* تحتار أن تكتب أحياناً عن تلك المشاعر التي اعتدت أن تبثها في سطور مقالاتك، أو تلك المواقف المؤثرة التي مرت بك وأثرت في أحاسيسك، أو تلك التي يتحدث عنها المجتمع وأضحت لسان حاله.. الحيرة مصدرها اختلاط المشاعر، أو تردد الحروف أن تلامس شغاف القلوب بكلماتها ذات الأثر.. تسأل نفسك ما هو مصدر التردد.. لربما ضغوط حياتية محددة ألمت بك وغيرت من خواطر نفسك.. وهل يا ترى هي تلك الضغوط الحياتية المزمنة التي لا تجد لها أحياناً حلولاً ناجعة؟ وهل يحق للنفس السعيدة المرنة أن تفكر بهذا الأسلوب في كل الأحيان أنت سيد نفسك وأنت من تستطيع أن ترتقي بمزاجك وتسير الأمور بكل أريحية وبرحابة صدر حتى تكون مصدر إلهام في حياة الآخرين.. وهي نفسها سطور المقالات.. أنت من تجعلها هادئة وأحياناً صامتة يلامس مفهومها شغاف القلوب بلا تعب.. واللبيب بالإشارة يفهم.

* طريق الأجور الخالدة طريق ممتع بحاجة ماسة إلى نفوس صادقة همها الوصول إلى قمم المعالي، وتسعى لأن تكون الأول في كل ميدان تصنع فيه أجمل الأثر، وتقتنص كل فرصة من أجل أن تظفر بأجور الآخرة في دنيا فانية سريعة الانقضاء. لذا فإنه من الأصوب أن يهتم المرء بأن يكون سباقاً في عمل الخيرات، متواجداً في كل ميدان همه رضا الرحمن وإسعاد نفسه والإحساس بقيمة عمله. إنها نفوس الآخرة التي لا تبتغي من الآخرين جزاء ولا شكوراً، ولا تقدم مصالح النفس وتوافه الدنيا على أجور الآخرة.

* قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب». وقال تعالى: «وقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً». وكان عليه الصلاة والسلام يستغفر في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة وفي رواية أكثر من مائة مرة. فعندما تشتد على المسلم أمور الحياة، ويهمه أن تنفرج أموره، وتتحقق آماله وتزول عقبات الطريق أو حتى يزداد قلبه طمأنينة وراحة واستقراراً، تراه يترنم لسانه بالاستغفار وذكر الرحمن، ويطيب قلبه بذكر الرحمن وتطهير النفس من أدران الحياة.. فكم نحن مقصرون!!

* تتحين بعض الفرص مع بعض الشخصيات المؤثرة في حياتك والتي جمعتك معهم أجمل لحظات الحياة، وجمعتك معهم ميادين الطاعات ومازالت.. تتحين هذه الفرص لتستذكر تلك المواقف الجميلة التي جملت الحياة بمواقف البذل والعطاء، وتتحاور في شجون الحياة وتتبادل الخبرات الحياتية لتستفيد وتفيد وتجدد نفسيتك لتواصل العطاء في مضمار الحياة بهمة عالية، وتحذر من الانجراف مع تيارات الحياة المتعبة. حقيقة أشتاق لمثل هذه المواقف وبخاصة تلك التي تجمعك مع الأحباب ومع رفاق الطريق في خدمة ضيوف الرحمن، فهم يأخذون بيدك في طريق جميل تستلهم منه أجمل المواقف وتجدد من إيمانك وعطائك في الحياة، فضلاً عن إزالة كل ترسبات النفس الحياتية العالقة لبعض مواقف الحياة العابرة. هي الحياة تجربة متجددة في محافل الخير والعطاء.

* احذر أن تدير مواقف الحياة بمزاجك، أو تدير مجالات العمل بأهوائك وتقلبات حياتك أو علاقاتك مع الآخرين، حينها ستجد نفسك في مواجهات صادمة مع كل من يحيط بك، لأنك غير مستقر نفسياً في إدارة المواقف وفي صنع القرار السليم. في كل ميادين الحياة يبقى العمل المؤسسي واجهة أساسية في إدارة الأعمال بمختلف مسمياتها، فإن حصل الخلاف يرجع فيه إلى النظام المؤسسي المبني على الأنظمة وليس على الأفراد. وهذا الأمر ينطبق تماماً على صنع الفكرة الإبداعية وبذر بذور الخير والصدقة الجارية، فهي مبنية أيضاً على عمل مؤسسي لا يتأثر أبداً برحيل أي موظف أو قائد، لأن من رحل بلا شك قد أسس عملاً مؤسسياً منظماً وفق إجراءات واضحة ودليل عمل دقيق، ومن ثم سيواصل من بعده العمل بنفس الصورة الجميلة التي بناها من سبقه، وسيطورها ويهتم بها بصورة متميزة. لذا لا تتشبث بفكرتك التي تم تنفيذها ومع مرور الأيام تعتقد أنك الأفضل في إدارتها وإن رحلت إلى مساحات حياتية أخرى.. وتزعم أنك الرقم الصعب في العمل لا ينجح ولا يتطور إلا بك، بل لا تتيح فرصة لغيرك لممارسة العمل.. يكفيك فخراً أنك بذرت الخير وأسست الميدان وسيقوم غيرك بالاستمرار فيه وحمل الراية ومواصلة العطاء والتطوير. مفهوم نحتاج أن يعيه كل مهتم بتطوير العمل وزرع الأثر.

* جميل جداً أن تجتمع الخبرات الحياتية الناضجة مع الأفكار الشبابية المبدعة، وأحياناً الخبرات الحياتية المبدعة مع الحماس الشبابي. فبات الزمان الذي نعيشه يهتم بإبراز الأسماء الشبابية اللامعة في محيط الحياة، وأن تيسر وطلب منهم الاستشارة ودمج الخبرات قامت الدنيا ولم تقعد. في السابق نضجت الأجيال بمثل هذا التشارك الحياتي الجميل، وأضحت أسماء مقدرة في سماء الأثر.. اليوم تتسرع الأجيال في الوصول للقمة، ولم تفقه أن الصعود يحتاج إلى حكمة وروية وتأنٍ ودراسة الواقع وخبرة من سبقهم للصعود.

* عندما يراجع أحدنا نفسه يجد أنه أضحى مدمناً لوسائل التواصل الاجتماعي دون أن يحس، أو بالأحرى أصبح مدمناً لاستخدام الهاتف بدون مبرر وبلا احتياج.. فأحياناً تمسك الهاتف ليس لحاجة بقدر أنها تحولت إلى عادة مزمنة!! في المقابل بإمكانك أن تستثمر هذه الأوقات أو الساعات في أمور أخرى ذات أهمية، وفي مقدمتها قراءة القرآن الكريم أو قراءة كتاب أو سماع مقطع يوتيوب نافع أو صلة رحم غبت عن أنظارها طويلاً، أو جلسة عائلية ممتعة.. نستطيع أن نغير ونرتقي بأوقاتنا لأننا سوف نسأل عنها، ولأن الحياة القصيرة تضع على كاهلنا مسؤولية جسيمة في تقديم الخير قبل أن ينقطع العمل من الدنيا.

* ومضة أمل:

القلب الطيب الصافي هو قلب يعي حقيقة الحياة وكيف يتعامل مع أنماط البشر.. هو قلب يتفكر في مآله ومصيره.. ثم يترك أثره في قلوب كل محبيه حتى يكتبوا عن «قلبه الطيب».