* مع قرب إطلالة شهر ذو الحجة تقترب معه إطلالة أنوار مكة المكرمة التي ستستضيف حجاج بين الله الحرام، وتهفو القلوب لتلك البقعة المباركة شوقاً إلى رحمات الله ورضاه، وابتغاء للعتق من النار في يوم يقف فيه الحجاج على صعيد عرفات. فهنيئاً لمن كتب الله له حج بيته الحرام، وهنيئاً لمن اختاره المولى الكريم لخدمة ضيوف الرحمن، سائلين المولى الكريم التوفيق والسداد لحملات الحج لخدمة الحجاج، وللقائمين على شؤون الحج في المملكة العربية السعودية الشقيقة كل التوفيق والتيسير، فهم على ثغرة هامة وأجور مضاعفة للسهر على خدمة حجاج بيت الله الحرام. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الحجاج والعمار وفد الله عز وجل، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم». فعندما يكون الحاج وفد الله عز وجل فحري أن يستشعر قدسية المكان وحرمته، وأن لا ينشغل بتفاهات أخرى عن العبادة والطاعة، وأن لا يتضجر من أمور خدماتية تشغله عن الأهم في التذلل بين يدي الله عز وجل.. فالمرء إنما صرف هذه الأموال وقطع المسافات من أجل أن يفوز بحج مبرور، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. حفظ الله حجاج بيته الحرام بحفظه ويسر لهم حجهم وأعانهم على تأدية مناسك الحج على الوجه الذي يرضيه عز وجل.

* أحيي الجهاز الفني والإداري للفئات السنية لكرة القدم بنادي المحرق العريق على الإجراء التربوي الرائع الذي تم إصداره مؤخراً بمنع قصات الشعر ووضع بعض الأكسسوارات الغريبة في اليدين والرقبة على لاعبي جميع فرق الفئات السنية أثناء الحضور للنادي والمشاركة في التدريبات والمباريات الرسمية. إن هذا القرار يأتي في إطار الاهتمام التربوي للنادي لأبناء الوطن، وهي لفتة رائعة افتقدناها منذ زمن في أنديتنا الرياضية، فالنادي يجب أن يستثمر انخراط الأبناء في المجال الرياضي بالتوجيه التربوي حتى تتكامل حلقات التربية في مجتمعاتنا، فالابن اليوم يتأثر في المحيط الذي يحبه والذي يجب أن نوظف فيه أيضاً المشرفين التربويين الذين سيكونون سنداً للمهام الإدارية والرياضية الأخرى. وافر الشكر والتقدير لإدارة نادي المحرق، ونتمنى أن تحذو بقية الأندية حذو نادي المحرق في مثل هذه القرارات التربوية التي تصب في مصلحة تنشئة الأبناء على القيم الإسلامية والوطنية بما يتناسب وقيم ديننا الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا التي نشأنا عليها.

* مهما تقدم المرء في عمره، فهو لن يبخل بالدعاء لمن كان لهما الفضل من بعد فضل الله تعالى أولاً في تنشئته وتربيته ووصوله إلى ما هو عليه.. ومهما كبر المرء.. فسيظل يدعو لوالديه ويتأثر كلما ذكرهما أو ذكرت سيرتهما له.. «وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً». هذا ما تأثر به عمي الغالي «أحمد» في لقائنا الشهري للعائلة الكريمة، حيث بكى عندما ترحم على والديه «جدي وجدتي رحمهما الله».. فالفضل لله تعالى أولاً ثم لجدي الحبيب رحمه الله الذي أسس هذه العائلة وها هي اليوم تمتد هي وبقية عوائلنا العريقة بفضل الله تعالى امتداداً تواصلياً جميلاً، ما زلنا نحافظ عليه ونعلم الأبناء أن يتواصلوا ويصلوا أرحامهم ويختلطوا بالكبار فهم القدوة والأثر في حياتنا، وهم من يتعلموا منهم «سنع الحياة». اللهم ارحم والدينا كما ربونا صغاراً، اللهم نور قبورهم بنور الإيمان واجمعنا بهم في مستقر الجنان، وأطل في أعمار من كان منهم حياً وأعمال أعمامنا وإخواننا وأخواتنا وأبقهم يا رب ذخراً وسنداً في حياتنا، واجعل أبناءنا قرة عين لنا في الدارين.

* هناك بعض المواقف المؤثرة في حياتك، التي لا تتعمد صناعتها ولا تتعمد أن ترسم السيناريو الخاص بها، لأنها مواقف تجبرك أن تكتب بعض سطورها وأنت تتألم.. بالفعل هي مواقف مؤلمة لقلبك ومشاعرك لأنك لم تعد تتحمل كما في السابق.. فالذي سيبقى في حياة البشر «المحبة» وأحاسيس التواصل والدعاء، وهذا ما يجمع المتآخين في الله تعالى.. فالمولى عز وجل ينادي يوم القيامة: «أين المتحابين في الله، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي». ويقول الله عز وجل في الحديث القدسي: «المتحابون في الله لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء». وقال سبحانه: «حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتباذلين في، وحقت محبتي للمتواصلين في». هذه المواقف وأمثالها نشهدها في كل عمل يودع زملاء العمل أحد زملائهم بعد أن قرر أن يرتاح ويتقاعد وينتقل إلى حياة عطاء أخرى من حياته.. حينها تعجز الكلمات أن تعبر.. وتعجز المشاعر أن تتحمل.. فهي سنوات جميلة مضت في العطاء وبذل الخير وتحمل كل أنواع التعب.. ولكن.. تبقى المحبة في الله، والأرواح المتآلفة، والدعوات الصادقة في ظهر الغيب.. بارك الله فيهم ووفقهم إلى ما يحبه ويرضاه.

* في أحيان كثيرة قد تتخذ بعض القرارات التي تراها مناسبة من أجل أن تحظى بسعادة نفسية وهناء وسرور وارتياح قلبي، لأنك لم تعد تتحمل المزيد من العناء والمشقة جراء المعاملات الحياتية المستمرة مع الآخرين، والتي تتفاوت فيها النفوس في تعاملها معك. مثل هذه القرارات يجب أن ترتبط برضا الله تعالى أولاً، وترتبط بصفاء قلبك ونقاوته وتصالحه مع الناس ومحبتهم لهم، فإن الذي يعين المرء على السير بنجاح في دروب الخير، إنما هو صفاء قلبه وأريحية نفسه وسعادته الدائمة ونظراته المتفائلة للحياة وحبه للخير ورفعه لشعار «التسامح والتغافل» فهو الشعار الأمثل لراحة النفس.. المرء بحاجة دائمة أن يجدد حياته بمثل هذه المفاهيم، لأنه أولاً وأخيراً سيجد نفسه بين يدي «المحبة الغامرة» التي تجمعه مع كل أحبابه مهما مرت السنوات.. فالأصيل هو من يرفع شعار السلام الداخلي ليفوز براحة قلبية مرتبطة بحب الله تعالى وحب ما أعده للأصفياء والأتقياء من عباده. جعلنا الله منهم وكتب لنا الفوز بالفردوس الأعلى من الجنة.

* ومضة أمل:

فصول العطاء تتجدد في كل يوم من أيام المرء.. فاحرص أن تكون فيها وفياً لكل شخوصها حتى يبقى أثرك الجميل في حياتهم مهما مرت السنوات.