يحسب دائماً لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، تدخله السريع في القضايا التي يرفع الناس رؤاهم وشكواهم بشأنها، والتي تتحدث بها الصحافة وكذلك النواب.

موضوع فواتير الكهرباء، موضوع لا يستثني أحداً من المواطنين من ناحية التأثر بما يحصل بشأن ارتفاع الفواتير، وبما كشف أخيراً عن مسألة وجود خلل في عملية احتساب التعرفة بحسب فئاتها وتباين الدعم الحكومي بشأنها، فإن التحرك الحكومي بتوجيهات سمو ولي العهد أمر ولد رد فعل إيجابي كبير لدى المواطنين.

توجيهات سموه حددت أطراً واضحة وصريحة للعمليات التي يجب أن تتم، وهي على النحو التالي:

أولاً: احتساب فواتير هذا العام لحسابات المواطنين بـ «المسكن الأول»، لأشهر يونيو ويوليو وأغسطس وفق فواتير نفس الفترة العام الماضي، إذا كانت أقل من السنة الحالية.

ثانياً: التأكد من عدم وجود خلل بما في ذلك النواحي الفنية والتقنية والإجرائية، بالنسبة للأفراد والمؤسسات.

ثالثاً: التحقق من عدم وجود تدخلات سيبرانية أثرت على منظومة الفوترة بهيئة الكهرباء والماء.

رابعاً: التأكد من عدم استغلال حسابات الأفراد لصالح المؤسسات التجارية من خلال تمديدات مخالفة للأنظمة والقوانين.

ولم يكتف سموه بهذا الأمر، بل وجه ديوان الرقابة المالية والإدارية بالتحقيق في آلية احتساب فواتير الكهرباء والماء، للوقوف على أسباب الزيادة غير المعتادة في مبالغ الفواتير، وهو الأمر الذي بدأه ديوان الرقابة عبر فريق عمله منذ يوم أمس.

هنا نشكر سمو ولي العهد على هذا التفاعل القوي، والتوجيهات الواضحة، وثقتنا كبيرة بالأمير سلمان، فكما عودنا هو «ميزان للعدالة»، ورجل لا يقبل بالظلم ولا يرضى بالنواقص والأخطاء، ويثبت دوماً بأن صوت المواطن مسموع لديه.

الأسئلة المطروحة كثيرة، وهو ما نتمنى أن يصل ديوان الرقابة والمالية إلى إجاباتها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، هل السبب في ارتفاع الفواتير الاعتماد على القراءات التقديرية؟! أم عدم الإلتزام بطريقة احتساب سقوف الشرائح بوجوب الانتقال للتسعيرة التالية بعد «استنفاذ» سقف التسعيرة الأولى؟!

ما يحصل أثر على حياة الناس، وعلى التجار، وعلى الاستثمار، وعلى تأجير العقار، فالمبالغة في بعض الرسوم أمر قد يؤدي لتداعيات خطيرة.

كانت الناس تبني عمارات أو تؤجر شققاً، واليوم المستأجرون يخرجون منها بسبب الكهرباء، فتهاوت أسعار تأجير العقار.

أحدهم وضع مكافأة التقاعد على قرض من البنك واشترى عمارة صغيرة فيها 10 شقق، وكان مدخوله الشهري 3 آلاف دينار، بواقع 300 دينار للشقة، يذهب منها 1000 دينار لقرض البنك. وبفضل زيادة تعرفة الكهرباء خرج أربعة مستأجرين وطالبه البقية بتخفيض الإيجار إلى 150 دينار وإلا فإنهم سيخرجون ويبحثون عن شقق أرخص وتتضمن تكفل صاحب العقار بدفع الكهرباء.

«تمكين» تسهل للناس عملية افتتاح مشاريع صغيرة ومتوسطة، لكن فواتير الكهرباء فرضت على بعضهم إغلاقها بعد فترة لعدم تغطية الإيرادات للتكاليف. محلات يغلق أصحابها في مجمعات كبيرة، أو في الأسواق أو الشوارع التجارية في بعض المناطق، والسبب المبالغة في فواتير الكهرباء. تقول واحدة من أصحاب المحلات: «كانت فاتورة محلي تصل إلى 60 ديناراً في «عز الصيف» واليوم تصل لقرابة 500 دينار»!

رفع الرسوم على بعض الخدمات «قاتل»، وما يحصل اليوم بسبب الكهرباء يتأثر به المواطن بشكل صريح، وكذلك يؤثر على الاستثمارات والعقارات والمشاريع، ويبدو أننا في حاجة لدراسة تجارب بعض الدول التي تقدم خدمات الكهرباء والمياه بأسعار معقولة أو رمزية، أقلها لنقارب في آلياتنا ولنخدم المواطن ونقلل المصاريف عليه، إذ المشكلة أن كل شيء في ارتفاع، كهرباء وماء، رسوم متنوعة، رسوم المدارس الخاصة، المحروقات وغيرها، وفي النهاية المعاناة تطال في مقام أول المواطن.

نأمل أن تكون توجيهات سمو ولي العهد بداية عمليات تصحيح لأخطاء إن وجدت، وتأسيساً لمفهوم لابد أن يرسخ لدينا بشأن الخدمات، وهو التسهيل على الناس.