاكتئاب في البحرين ومحاولة وصف معاناة مرضى الاكتئاب في سبيل إزالة الوصمة والتوعية الصحيحة للعلاج والوقاية.

"فاطمة" التي اجتاحتها موجة مرض الاكتئاب شاركت تفاصيل مرضها "للوطن" وسردت تفاصيل ما مرت به من أحداث خطيرة ومؤثرة تدل على أهمية الالتفات لمرضى الاكتئاب والتوعية، إيماناً منها بأن المرض النفسي ليس سراً وأن تطبيع الحديث عنه قد يشجع شخصاً ما لطلب المساعدة. فقالت: أنا "فاطمة" إنسانة عادية جدًا، أعيش في أسرة تربطنا علاقة عاطفية قوية. قريبة من الله وإيماني به كبير جداً وغير قابل للتنظير والمساومة. اجتماعية جدًا أحب الناس وأمتلك دائرة معارف كبيرة وأصدقاء من كل بقاع الأرض. مغتربة من ست سنوات، أحب الحياة بشكل كبير، حياتي كانت سلسة جدًا وبسيطة بشكل مريح، إذ لم أعتقد أبدًا إني سأرغب بالموت للدرجة التي أُقدم فيها على الانتحار!



وتابعت: أعتقد أن التحدث في الأسباب غير مجدٍ، لأنه في الحقيقة لا يوجد مسبب مع الإصابة بمرض الاكتئاب. خربطة هرمونات في دماغ الإنسان من الممكن أن تؤدي لكل هذه الزوبعة!

قبل ثلاث سنوات تقريباً بدأ الأمر بشكل لا يلاحظ، لا أذكر أبدًا متى كانت نقطة التحول. كنت أخوض عواصف فكرية وثورات ضد كل شيء تقريبًا. كنت أزداد وعيًا وتسلب مني الرغبة بالاستمرار في الحياة بالمقابل، كنت أفقد بشكل تدريجي رغبتي في الحديث والطعام والحياة. أنام لمدة لا تقل عن 14 ساعة متواصلة. كنت حساسة جدًا وحادة المزاج، كثيرة الصراخ والبكاء وافتعال المشاكل. ابتعدت عن الجميع ورغبتي في رؤية الناس كانت تنعدم مع الوقت. كنت أرغب حرفيًا بالموت، وكنت أخطط لطرق سريعة لا تسبب الألم للانتحار.

الإحساس الداخلي

وواصلت حديثها: كنت أعلم في قرارة نفسي أنني مكتئبة، لكن لم أخبر أحدا، أعتقد أنني كنت خائفة من أن يكذبني الآخرين الناس ويقولون إني أختلق الأمر للحصول على الاهتمام. لذلك حاولت أن أقاوم المرض بنفسي، أخبرت أسرتي أنني بحاجة للمساعدة، وبالفعل كان الجميع يداريني ويقويني ويحاول معي ولأجلي. ساعدت نفسي من أجلهم وحاولت أن أقضي على إحساسي باليأس.

وأردفت: صرت بخير لفترة قصيرة جدًا، ولكن ولأن المرض حقيقي ويحتاج علاج فعلي أكبر من كلمات الطبطبة والتشجيع، عاودني المرض من جديد و تطور بشكل مرعب ومخيف.

وتابعت: قبل سنة، زارني وحش الاكتئاب في أحد الليالي على هيئة خمول وإرهاق شديدين، دخلت الغرفة أتأمل السقف وأبكي، لكنني نسيت كيف أتنفس، فعلًا نسيت كيف اتنفس! كانت رئتاي لا تسحبان الهواء. وكنت أختنق. وأصابتني أعراض غريبة تشبه الصرع مصاحبة بتشنجات وهلوسة. كنت أهلوس وأرى وأسمع مخاوفي بشكل واضح جدًا وكأنها حقيقة. كنت لا أرى الجزء السفلي من جسدي. لا أرى قدمي. وكان الأمر مخيفاً جدًا. كنت بالتأكيد سأفتح النافذة وأُسقط نفسي من الطابق الـ 31 للشقة لولا وجود الأصدقاء في المكان.

الأمر أصبح روتينيا، صرع تشنجات هلوسة وشريط المخاوف يعاد ويصاغ بطرق مختلفة. كنت أحيانًا لا أعتقد بوجودي، يعني كنت في عقلي في بعض المرات لا أصدق أنني شخص حقيقي موجود.

كنت خائفة جدا، في كل مرة تأتيني نوبة الهلع. كنت أبتكر في عقلي طريقة جديدة للانتحار، وكنت دائمًا أسمع في خيالي صوت أمي وهي تبكي على خبر وفاتي، وكان هذا هو السبب الوحيد الي يجعلني أقاوم الفكرة وأحاول أن أتنفس من جديد.

أنا أصلي كل يوم. وأقرأ ثلاث صفحات من القرآن كل يوم. وأحب الله كثيراً، ولكن كان الأمر أكبر من طاقتي على التحمل.

لجأت إلى أكثر من رجل دين لنتناقش ونحل مشاكل التفكير المتفاقم لدي واليأس من الحياة، كما لجأت أيضًا إلى أكثر من معالج روحي، نفذت الأعمال التي طلبت مني وشربت الماء"المقري عليه".. ودفعنا مبالغ كثيرة لقاء الأحجبة التي صنعوها ولبستهم لمدة طويلة.. ولكن لم أتحسن.

وتابعت: وصفت مشكلة التشنجات ونوبات الصرع لأحد الأطباء وكان يرفض أن يشخصني بتشخيص واضح قبل أن أجري الفحوصات اللازمة للمخ، توجهت للمستشفى وحصلت على موعد لمستشفى السلمانية لإجراء الفحوصات في شهر يوليو عام 2019، كان الموعد جداً بعيد مقارنة بصبري وقدرتي على تحمل المرض.

وبالنهاية لجأت إلى الطب النفسي مع مخاوف الأهل المعتادة من إدمان الأدوية وكلام الناس، اتصلت في الطبيب مباشرة ووافق على استقبالي لأني شرحت له عدم قدرتي على انتظار موعد السلمانية. كانت الزيارة الأولى مخيفة ومربكة وكنت أفكر طول الطريق كيف لي أن أقابل شخصا لأول مرة وأكشف له عن جميع تفاصيل حياتي ومخاوفي ومشاكلي وأفكاري وعيوبي والثغرات غير المرئية في شخصيتي؟

ولكن يا سبحان الله منذ دخلت قال لي "فاطمة"؟ وابتسم ابتسامة مريحة جعلتني أباشر بالكلام دون أي تفكير!

وواصلت حديثها: مستشفى الطب النفسي غريب. لفتني أن أغلب مرتاديه من النساء يغطون وجوههن، بالطبع لا أقصد الإساءة للنقاب، ولكن من الغريب أن تجد 80%؜ من مرتادي مكان واحد في البحرين يرتدونه في نفس الوقت، كان هذا الشيء يؤكد على ثقافة العيب للمرض النفسي، ويؤكد على أنه يجب أن يبقى سراً.

ووصفت فاطمة رحلة العلاج وقالت: شرح لي الطبيب بأنه سيقوم بالاعتماد على العلاج السلوكي قبل الدوائي، كان يكلفني لواجبات أسبوعية، منها الرياضة والنشاطات الاجتماعية، وكنت أحيانا التزم بالكلام وأحيانا أخرى أشعر بالملل من تطبيقها لأني كنت يائسة جدًا ولم كنت أنوي تلميع حياة أرغب في تركها. في نصف العلاج كنت 10% بخير و90% لا أشعر بخير وأترنح بين الحالتين، ولكني كنت مرهقة جدًا ومتعبة من محاولة انتزاع روحي من التعب.

القصص الواقعية

وبدأ طبيبي باتباع العلاج الدوائي، ومع أول نصف عقار ابتلعته شعرت بجرعة غير مسبقة من السعادة، وتحدثت مع طبيبي مباشرة ووصفت له مدى سعادتي، إلا أنه طلب مني إيقاف الدواء إذ راودته الشكوك بأنني أعاني من ثنائية القطب، لاحقاً في الجلسة اتفق طبيبي مع طبيب آخر على البدء بطريقة علاج مختلفة، ولكنني شعرت بالتعب من المحاولات والطرق المختلفة ونفذ صبري، عدت إلى المنزل ومع بدء نوبة الهلع قمت بابتلاع جميع العقاقير، لم تكن هذه أول محاولة انتحار لي، لكنها كانت الأكثر جدية واستعداد للموت، نحن مرضى الاكتئاب نشعر برغبة بالموت لأنها الطريقة الوحيدة للخلاص من الألم والصراع النفسي، ولكننا نود العيش لأجل من نحبهم ولأننا مؤمنين بالله ونخاف من عذابه. ولكن مع نوبة الهلع لا يوجد أي رادع يجعلنا نتوقف لأننا لا نكون على القدر الكافي من الوعي ونحن نقوم بإيذاء أنفسنا.

وتابعت: أنا أبلغ من العمر 24 عاما، ولست في عمر صغير لأختلق أمورا تدعو الآخرين للاهتمام بي، لعل الأمر أكبر من قدرتي البسيطة على الشرح، ولكن جل ما أعرفه بأنه مؤلم جدا، نحن فقط نريد أن نضع رؤوسنا على المخدة في نهاية اليوم ونستمع فقط لأصوات المكيف، ولكنني على مدار 3 سنوات كنت أستمع لأصوات مخيفة داخل عقلي، وفي الحقيقة أنا في خيالي دائما ميتة وعلى مدى تلك ال3 أعوام لم أفكر بشيء سوى الموت وطرق للموت وكل ما يتعلق بالموت، أصبح وزني يبلغ 35 كيلو جراما فقط، كنت أبكي أثناء تناول الطعام لأنني جائعة جدا ونائمة ليومين بشكل متواصل دون طعام!

لا أستطيع شرح تجربة الموت، عندما شارفت على الموت استوعبت بأنني لم أكن أريد الموت، استيقظت على سرير المستشفى بعد التجربة المؤلمة وعند مشاهدتي لنظرات والداي وأخوتي أدركت حينها أن موتي لن يجلب لهم الراحة مطلقا، أصبحت أقوى من قبل وخضعت للعلاج، ساعدت نفسي وساعدت طبيبي وتعاونت لأتلقى المساعدة اللازمة.

أنا الآن أدرك بأن مصطلح الاكتئاب لا يخيفني، ولكن الموت مخيف والفقد مخيف وليس الاكتئاب، أتناول دوائي بشكل منتظم وأنفذ نصائح طبيبي، أمارس يومي بشكل طبيعي وأذهب للجامعة واسترجع علاقاتي التي قمت بقطعها، أتنكس أحيانا بين الحين والآخر لفترات قصيرة ولكنني بخير بنسبة 80% إذ لم تعد هناك أي تشنجات أو إغماءات مفاجئة، فضلاً عن قدرتي على السيطرة على الأفكار التي تراود عقلي. رحلة العلاج لم تكن سهلة ولكنها بحاجة إلى صبر ووقت وجهد ومحاولات والتزام.

وكما هو الحال مع مصابة أخرى بالاكتئاب التي قررت مشاركة تجربتها وقالت: شعور المصاب بالاكتئاب لا يستطيع أي فرد التغلب عليه إلا عن طريق المساعدة، أو سينتهي به الأمر محاولاً الانتحار.

وتابعت: أنا عانيت لفترة طويلة من التفكير الزائد، لم أكن أشعر بالحزن أو الفرح مطلقاً بل أشعر أني فارغة تماماً من الداخل، راودتني عشرات الأفكار الانتحارية وكنت أشعر بالوحدة دائما رغم وجود الكثيرين من حولي، كنت أؤمن بأنه شعور مؤقت وقابل للزوال ولكنه كان بمثابة شبح أسود يلازمني ويقوم بخنقي ببطء.

وحول وصفها لمسيرة العلاج قالت: بدأت رحلة العلاج وطبيبتي كانت تقول بأنه "نقص ايمان" ولكنني أرفض ذلك قطعا لأنني أصلي بشكل دائم وقريبة من الله، جلسات العلاج وحديثي مع الطبيبة يشعرني بالارتياح وعند بدء العلاج بالعقاقير المضادة للاكتئاب شعرت بالارتياح بصورة أكبر إذ إنها تؤدي لتوقف نوبات البكاء وتنظم نومي وتبعد عني الأفكار الغريبة التي لا أستطيع مشاركتها علناً رغم آثارها الجانبية، وأنا الآن في طريقي للتحسن.

ومن جانبه، قال استشاري الطب النفسي د. حميد أحمد غن كثرة استهلاك المراكز الصحية في الحكومة من أدوية الاكتئاب هي دليل على أن حالات كثيرة تتعالج في العيادات النفسية في المراكز الصحي، لافتاً إلى أن معظم الحالات تفضل اللجوء للعيادات الخاصة بدلاً من مستشفى الطب النفسي خوفاً من الوصمة إذ إن أكثر الحالات التي تتردد على عيادته هي حالات اكتئاب مصحوبة باضطراب الهلع.

وأكد تطور العلاجات النفسية والدوائية ووجود أدوية جديدة مضادة للاكتئاب تسبب مضاعفات أقل من السابق، مشيراً إلى عدم وجود علاقة بمرض الاكتئاب بالدين نهائياً كون المرض يكون نتيجة تغييرات في كيمياء المخ، إلا أن الوازع الديني يمنع مرضى الاكتئاب من الإقدام على خطوة الانتحار.

موعد تناول الأدوية

من جهته، قال بروفيسور الصيدلة د. عدنان بخيت إن جميع الأدوية المتعلقة بأمراض الجهاز العصبي ومن ضمنها الاكتئاب يجب أن يكون استخدامها تحت إشراف طبي صارم وبعدد معين من العقاقير، حيث أن وزارة الصحة أولت اهتمامها بوجود تشديد على الاستعمالات.

كما أشار إلى أهمية ووجوب متابعة أهل المريض وإشرافهم على عملية ومواعيد تناول الأدوية، حيث أن مرضى الاكتئاب قد يكونون غير مدركين وليسوا على وعي كافي لتحديد ما اذا قد قاموا بتناول أدويتهم أم لا، لافتا إلى أنه قد تنتابهم نوبة هلع تفقدهم وعيهم وينتهي بهم الأمر في تناول جرعات كبيرة من الدواء في دفعة واحدة والذي يعد تصرفا مميتا.

من جهته، قال الشيخ والاستشاري النفسي الدكتور عبدالله المقابي أن مرض الاكتئاب من الأمراض النفسية التي تعرف بالأسباب المختلفة أبرزها الخلل الهرموني، وليس للوازع الديني دخل في مريض الاكتئاب على الإطلاق، ولربما بدأت بعض المناقشات أو الأطروحات بالذات في مباني علم النفس الإسلامي حديث المنهج بأن هنالك ارتباطا لمرض الاكتئاب والوازع الديني ضعفاً وقوة، ولكن مع ذلك لم يصنف الاكتئاب حتى الآن على أنه فقر أو افتقار المريض للدين أو التدين أو الوازع الديني.

وأشار إلى حاجة المجتمع إلى فهم طبيعة المرض التي هي نقص هرموني أو زيادة أو اضطرابات هرمونية أو ذهانية ويعتمد المرض وتحديد نوعه من بين 33 نوعا من أمراض الأكتئاب ومن بين 3 أقسام العادي والمتوسط والشديد، والتي تحدد ارتباط الدين أو قدرته على مساعدة المريض من التشافي السريع؛ فقطعاً للوازع الديني دور في شفاء مريض الاكتاب بشكل وآخر وهي عملية مساندة للتخلص من الأعراض الجانبية المصاحبة للمرض، ولكن العلاقة بين المرض والوازع الديني لا تعني المرض، إنما الدين قادر على التأثير بالشكل الإيجابي لإستجابة المريض للعلاج والتشافي وسرعته.

وأوضح أن مريض الإكتئاب يخضع للعلاج لتعديل الهرمونات والعصبونات الدماغية ويتم علاجه بفترة، وقد يستجيب المريض للعلاج بشكل أسرع بالقرآن الكريم وحفظ وتطبيق بعض الأحاديث الداعية للتفاؤل والأمل والحياة وطلبها، وليس هنالك مريض اكتئاب لضعف وازعه الديني بل لم تثبت مثل هذه الإدعاءات حتى فيمن انتسب لعلم النفس الإسلامي الحدث الذي بدأت مناهجه تدرس في بعض الجامعات العربية كمنهج جديد يطرح الحلول المتخصصه للأمراض النفسية، مع وجود تبني لفكره ارتباط كثير من الأمراض لقلة الوازع الديني إلا أنها نظريات لم يتمكن أصحابها من إثبات صحتها وتعتبر كلها فرضيات لم ترتق لأن تكون نظرية صالحة للطرح والتطبيق.

وفي ذات الشأن، يقول عضو مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي الشيخ صلاح الجو الانسان قد يتعرض إلى مشاكل كثيرة في الحياة تؤثر على النفس، وطبيعة النفس البشرية تجعله يحتاج إلى ما يهدئ ويغذي العقل المكلف بتدبير شؤون الانسان ويريح النفس التي تعنى باستقرار الروح، ولذلك جعل الله تعالى الشأن الديني مطلب رئيسي لاستقرار النفس بقوله "وننزل من القرآن ما فيه شفاء" فالإنسان بحاجة إلى أن يغذي نفسه سواء بالقران والحديث والأدعية وسير الصالحين سعيا لاستقرار الروح،مشيرا إلى أنه ينصح دائما من يعاني من اضطرابات نفسية أن يعزز من هذا الجانب للاستقرار الروحي ومعالجته والمحافظة على الالتزام بالعبادات.

وأضاف إلى أنه لا يمكن التشكيك بدور الأطباء والعلاجات النفسية ودورها في التشخيص كونهم يملكون معرفة أكثر وهم ذوي الاختصاص وارتباط الأمراض النفسية بأمراض عضوية، ولكن على الفرد أن يلجأ إلى الله بالدعاء وقراءة القران والاستعانة بأهل العلم بما يملكون من خبرة ودراية في الجانب الروحي قبل اللجوء للأطباء، مشبها الفرد الذي لا يملك الانتماء الروحي والديني كالإنسان الساكن في العراء تتنازعه الشياطين والوساوس والأهواء لأن ليس هناك من تحصين له، وأشار إلى ضرورة ترديد الأذكار وتطبيق العلاجات النبوية التي أوصى بها النبي ص لأصحابه لتجنب الشعور بالاضطرابات.

شارلوت:

وتحدثت بالتفصيل "للوطن" رئيس مستشفى الطب النفسي الاستشارية د. شارلوت كامل عن أهم ما يتعلق بمرض الاكتئاب، وعند تعريف الاكتئاب تعني حالة من الحزن وليست مرض وقد تستخدم بشكل يومي ودارج بين الأشخاص كالفرد الذي يشعر بالملل ويعبر عنه بقول "أنا مكتئب"، وهي عبارة عن حالة نفسية مؤقتة لا توثر على حياة الشخص اليومية، وعند تحول هذه الحالة إلى حالة نفسية دائمة وانخفاض المزاج مصحوبا بمجموعة من الأعراض يتم تشخيص الفرد حينها بإصابته بمرض الاكتئاب الذي قد تتراوح درجاته بين خفيف ومتوسط الحدة أو حاد وفقا للتشخيص، ومن الممكن أن يكون الاكتئاب مصحوبا بأعراض فسيولوجية وجسمية كالصداع والقلق والتوتر، أو يأس شديد من الحياة وانخفاض قيمة الشخص بالنسبة لذاته يرافقه الإحساس المستمر بالذنب، إلى جانب أعراض الذهان والتي تعني الهلوسات السمعية والبصرية.

مسببات الاكتئاب

وفيما يتعلق بمسببات الاكتئاب، فقد أشارت د. شارلوت إلى أن هناك مجموعة من العوامل المتعددة التي تتسبب في حدوث الاكتئاب تتلخص في كونها عوامل هرمونية وعوامل عضوية نتيجة أمراض عضوية كشلل الرعاش الذي يؤثر على المنطقة المتواجدة في المخ والذي تربطها علاقة بمركز الاكتئاب في المخ إلى جانب جلطات وأورام المخ والأمراض المزمنة المستمرة لسنوات كمرضى غسيل الكلى، وعوامل جينية بوجود تاريخ عائلي للمرض، وعوامل نفسية لشخصيات معينة كالشخصية الوسواسية التي تكون من أكثر الشخصيات المعرضة للإصابة بمرض الاكتئاب، فضلا عن العوامل الاجتماعية. وجود عامل أو أكثر من الممكن أن يؤدي للإصابة بالاكتئاب، لافتة إلى وجود علاقة وثيقة تربط بين العامل الهرموني والعامل النفسي بشكل خاص في مرض الاكتئاب.

وأضافت د. شارلوت بأن الاكتئاب تتراوح أنواعه بين أحادي القطب والذي يكون بشكل نوبات حزن متكررة ونسبة الإصابة به للنساء ضعف الرجال نتيجة العامل الهرموني وتغيرات الهرمونات في جسم المرأة منذ فترة البلوغ وحتى فترة انقطاع الطمث، أو اكتئاب ثنائي القطب والذي يصيب المريض بنوبات حزن تتذبذب مع نوبات هوس، يعد الهوس عكس الاكتئاب تماما إذ يدفع المريض للشعور بالفرح والنشاط الزائد إلى حد غير منطقي والذي من الممكن أن ينتج عنه الإحساس بالعدوانية والتوتر الشديد، فضلا عن التصرفات الاندفاعية الذي ينجم عنها خطورة كالسياقة باندفاع شديد والتسبب بحوادث، وتعد نسب الإصابة به متساوية في كلا الجنسين. كما ولفتت إلى وجود نوع يسمى الاكتئاب المقنع، إذ لا يكون المصاب على علم بحزنه واكتئابه وإنما يكون التعبير عنها ما يطلق عليه بالحالات النفس جسمية والتي يعاني المريض من خلاله آلام متكررة بكافة أعضاء جسده نتيجة انعكاس الاكتئاب على أعضاء الجسم، وهو من أخطر الأنواع بسبب عدم وعي المريض بأنه يشكو من مرض نفسي بسبب الألم حتى لو استمر التردد على المستشفيات لتلقي العلاج لإيقاف الألم حيث سيتضح من خلال الفحوص العضوية بأنه سليم تماما.

وأوضحت وجود اكتئاب ما بعد الولادة والذي تلعب الهرمونات دورا كبيرا في حدوثه نتيجة انخفاض هرمون "الأستروجين" في جسم المرأة والذي يعتبر مضادا طبيعيا للاكتئاب، إذ يظهر بعد الإنجاب ويؤثر على سعادة الأم وعلاقتها بطفلها، وتبلغ نسبة اكتئاب ما بعد الولادة عالميا 15%، وهي النسبة ذاتها في البحرين والتي أظهرتها البحوث التي تم إعدادها على النساء اللواتي يترددن على المراكز الصحية بعد الولادة لتطعيم أطفالهن، وبينت د. شارلوت أهمية معالجة هذا النوع مبكرا لتأثيره الكبير على الطفل إذ أن العلاقة بين الأم وطفلها تبدأ منذ اللحظة الأولى من ولادته، فضلا عن أهمية العام الأول في حياة الطفل لتحقيق نتائج علمية مثبتة على المدى البعيد، فالطفل الذي لا يحصل على الرعاية والحنان الكافيين منذ ولادته يكون عرضة لاضطرابات نفسية مستقبلا. وتم اجراء مقارنة بين مجموعة من أبناء سيدات عانوا من اكتئاب ما بعد الولادة تتراوح أعمارهم بين 10 و11 مع مجموعة لأبناء سيدات كانوا بصحة نفسية جيدة بعد الولادة، وأظهرت النتائج أن أبناء السيدات الذين عانوا من الاكتئاب تحصيلهم الدراسي أقل بكثير من المجموعة الأخرى. ومن الممكن أن يظهر الاكتئاب لدى النساء الحوامل لعدة أسباب تتلخص في الحمل الفجائي والخبرة السيئة السابقة وعدم الاستعداد الكافي للأمومة، وتبلغ نسبة اكتئاب الحمل عالميا 30%.

كما وبينت د. شارلوت أن الاكتئاب قد يصيب جميع الفئات العمرية، ومن الممكن أن يصيب الأطفال ويتم التعبير عنه بالآلام متكررة في البطن حيث أن الطفل لا يستطيع التعبير عن مشاعره بصورة واضحة.

أما اكتئاب المسنين والذين غالبا تتراوح أعمارهم فوق السبعين عاما، فيأتي الاكتئاب أحيانا على صورة اضطراب في الذاكرة ممزوجا بالشعور بالحزن، وهو ما يدفع الأشخاص المحيطين بالظن أن المسن قد يعاني من حالة خرف، وهو في الواقع مرض الاكتئاب وقد يزول الخرف عند معالجته.

كما يوجد اكتئاب موسمي يحدث عند تغير الفصول، ويعد فصل الربيع أكثر موسم يتم فيه الانتكاس من الاكتئاب عالميا.

أعراض الاكتئاب

أما فيها يتعلق بأعراض الاكتئاب، فأشارت د. شارلوت إلى أن الأعراض الفيسيولوجية تتلخص في الأرق أو النوم الزائد، فقدان الشهية أو تناول الطعام بشراهة، الصداع العام والنصفي وآلام في الجسم تكون على هيئة آلام في الجهاز الهضمي والمعدة تحديدا وآلام في العضلات، أما الأطفال والمسنين فيكون الألم من خلال البطن، وعدم انتظام الدورة الشهرية لدى النساء، وعدم انتظام هرمونات الغدة الدرقية، إذ من الممكن أن يطلب الطبيب فحص لهرمونات الغدة الدرقية بناء على الأعراض.

أما الأعراض الذهانية فهي ضعف التركيز، وجود نوبات بكاء المستمرة، فضلا عن الإحساس المستمر بالذنب وسيطرة التفكير بأفكار تؤرق المريض وفقدان الثقة بالنفس، الانعزال وعدم الاختلاط وفقدان الاهتمام بالهوايات والأنشطة والتوقف عن ممارستها.

أما عن تأثير الاكتئاب، قالت د. شارلوت إن 50 إلى 60% من حالات الاكتئاب تكون مصحوبة بالقلق والتوتر والخوف، مما يؤثر بنسبة كبيرة على علاقة الفرد بالآخرين ويؤدي للعزلة والخوف من الخروج من المنزل والأماكن المزدحمة والتخلي عن الآخرين، وقد يؤدي لحالات الطلاق والمشاكل الزوجية، ولذلك يتم فحص الأشخاص المقبلين على الزواج في مراكز الارشاد الزوجين إذا كان أحدهما معرض للاكتئاب، كما قد يؤدي إلى تأخر الحمل لدى النساء.

كما يؤثر الاكتئاب على التركيز وقد يؤدي لحوادث سيارات واهمال النفس، وقد يؤدي عدم الخضوع للعلاج إلى نتائج خطيرة على الفرد والدول أبرزها الانتحار وتدهور الإنتاجية.

وطبقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن النتائج المباشرة للاكتئاب فهي تأثيره على الإنتاجية والكلفة العالية على المستشفيات عند كثرة التردد واجراء الفحوصات الغير لازمة، أما النتائج غير المباشرة فهي تكمن في المشاكل الزوجية وحالات الطلاق والمشاكل الزوجية، إلى جانب حوادث السيارات والتغيب عن العمل وتدني المستوى الدراسي.

وأفادت د. شارلوت بأن تقدم مملكة البحرين في العلاجات النفسية واحتلالها لمراتب متقدمة في الوطن العربي كأفضل خدمات حسب الجمعية العالمية للصحة النفسية.

وقالت: يرجع الفضل الكبير إلى حكومتنا الرشيدة في مملكة البحرين والمسؤولين في وزارة الصحة على الاهتمام الكبير حيث أنه بالإضافة إلى مستشفى الطب النفسي ويشمل كافة التخصصات النفسية، هناك شبكة من العيادات النفسية في المراكز الصحية وكذلك تمتد الخدمات إلى قسم الطب النفسي في المجتمع وهو فريق متكامل من أطباء وممرضين وأخصائيين نفسيين واجتماعيين يقومون بزيارة المرضى غير القادرين على زيارة العيادات النفسية، وذلك في منازلهم لضمان استمرار البرنامج العلاجي والتأكد من سلامتهم النفسية. وقد أعدت وزارة الصحة فريق الطب النفسي الوصلي وهو فريق متكامل من أطباء وممرضين وأخصائيين نفسيين واجتماعيين يقومون بتغطية قسم الطوارئ وأجنحة مجمع السلمانية الطبي في حالة وجود إي حالة نفسية بكفاءات وكوادر أطباء وممرضين وأخصائيين نفسيين واجتماعيين متميزين.

وأوضحت أن ذلك قد أدى إلى التقليل من الوصمة والقضاء على ثقافة العيب المنتشرة في عدم اللجوء للعلاج والنفسي، وأصبح المجتمع أكثر تقبلًا بشكل كبير بجميع فئاته وأطيافه، ومع تطور العلاجات وإمكانية السيطرة على الاكتئاب من خلال العلاج النفسي المبكر وعدم انحصار خيارات العلاج وتعددها بدءا من العلاج النفسي السلوكي وحتى العلاج الدوائي على أيدي كوادر وأخصائيين نفسيين مؤهلين ومماثلة طرق العلاج لأحدث ما توصلت إليه الدراسات العالمية في الدول المتقدمة وكذلك من خلال توثيق العلاقات مع المنظمات العالمية للطب النفسي مثل الجمعية العالمية للصحة النفسية والمتابعة الدورية لأخبار الصحة العالمية والكليات الملكية للأطباء النفسيين بإنجلترا وأستراليا وكندا. كما أن سرعة التواصل الآن مع المريض هو أبرز سبب لإزالة الوصمة، فأصبح الطبيب صديق مهني للمريض نتيجة وجود وسائل التواصل السريعة وهذا ما يُعد من مزايا العلاج الحديث.

الالتزام بالعلاج مفتاح النجاح

وحول الآلية المتبعة لعلاج مرضى الاكتئاب، قالت د. شارلوت أنه يتم عبر اتباع العلاج النفسي المعرفي السلوكي والذي يتم من خلاله تعديل السلوك واستبدال الأفكار السلبية بأفكار إيجابية، حيث أن مريض الاكتئاب تطغى عليه السلبية في التفكير والذي تنعكس على المشاعر والتصرفات مما يعرف علميا ب"مثلث السلبية"، فيقوم الأخصائي النفسي عبر جلسات غالبا تتراوح من 8 حتى 10 جلسات مستمرة بتعديل السلوك عن طريق زيادة وعي الشخص بأفكاره وتحويلها لأفكار إيجابية مما ينعكس إيجابا على المشاعر والتصرفات بسبب وجود الرابط بينهم.

كما أكدت أن نتائج العلاج ناجحة للمرضى إذ ان نسبة الحالات التي تستجيب للعلاج قد تصل إلى 95% في معظم الحالات، ومن المهم الاستمرار والانتظام بالجلسات لمدة 3 شهور بمعدل جلسة كل أسبوعين لضمان نجاح العلاج. مشيرة إلى أن بعض المرضى أحيانا لا يفضلون الانتظار فيتم البدء بالعلاج الدوائي ووصف العقاقير المضادة للاكتئاب لفترة 6 إلى 8 شهور فقط والتوقف عنها، ويجب التنويه على أنها لا تغني لوحدها أبدا عن العلاج النفسي السلوكي، فضلا عن الدعم المعنوي من الأسرة والأقارب والأنشطة المجتمعية والتي تلعب دورا هاما في رحلة العلاج.

العلاج الدوائي أم النفسي؟

وأضافت د. شارلوت إلى أن اتخاذ قرار العلاج الدوائي مع النفسي أو النفسي فقط يكون وفقا للاتفاق بين الطبيب والمريض بحسب النظام الجديد عبر قيام الطبيب بشرح جميع تفاصيل الحالة والتهيئة الاجتماعية للمريض، مشيرة إلى أنها تفضل عدم وصف أي أدوية خلال الجلسات الأولى لتقييم استجابة المريض للعلاج النفسي وفهم حالة المريض وتفصيل تاريخه النفسي بالكامل، ولا بد من مشاركة الطبيب مع المريض بجميع استنتاجاته والتقييم الذي وصل إليه والمامه بتفاصيل أي نوع من الاكتئاب لديه ويتم الاتفاق معا حينها على الطرق المتبعة للعلاج. ويتم تشخيص المريض وفقًا للتصنيف الدولي العاشر من منظمة الصحة العالمية والتصنيف الدولي الأمريكي الخامس (الذي صدر في 2012) ضمن ضوابط ومعايير معينة متبعة عالميًا في جميع مؤسسات الصحة النفسية وفقًا للاستنتاجات من حالة المريض، إلى جانب وجوب الاستعانة بأقارب المريض بعد أخذ موافقته وأخذ تقرير مفصل، ويعطى العلاج وفقا للتصنيف والأعراض. ونوهت إلى أن المريض أحيانا قد تكون لديه نوبتين اكتئاب أو اكتئاب مقترن بالهوس، ولذلك وجب أن يكون التشخيص طويل المدى، كما أن عدم موافقة المريض على الاستعانة بالأقارب حتى لو كان في حالة نفسية شديدة لا تعطي الحق للطبيب بالتصرف عكس ذلك بسبب كون المريض النفسي ومريض الاكتئاب تحديدا حساس جدا ويجب احترام جميع رغباته.

وفيما يتعلق بعودة نوبة الاكتئاب، أشارت د. شارلوت إلى أن 50% من نوبات الاكتئاب تكون لمرة واحدة في حياة المريض، و50% من النوبات تكون متكررة، أما نسبة الاكتئاب المزمن فتبلغ 5% فقط.

الاكتئاب والإدمان!

وأفادت د. شارلوت بعدم وجود أي دليل عالمي يثبت أن العقاقير المضادة للاكتئاب تسبب الإدمان، ونفت هذا الاعتقاد المنتشر كونه معتقدا خاطئا تماما، فمضادات الاكتئاب تعيد توازن هرمونات الاكتئاب الثلاثة في المخ (الموصلات العصبية) ويشمل ذلك: “serotonin, dopamine, nor-adrenaline’، ويتم المزج في الاعتقادات بينها وبين مضادات التوتر والقلق التي قد تؤدي للإدمان في حالة تعود المريض عليها.

تطورات العلاج النفسي

وفي الحديث عن مراحل تطور العلاج النفسي، ذكرت د. شارلوت أن العلاجات النفسية مسبقا كانت تأخذ وقت طويل حتى تكون فعالة فيمكن أن تصل فترة تردد المريض على المستشفى لسنة كاملة، أما الآن فقط تطورت العلاجات النفسية والسلوكية فأصبحت عدد الجلسات لا تزيد عن 6 إلى 8 جلسات فقط وهو ما يعد من أهم الإنجازات في عالم صحة النفس. ومن الممكن خضوع المريض للعلاج التحليلي النفسي المركز الذي تتراوح جلساته من 6 إلى 10 جلسات، وهناك عدة أنواع للعلاجات بحسب حاجة المريض وأعراضه، فعلى سبيل المثال المرضى الذين يعانون من المشاكل الزوجية والاجتماعية ومن صعوبة بناء العلاقات يتم إخضاعهم لجلسات علاج Inter personal therapy، كما هو الحال للمرضى الذي يعانون من صراعات داخلية فيتم إخضاعهم لجلسات علاج Intra personal therapy، بالإضافة إلى جلسات الثقة بالنفس وجلسات تعلم حل المشاكل وجميع هذه العلاجات تتراوح من 6 إلى 8 جلسات فقط وتقلل من حدة الاكتئاب والمشاكل المتعلقة به. ولبناء علاقة علاجية ناجحة يجب أن تكون العلاقة بين المريض والطبيب لا يشوبها التوتر ليؤدي الطبيب دوره بنجاح وليكون المريض على قدر كبير من الارتياح.

وأردفت د. شارلوت بأنه من الممكن اعتماد العلاج الجماعي وهو عبارة عن اخضاع مجموعات من الناس تعاني من نفس المرض لجلسة واحدة معا بعد أخذ موافقتهم، ورغم فعاليته الكبيرة وكونه من العلاجات الناجحة جدا في الغرب إلا أنه لا يوجد اقبال عليه من المرضى كالعلاج الفردي نتيجة حساسية معرفة الأشخاص لبعضهم.

وقالت د. شارلوت بأن وزارة الصحة قد أعدت فريق الطب النفسي الوصلي وهو فريق متكامل من أخصائيين نفسيين يقومون بزيارات ميدانية لجميع أجنحة وفروع مستشفى السلمانية الطبي وملاحظة المرضى والتأكد من سلامتهم نفسيا، فضلا عن أن منظمة الصحة العالمية قد أقرت أنه بحلول عام 2020 سيكون من الواجب اجراء تقييم نفسي لجميع الأشخاص العاملين في المؤسسات الصحية للتغلب على مشاكل الاكتئاب والتوتر إلى جانب المشاكل التي تؤثر على الإنتاجية في العمل.

الاكتئاب والانتحار

وأضافت د. شارلوت إن الانتحار هو الدرجة الأخيرة من الاكتئاب عند عدم الخضوع للعلاج والوقاية منه، وفي ظل المجتمع البحريني الذي يعد مجتمع محافظ فهناك القليلين ممن يقبلون عليه عكس الدول الغربية تماما. كما أن وجود الخدمات النفسية المتقدمة في البحرين قد قللت من حدوث محاولات ونسب الانتحار نتيجة الاهتمام الكبير بالمريض والتواصل الدائم معه ومتابعة حالته النفسية والصحية أولا بأول والقيام بالاتصال الفوري في حال تخلفه عن حضور جلسات العلاج.

ونبهت د. شارلوت بضرورة إزالة المعتقدات الخاطئة وعدم اتهام مرضى الاكتئاب بالضعف والحث على الاستمرارية والالتزام بجلسات العلاج حتى اختفاء الأعراض ومواصلة المريض لحياته الطبيعية. كما دعت إلى أهمية تحسين علاقة المريض بأقاربه ومحيطة وذلك بسبب الأهمية القصوى للدعم المعنوي كونه يعد أحد الآليات المتبعة للعلاج، إلى جانب تنظيم الحياة الذي يلعب دور هام في الوقاية والعلاج، واللجوء فقط للحقائق العلمية الثابتة والموثوقة فقط وليس الآراء الشخصية والتي تعرض على شبكات التواصل الاجتماعي والانترنت، لافتة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي لها دور في التوعية الاجتماعية وإزالة الوصمة.

وتابعت: من الجدير الإشارة إلى أن منظمة الصحة العالمية النفسية WORLD PSYCHIATRIC ASSOCIATION قد أقرت أنه بحلول عام 2020 سيكون هناك تقييم نفسي لجميع الأشخاص المترددين على العيادات الصحية بغرض الاكتشاف المبكر للقلق والتوتر والاكتئاب بالإضافة إلى إعطائهم البرامج التوعوية عن مرض الاكتئاب وسبل الوقاية والعلاج.